الجاليات الفلسطينية في أوروبا .. دورٌ منتظر!!

سميح شبيب
حجم الخط

ازداد عدد الجاليات الفلسطينية في أوروبا، بعد الأزمة السورية الاخيرة، التي لا تزال فصولها تتوالى، لتحمل المزيد من اللاجئين الفلسطينيين في سورية على الهجرة باتجاه الدول الاوروبية.
في الازمات السابقة، شهدت حركة الهجرة موجات متتالية، كان اولها بعد احداث أيلول في الاردن، ١٩٧٠، وكانت الوجهة الرئيسة الى السويد، وتلاها من حيث العدد موجة هجرة في العام ١٩٨٢ - ١٩٨٣، بعد الاجتياح الاسرائيلي لبيروت، وما تلا ذلك من حرب المخيمات .. عملياً لم تنقطع موجات الهجرة الفلسطينية، إلى اوروبا، ولكن آخرها كان الأوسع والأشمل.
لعل قراءة اولية، لأعداد الجاليات الفلسطينية في اوروبا، خاصة الاسكندنافية منها، سيجد نفسه امام صدمة حقيقية، خاصة فيما اذا توافرت احصاءات وحقائق رقمية، حول تصنيفات هذه الجاليات، من حيث الكفاءات والقدرات، العلمية والخبرات، والانتماءات السياسية والنقابية.
هنالك الآلاف من الجاليات الفلسطينية في اوروبا، وسبق لتلك الجاليات، ان دخلت صراعات فيما بينها، انعكاساً لما شهدته الحالة الفلسطينية، في الضفة والقطاع، وعانته من حالات انشقاق داخلي وصراع، لم تؤد تلك الصراعات الى ايذاء الجاليات، وتنفيرها وابعادها عن الخط الصحيح.
ما يستوجبه وضع الجاليات الفلسطينية في اوروبا، يمكن ايجازه وتلخيصه بالنقاط التالية:
* ايجاد تواصل، فيما بين ابناء الجالية في البلد الواحد اولاً، وهذا التواصل، هو تواصل اجتماعي وثقافي اولاً، يكفل ايجاد خيط وطني يربط فيما بينهم.
* بذل الجهود لايجاد سبل التواصل فيما بين ممثلي الجاليات في الدول الاوروبية.
* خلق هيئات شعبية، مركزية، تعمل على التبادل الثقافي فيما بين الجاليات، ويكفل ذلك شكلاً من اشكال المؤتمرات السنوية، يحضرها ممثلو الجاليات للبحث في سبل وجودهم كفلسطينيين في اوروبا وما يمكن القيام به وفق المعطيات التي يعايشونها.
* الاعتماد اولاً وقبل أي شيء، على القدرات الذاتية للجاليات الفلسطينية دون انتظار مساعدة من اية جهة كانت، وفي حال توافر تلك المساعدة، فإن ذلك سيشكل عاملاً مساعداً ليس إلاّ. والاعتماد هنا، متعدد الوجوه، ولعل اولها المساعدة المالية، التي يمكن توافرها عبر اشتراكات لا تزيد على يورو واحد، عن كل فرد، شهرياً.
* هنالك وسائل التواصل الاجتماعي، وما توفره من قدرات تكنولوجية، كفيلة بتحقيق التواصل والتقارب، وايجاد النقاط المشتركة، فيما بين الجاليات الفلسطينية في أوروبا.
* قد تتمكن م.ت. ف وفصائلها من توفير بعض المستلزمات والوسائل لبلورة نشاطات الجالية الفلسطينية، في هذا البلد او ذاك، على ألاّ تشكل المنظمة وفصائلها محاور من شأنها افساد نشاط الجاليات وتشتيت جهودها.
لعله من نافلة القول إن الجاليات الفلسطينية في اوروبا، باتت قوة لا يستهان بها، لكنها وفي حالتها الراهنة معرضة للضياع والتشتت، بل الى اخطر من ذلك بكثير.
المسؤولية تقع، على عاتق الجاليات نفسها، اولاً وقبل اي شيء آخر، ولا يمكن تحميل المسؤولية، لا للمنظمة ولا للسلطة الوطنية الفلسطينية.
لا شيء يحول دون، ان تبذل الجاليات نفسها، وعبر نشطائها جهوداً ذاتية، للحفاظ على كيانات، هي قادرة على خلقها وتأطيرها، وعلى بقاء تلك الجاليات، في الاطار الوطني العام، وهنالك من المقومات، ما يكفل النجاح، وهنالك من الخبرات، ما يكفل الابقاء على هذه الجاليات ضمن الاطار الوطني العام، وعلى ان تشكل خزاناً لا يستهان به مستقبلاً، في الحفاظ على الكيانية الوطنية الفلسطينية.