يرى البعض ممن أُغشي على أبصارهم وأُعمي على بصيرتهم أن الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنيه أكبر من فتح ويتساءل أولئك إذا ما كان قادة الجناحين المتصارعين داخل فتح، يوافقونهم الرأي بهذا الشأن ولو من باب المجامله أو ذر الرماد في العيون. أو على الأقل إذا ما كان موضوع القضيه الوطنيه ذاك يمتلك ولو أدنى فرصه لاحتلال ولو أضيق حيز ضمن قائمة المواضيع التي يفترض أن الطرفين يختلفان بشأن المواقف والخطط تجاهها. وإذا كانت جميع الوسائط والعوالم السمعيه والبصريه والورقيه والاجتماعيه والافتراضيه تفشل في تقديم دليل على ذلك، فإن ذاك البعض المذكور أعلاه والذي لايزال يرى أن الشعب الفلسطيني أهم من فتح يستغرب أن ينحصر موضوع هجوم كل من الطرفين على الآخر في اتهامه بالشخصنه والانتقاميه والكيديه والإقصاء. أي أن الأشخاص الذين هنا يهاجمون الأشخاص الذين هناك بأنهم ينتقمون من ويكيدون ل ويقصون الأشخاص الذين هنا.
رغم أن الشعب الفلسطيني بات يواجه الآن، لا خطر الخروج من التاريخ والجغرافيا فحسب، بل الخروج من الديموغرافيا أيضاً، وبهذا انزلقت قضيته الوطنيه إلى حدود مواجهة تحدي الحفاظ على هوية الكتله الوطنيه قبل الخوض في أية أحاديث حول الحقوق، إلا أن مرد ذلك بالأساس يرجع إلى انحسار اهتمام الفلسطينيين بقضيتهم الوطنيه وخروجهم التدريجي من دائرة التفاعل، مبدئياً إلى حيز التعليق وصولاً إلى عدم الإكتراث النهائي.
الفلسطينيون يفقدون الأمل، لا لانعدام آفاق ما يمكن أن تقدمه الحاله الراهنه، بل لأنهم لايرون البدائل. وعليه فإن من يريد أن يأخذ بزمام المبادره وأن يقدم نفسه قائداً للفلسطينيين في ما هو آتٍ من مسيرتهم، عليه أن يقدم لهم ما يعيد انتاج الأمل. أي عليه أن يقدم بشكل محدد رؤيته و برنامجه وخططه في صلب الموضوع الوطني، لا في هجاء الآخر. إذا خرجت تلك القياده من بين صفوف فتح، سيكون من شأن ذلك فقط أن يمنح تلك الآخيره الفرصه لتجديد التأكيد على أنها مازالت عمود خيمة الوطنيه الفلسطينيه، والأمر على أية حال سيان بالنسبة للفلسطينيين، فهم لايولون أهمية بالغه لهوية العمود.
قلة من الفلسطينيين (ثلاثة آلاف شخص بحساب أعضاء مؤتمر فتح الرابع عشر، السابع والسابع الموازي حين يعقد) هي من لازالت تبني تأييدها لطرف تأسيساً على كره الآخر له أو لكرهها هي له. بينما الغالبيه الساحقه هي تلك التي فقدت الأمل نتيجة لما آلت إليه الأمور وهي التي تعي تماماً أنها لايمكن أن تولي ثقتها لأطرافٍ تعتبرها جزءاً من مسؤولية الخراب سواءاً بالفعل المباشر أو بانعدام الفعل.
تلك الغالبيه الساحقه مستعده فقط للالتفاف حول برنامج وطني عملي محدد، لا حول كاريزما أو نجم.
الشعب الفلسطيني ليس جمهور مباراة ملاكمه.