دولة متذمرة، غاضبة، خائفة، منقسمة، ومليئة بالغضب تحتفل بعيد استقلالها. دولة دون حدود، لها رجل عالقة في حلق شعب آخر تحتفل بنجاحها بلوغ سنتها الـ 67.
يوم الاستقلال هو يوم عيد اسرائيلي، عيد يهود إسرائيل. وكأنه كان عيدا دينيا، حيث إن الدولة المستقلة ما زالت تدير «حربا وجودية» ضد حوالي 20 بالمئة من مواطنيها.
رغم أن هذه الدولة حظيت باعتراف دولي، فانها تتصرف وكأنها ما زالت مرشحة لاعتراف كهذا، وكأن المجتمع ذاته الذي صادق على استقلالها يمكن أن يلغي اعترافه بها أو المس بسيادتها.
في كل مرة تخترع إسرائيل اختباراً جديداً، من اجل فحص إخلاص ذلك المجتمع الدولي لقراره.
على سبيل المثال رفض وجود دولة فلسطينية هو اختبار عالمي للاعتراف بحق وجود إسرائيل، أي يمكن القول إن من يدعم قيام دولة فلسطينية فانه تلقائيا ينفي حق وجود اسرائيل. فليكن ذلك، إن أغيار العالم هم تلقائيا متهمون بكراهية إسرائيل. ولكن هذا ايضا امتحان لليهود في البلاد وفي العالم. هنا السيف يفصل بين عالمين، إن دعم استقلال فلسطيني ينفي صفة صهيوني عن اليهود الاسرائيليين وعن اليهود غير الإسرائيليين في الوقت ذاته. ومن هو غير صهيوني تقرر الدولة أن يهوديته معيبة.
حيث إن الصهيونية هي اساس اليهودية السياسي، وبدونها ليس هناك مبرر لوجود دولة يهودية ككيان قومي وليس كيان ديني.
لكن اسرائيل لا تكتفي فقط بتجسيد الحلم الصهيوني، هي تسعى لتكون دولة ملجأ ليهود العالم. المشكلة هي أنه بمجرد تعريفها كدولة صهيونية، فانه فقط اليهود الصهاينة يستطيعون أن يروا في اسرائيل دولة ملجأ.
يهود فرنسا، الولايات المتحدة، وبريطانيا الذين يتبنون ارض مواطنتهم كمحل هويتهم الأول، واحيانا الوحيد، يعتبرون غير صهيونيين وتلقائيا غير اسرائيليين، وكأنهم يزعزعون مبرر وجود دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي.
إن التناقض الكامن في هذه المعادلة هو أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحتاج الى اعتراف مزدوج، الاعتراف الدولي أصبح في جيبها، أما اعتراف الشعب اليهودي – فجزء منه لم يكتشف بعد الضوء الصهيوني. هذا التناقض موضوع كحجر رحى على عنق كل يهودي يسكن خارج اسرائيل، سواء أكان يهوديا «ترك البلاد» أو يهوديا لا ينوي «الهجرة الى البلاد».
كل منهما خائن لفكرة الدولة اليهودية. هو يقضم ليس فقط الاساس الديمغرافي المطلوب من اجل الحفاظ على اغلبية صهيونية في اسرائيل، بل هو ايضا يحتج ويستأنف على مبدأ «دولة الملجأ» وعلى ذات الادعاء، الذي وفقا له فان اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي فيها يستطيع اليهود تجسيد يهوديتهم. وإلا فما هو المبرر لدولة ملجأ اذا كان زبائنها المحتملون يديرون لها ظهرهم.
عقدة الهوية هذه ترافق مع الدولة منذ اقامتها. وهي التي تؤجج الاضطهاد الذي لا يعرف الشبع، ذلك الاضطهاد الذي تديره بعد الاعتراف بمبرر وجودها. ولكن بالضبط هذا الاضطهاد يغذي الشك. هل دولة غير واثقة من هويتها تستطيع أن تعتبر مستقلة؟ هل دولة شعب لا تنجح في اقناع اغلبية الشعب للسكن فيها تستحق أن تُعرف نفسها كدولة ملجأ وبناءً على ذلك أن تبني مبرر وجودها المستقل؟.
في أي دولة اخرى لا تثور هذه الاسئلة. لأن الدول المستقلة هي دول مواطنيها، كل مواطنيها، وكذلك لاولئك الذين أصلهم العرقي أو الديني مغروس في اماكن اخرى، وفي مقابلها فان دولة تربط حق وجودها بولاء يهود مواطنين دول اخرى، ستجد صعوبة في اقناع نفسها باستقلالها. ستبقى الى الأبد تشكك في قدرتها على تجسيد حلمها.
استقلال إسرائيل سيُستكمل في اللحظة التي توافق فيها على الاعتراف باستقلال يهود الشتات، بحقهم في تقرير أين يعيشون وتكتفي بكونها دولة الاسرائيليين، أولئك الذين يعيشون داخل حدودها السيادية التي اعترف بها المجتمع الدولي.
