نشر بعض أهم حاخامي الصهيونية الدينية نداء للجماهير، "للمجيء إلى عمونة، الآن، للاعتراض على هدم البلدة". لندائهم وجهان: تجاه السماء، من أجل الصلاة لنجاح البلدة؛ وذلك لأن "الصلاة التي تخرج من القلب لا ترد خائبة"؛ وتجاه الانسان للتواجد في المكان "للإعراب عن احتجاج قاطع... من خلال المقاومة السلبية وبلا عنف".
ظاهراً يبدو هذا نداء مشروعاً، يجسد الحق الديمقراطي المهم للتظاهر ضد قرار للحكم في إطار حرية التعبير المحفوظة لكل مواطني الدولة.
وبين عشرات الموقعين على المنشور أيضا حاخامون لديهم التزام بالجهات الرسمية وسلطة القانون، وقد سبق أن ثبت ذلك في الماضي ولا مجال للتشكيك فيه. ولكن الذكي عيناه في رأسه، ومن المسموح بل من الضروري ان يتأكد مضمون ومعنى هذا النداء.
الحاخامون ليسوا فقط شخصيات عامة وشخصيات روحية، بل أيضا زعماء دينيون، وبصفتهم هذه فان لاقوالهم صدى خاصا في جمهورهم. فهم يتمتعون بحضور ليس لزعماء آخرين – سياسيين، مهنيين أو ثقافيين – حيث إن بعضا من المستمعين إلى صوتهم يولون لأقوالهم قدسية ما.
فنداء الحاخامين، وبالتأكيد حين يدور الحديث عن مجموعة محترمة بهذا القدر، يعتبر لدى الجماهير المختلفة كقول الحقيقة ببساطة، على هذه الخلفية يثور تخوف مزدوج، ديمقراطي وديني.
يبدو أنه من أجل توسيع دائرة الحاخامين الموقعين غابت عن النداء جملة حرجة تقول صراحة بالقبول غير المشروط للحسم الديمقراطي وخسارة ان هكذا. فإلى جانب الحرية الكاملة في الاحتجاج، يفترض بالمربين الدينيين – الصهاينة أن يبرزوا التزامهم الكامل بالسماح للدولة بتنفيذ القرارات التي اتخذت بطريقة شرعية من زاوية نظر النظام.
وبغياب قول كهذا يثور التخوف بأن يكون النداء للجماهير للمقاومة بشكل سلبي ضد هدم المستوطنة موجهاً عمليا لمحاولة منع تنفيذ القرار أو للأسف لجباية ثمن يكوي الوعي الوطني لمنع إمكانية تنفيذ إخلاءات إضافية.
وإذا كانت هكذا هي الحال، فان المنشور هو عصف ديمقراطي؛ إذ يحاول منع مسيرة منظمة لاتخاذ القرارات الوطنية.
واذا لم يكن الأمر كذلك فيجدر أن يقال هذا صراحة.
وفي السياق الديني: وكما يذكر فانه في الفترة التي سبقت اخلاء غوش قطيف قال بعض الحاخامين، وليسوا بالذات الهامشيين بينهم، ان فك الارتباط لن يتحقق. وفي نظرة الى الوزراء، بعد الاخلاء، كان هناك من فسروا هذه الاقوال ليس كإعراب عن الامل فقط، ولكن عمليا، في الزمن الحقيقي أخذ الكثير من المستوطنين ذلك كاقرار حقيقة بأن الرب تعالى اسمه سيمنع الاخلاء.
وكان هذا رهانا فاشلا، ذا نتائج مأساوية لغير قليل من المؤمنين ممن خاب ظنهم.
وتحمل عائلات كثيرة من غوش قطيف على أجسادها احتراق الايمان، نتاج زرع أمل عابث باسم الرب.
وعليه، فان على الحاخامين الموقعين اليوم أن يوضحوا جيدا بأنه يجب ألا ينظر إلى ندائهم بأنه بمثابة وعد ديني بألا تخلى عمونة.
فالصيغة التي اختاروها بأن الصلاة لا ترد خطيرة ومضللة. نيتهم الطيبة، في تعزيز قلب المومنين وفي بلورة قوة إرادتهم قد تفسر مرة أخرى كتوقع للواقع باسم الدين. ومن أجل منع هذا الإخفاق الديني عليهم أن يوضحوا بأن نداءهم للصلاة لمنع هدم عمونة هو فقط ما هو: صلاة.
يذكر جيدا زعماء "الاحتجاج البرتقالي" الذين أوقفوا عشرات آلاف المتظاهرين ضد فك الارتباط على أسيجة كفار ميمون ومنعوا، ببطولة دينية وبمسؤولية ديمقراطية، حربا أهلية، مثلهم، الحاخامون الموقعون على المنشور الحالي مطالبون هم ايضا بأن يوضحوا نواياهم – الدينية والديمقراطية – في أن يقولوا ما قاله الحكماء: "البطل هو من يكظم غيظه".