تركيا تستكمل مصالحتها مع اسرائيل: إغلاق ملف "مرمرة"

1-109
حجم الخط

بعد ست سنوات ونصف من مجزرة سفينة "مرمرة" طلب الادعاء العام التركي من المحاكم المختصة في بلاده شطب الدعاوى التي كان تقدم بها ضد شخصيات قيادية سياسية وعسكرية إسرائيلية بهذا الشأن. ويأتي هذا الطلب استكمالا لخطوات المصالحة بين إسرائيل وتركيا، التي بدأت بالتعويضات وتواصلت بتبادل السفراء وتنتهي بالجانب القانوني بإلغاء الملاحقات للقادة الإسرائيليين الذين قرروا وشاركوا في اقتحام السفينة، ما أدى إلى مقتل عشرة من المتضامنين الأتراك مع الفلسطينيين في غزة.
وذكرت وسائل الإعلام التركية أن الإدعاء العام طلب من المحكمة التركية المختصة شطب الدعاوى التي كان تقدم بها ضد شخصيات إسرائيلية، بينها رئيس الأركان الأسبق الجنرال غابي أشكنازي وقائد سلاح البحرية أثناء العملية الجنرال أليعيزر ماروم. وكانت تركيا قد أعلنت أنها ستلاحق كل الضالعين في اغتيال النشطاء الأتراك الذين كانوا ضمن حملة دولية لكسر الحصار البحري الذي تفرضه إسرائيل على قطاع غزة.
وشكَّلت عملية اقتحام "مرمرة" وقتل المواطنين الأتراك ذروة تدهور العلاقات بين الدولتين اللتين كانتا الحليفتين الأقرب لبعضهما في المنطقة. وكانت تركيا في نظر إسرائيل تعتبر الحليف الثاني في أهميته بعد الولايات المتحدة، نظراً للتنسيق العسكري والأمني الذي كان قائماً بينهما، فضلاً عن أن الجيش التركي كان مستورداً كبيراً للخبرات والصناعات العسكرية الإسرائيلية.
وأثَّر توتر العلاقات التركية الإسرائيلية على منظومة العلاقات الإسرائيلية مع العديد من دول حوض البحر المتوسط. وقد حاولت إسرائيل إنشاء علاقة استراتيجية بديلة مع كل من قبرص واليونان، إلا أن هذه المحاولة لم توفر البديل. فاليونان وقبرص بحاجة لاستثمارات وهما لا تمتلكان أموالاً طائلة لشراء منتجات إسرائيلية، كما أن محاولة بلورة مشاريع في قطاع النفط والغاز والكهرباء بينهم لم تؤد إلى نتائج ملموسة. وبالعكس فإن التبادل التجاري والصناعي والسياحي بين تركيا وإسرائيل يشكل نسبة ملموسة في اقتصاد إسرائيل.
وعدا ذلك فإن واقع كون تركيا عاملاً هاماً في "حلف شمال الأطلسي"، فإنها وإسرائيل حليفتان بارزتان للولايات المتحدة في المنطقة، وقد لعبت الإدارة الأميركية دوراً فاعلاً في محاولة إصلاح العلاقة بين حليفتيها. وضغطت أميركا على كل من تركيا وإسرائيل للتوصل إلى اتفاق مصالحة، وهو ما تم ولكن بعد سنوات من الجهود التي شارك فيها الرئيس الأميركي باراك أوباما ونائبه جو بايدن شخصيا، وقد شكَّل التوتر في العلاقات بين هاتين الحليفتين عائقا أمام السياسة الأميركية في المنطقة عموماً وفي سوريا على وجه الخصوص.
وفي كل حال، فإن إسرائيل حددت سفيرها الجديد إلى تركيا إيتان نائيه الذي وصل إلى أنقرة، ومن المقرر أن يبدأ عمله قريبا. كما سيصل السفير التركي الجديد، كمال أوكوم، إلى تل أبيب في 12 من الشهر الجاري.
وسبق في أيلول الماضي أن تم الإعلان عن أن إسرائيل دفعت التعويضات المقررة والمتفق عليها، والبالغة حوالي 20 مليون دولار، لصندوق خاص أقيم لصالح المتضررين الأتراك من سفينة "مرمرة"، وذلك كجزء من اتفاقية تطبيع العلاقات التي أبرمت في حزيران الماضي. ومعروف أن عائلات الضحايا الأتراك لم يرق لها اتفاق التعويضات، وهدد بعضها بمواصلة ملاحقة إسرائيل في المحاكم التركية والأجنبية. لكن إسرائيل تحسبت لهذه المسألة وألقت بمسؤولية معالجة الدعاوى ضدها في تركيا على الحكومة التركية، التي سنت تعديلا قانونيا خاصا في البرلمان وأمرت، كما سلف، المدعي العام بسحب الدعاوى المرفوعة.
تركيا حققت أغلب اشتراطاتها على اسرائيل من أجل المصالحة، ما عدا شرط رفع الحصار عن غزة، إذ أصرت إسرائيل على مواصلة فرض هذا الحصار واكتفت فقط بتمكين أنقرة من إنشاء مشاريع تحلية مياه ومحطة كهرباء في القطاع، وأيضاً ضخ الأموال اللازمة لهذه المشاريع إلى مصارف تعمل في غزة.