الهجوم في دمشق: إسرائيل تمشي على حبل رفيع !

452554300
حجم الخط

الهجوم الذي حدث، فجر الأربعاء، قرب المطار العسكري في دمشق هو الثاني المنسوب لسلاح الجو الإسرائيلي في سورية خلال أسبوع.
وتنضم إلى تقارير الإعلام العربية أيضًا ادعاءات رسمية للنظام السوري و"حزب الله"، رغم أنه لا يبدو أنه يرافقها تأثر خاص.
ولكن ما أثار الاهتمام بشكل خاص هو ظهور وزير الدفاع الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أمام سفراء الاتحاد الأوروبي. تطرق ليبرمان، بعد ساعات قليلة من الهجوم، مباشرة نسبيًّا، مؤكدا أن إسرائيل تعمل على حماية مواطنيها، مضيفا إنه يحاول منع تهريب السلاح المتطور وأسلحة الدمار الشامل من سورية إلى "حزب الله" في لبنان.
إن هذه السياسة والخطوط الحمر هي ذاتها التي حددتها إسرائيل بخصوص الحرب في سورية قبل خمس سنوات. ومع ذلك، فإن الشكل الحاسم الذي صاغ فيه ليبرمان كلامه أدى إلى إطلاق عناوين تم تفسيرها تقريبا كإعلان عن مسؤولية رسمية (وهو ما تتجنبه إسرائيل بخصوص تلك الهجمات).
كما بدا ذلك إشارة مباشرة إلى محاولة تهريب السلاح الكيميائي، رغم أنه لم يُنشر شيء عن ذلك منذ تفكيك معظم مستودعات تلك الأسلحة في سورية، العام 2013.
هناك سؤال آخر يتعلق بدرجة معرفة أو مشاركة روسيا في الهجمات.
"حزب الله" وبالطبع الجيش السوري هما جزء من الحلف العسكري الذي تقوده الآن روسيا حماية للنظام في دمشق.
في الوقت عينه، تقيم روسيا آلية لمنع المواجهة مع سلاح الجو الإسرائيلي في الساحة السورية.
إذا كان ادعاء سورية و"حزب الله" بأنّ إسرائيل هي التي تهاجم مستودعات السلاح صحيحا، فهل تعلم روسيا مسبقا عن تلك الهجمات، تغض الطرف أم هي في الأساس متفاجئة مثلهما من القصف؟
نُشرت التقارير عن الهجومين بعد ركود طويل لمثل هذا النشر في سورية.
من شأن الركود الظاهر في القصف أن يكون مرتبطا بالدمج بين أمرين: نشر القوات والعمليات المتزايدة لسلاح الجو الروسي في شمال سورية (والذي ترافق مؤخرًا أيضا بنشر أنظمة دفاع جويّ ذات مدى تغطية واسع)، وزيادة التوتّر بين موسكو وواشنطن، حتى الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة.
يبدو أنّ إسرائيل في هذه الظروف، قد تتبع سلوكا أكثر تحفّظا لفترة ما.
من شأن فوز دونالد ترامب، الذي أعرب كثيرا عن تقديره لروسيا ولا يظهر اهتماما بالعمليات العسكرية الأميركية في سورية، أن يبشّر بتبريد العداء بين الدولتين.
وفقًا للمعطيات الرسمية لنظام الدفاع الجوّي الروسي، فإنّ راداراته قادرة على الكشف عن حركة الطيارات الإسرائيلية عميقا في الأراضي الإسرائيلية، حتى شمال النقب. لذا، من غير المرجح ألا تكتشف روسيا عملية جوية إسرائيلية.
ولكن هناك عاملا مشتركا بين التقارير عن الهجمات الأخيرة في سورية.
وفقا لما نُشر فهي تحدث في منطقة دمشق، جنوب البلاد، في ساعات الليل (التي يقلل سلاح الجو الروسي فيها العمل)، ولا تخترق الطائرات التي تطلق الصواريخ المجال الجوي السوري، وإنما تعمل من بعيد.
وفقًا لرواية أخرى، فقد أطلِقت الصواريخ، أول من أمس، من الأرض في هضبة الجولان.
يبدو أنّ موسكو منزعجة أقل من الهجمات التي تحدث خارج مناطق اهتمامها المباشر ولا تقترب من قاعدة سلاح الجو الروسي قرب طرطوس.
وذكرت وسائل الإعلام العربية أنّ هناك جزءا من الأسلحة، على الأقل، التي دُمرت في الهجمات يشتمل على أنظمة سلاح من الصناعة الروسية. إنّ فقدان السلاح من شأنه أن يقود إلى صفقات سلاح جديدة مع الروس، أي إلى دخل إضافي.
لا يعني كل ذلك أن إسرائيل تعلم روسيا مسبقا بكل عملياتها في سورية. بل نفى ليبرمان ذلك بشكل مباشر، في بداية الأسبوع الماضي، بعد قصف سلاح الجو أحد فروع "داعش" في جنوب هضبة الجولان.
يبدو أن التفسير الأكثر رجحانا هو أنّ إسرائيل تحلّل مناطق المصالح الروسية، وتقرر العمل ضد هدف عاجل جدي - خطر اجتياز خط أحمر، كما وصفه وزير الدفاع - وإذا كانت تقدّر أنّ خطواتها لن تكلّفها مواجهة مباشرة مع روسيا.
ولا يزال يبدو، بعد هجومين، هذا الأسبوع، وتصريحات رسمية حاسمة لإسرائيل، أنّ صانعي القرار يسيرون على حبل رفيع.
أكثر ما تتجنبه إسرائيل الآن هو مواجهة مباشرة مع روسيا، وبالتأكيد عندما تتوقف أميركا عن الاشتغال بسورية وتصبح موسكو قوة رئيسة تملي التحرّكات.