عن «هآرتس»
يوم الاستقلال هو يوم عيد اسرائيلي، عيد يهود إسرائيل. وكأنه كان عيدا دينيا، حيث إن الدولة المستقلة ما زالت تدير «حربا وجودية» ضد حوالي 20 بالمئة من مواطنيها.
رغم أن هذه الدولة حظيت باعتراف دولي، فانها تتصرف وكأنها ما زالت مرشحة لاعتراف كهذا، وكأن المجتمع ذاته الذي صادق على استقلالها يمكن أن يلغي اعترافه بها أو المس بسيادتها.
في كل مرة تخترع إسرائيل اختباراً جديداً، من اجل فحص إخلاص ذلك المجتمع الدولي لقراره.
على سبيل المثال رفض وجود دولة فلسطينية هو اختبار عالمي للاعتراف بحق وجود إسرائيل، أي يمكن القول إن من يدعم قيام دولة فلسطينية فانه تلقائيا ينفي حق وجود اسرائيل. فليكن ذلك، إن أغيار العالم هم تلقائيا متهمون بكراهية إسرائيل. ولكن هذا ايضا امتحان لليهود في البلاد وفي العالم. هنا السيف يفصل بين عالمين، إن دعم استقلال فلسطيني ينفي صفة صهيوني عن اليهود الاسرائيليين وعن اليهود غير الإسرائيليين في الوقت ذاته. ومن هو غير صهيوني تقرر الدولة أن يهوديته معيبة.
حيث إن الصهيونية هي اساس اليهودية السياسي، وبدونها ليس هناك مبرر لوجود دولة يهودية ككيان قومي وليس كيان ديني.
لكن اسرائيل لا تكتفي فقط بتجسيد الحلم الصهيوني، هي تسعى لتكون دولة ملجأ ليهود العالم. المشكلة هي أنه بمجرد تعريفها كدولة صهيونية، فانه فقط اليهود الصهاينة يستطيعون أن يروا في اسرائيل دولة ملجأ.
يهود فرنسا، الولايات المتحدة، وبريطانيا الذين يتبنون ارض مواطنتهم كمحل هويتهم الأول، واحيانا الوحيد، يعتبرون غير صهيونيين وتلقائيا غير اسرائيليين، وكأنهم يزعزعون مبرر وجود دولة إسرائيل كدولة للشعب اليهودي.
إن التناقض الكامن في هذه المعادلة هو أن اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي تحتاج الى اعتراف مزدوج، الاعتراف الدولي أصبح في جيبها، أما اعتراف الشعب اليهودي – فجزء منه لم يكتشف بعد الضوء الصهيوني. هذا التناقض موضوع كحجر رحى على عنق كل يهودي يسكن خارج اسرائيل، سواء أكان يهوديا «ترك البلاد» أو يهوديا لا ينوي «الهجرة الى البلاد».
كل منهما خائن لفكرة الدولة اليهودية. هو يقضم ليس فقط الاساس الديمغرافي المطلوب من اجل الحفاظ على اغلبية صهيونية في اسرائيل، بل هو ايضا يحتج ويستأنف على مبدأ «دولة الملجأ» وعلى ذات الادعاء، الذي وفقا له فان اسرائيل هي الدولة الوحيدة التي فيها يستطيع اليهود تجسيد يهوديتهم. وإلا فما هو المبرر لدولة ملجأ اذا كان زبائنها المحتملون يديرون لها ظهرهم.
عقدة الهوية هذه ترافق مع الدولة منذ اقامتها. وهي التي تؤجج الاضطهاد الذي لا يعرف الشبع، ذلك الاضطهاد الذي تديره بعد الاعتراف بمبرر وجودها. ولكن بالضبط هذا الاضطهاد يغذي الشك. هل دولة غير واثقة من هويتها تستطيع أن تعتبر مستقلة؟ هل دولة شعب لا تنجح في اقناع اغلبية الشعب للسكن فيها تستحق أن تُعرف نفسها كدولة ملجأ وبناءً على ذلك أن تبني مبرر وجودها المستقل؟.
في أي دولة اخرى لا تثور هذه الاسئلة. لأن الدول المستقلة هي دول مواطنيها، كل مواطنيها، وكذلك لاولئك الذين أصلهم العرقي أو الديني مغروس في اماكن اخرى، وفي مقابلها فان دولة تربط حق وجودها بولاء يهود مواطنين دول اخرى، ستجد صعوبة في اقناع نفسها باستقلالها. ستبقى الى الأبد تشكك في قدرتها على تجسيد حلمها.
استقلال إسرائيل سيُستكمل في اللحظة التي توافق فيها على الاعتراف باستقلال يهود الشتات، بحقهم في تقرير أين يعيشون وتكتفي بكونها دولة الاسرائيليين، أولئك الذين يعيشون داخل حدودها السيادية التي اعترف بها المجتمع الدولي.
عن «هآرتس»