نصر الله: كوابح "الزمن الروسي"

57af3c3dc3618876638b4577
حجم الخط

وليد جنبلاط ليس فقط قائد الطائفة الدرزية في لبنان، بل هو ايضا ثعلب سياسي مخادع، رأى كل شيء. وقد نجا عشر مرات على الاقل من محاولات الاغتيال. ويقولون إن القصر الذي يعيش فيه في منطقة المختارة في جبال الشوف هو القصر الاكثر روعة في لبنان. ولكن جنبلاط يشدد، وهذا قد يكون سر بقائه، على وضع نظارات متشائمة.
في الوقت الحالي هو يصمم على رسم خارطة الطرق للاسابيع القادمة. حلب ستسقط في أيدي النظام السوري، الذي سيستمر بعد ذلك نحو ادلب من اجل هزيمة المتمردين، وطائرات سلاح الجو الروسي ستصل أسرع مما هو متوقع الى لبنان ايضا من اجل زيادة نقاط تأثير موسكو في لبنان.
في سيناريو جنبلاط، عملية ابتلاع لبنان لن تكون صعبة: مثلث القوات الايراني – السوري – الروسي قام بوضع موقع رسوّ له. بعد نبش طويل نجحوا في اعادة الرئيس المطيع، مشيل عون، الى قصر بعبدة. والحكومة الانتقالية التي ستقوم قريبا في بيروت ستكون بدون اسنان.
قبل الدخول في حملة الانتخابات للبرلمان، الشارع في لبنان يتعلم بالطريقة الصعبة أنه لا يوجد من يعتمد عليه في العالم الكبير: السعودية قطعت الاتصال، في البيت الابيض يجلس رئيس غير مبال، المجتمع الاوروبي منشغل بشؤونه وايران لا تخفي خططها لتوسيع مناطق تأثيرها في الطريق الى اقامة "سورية الكبرى".
في ليل يوم الجمعة تم بث خطاب مسجل للامين العام لحزب الله، حسن نصر الله. وهو يعرف أن الخبراء لدينا يشاهدونه، وأن الايرانيين يتابعونه، وأن الاستخبارات الروسية تهتم به الى حد ما. وبالنسبة لبوتين ومستشاريه فان نصر الله هو مجرد ذبابة صغيرة. وعند الحاجة واذا احتاج الامر، سيتم كبحه من جانبهم. ولكن بالنسبة لروسيا فان الطاعة هي اسم اللعبة.
شدد نصر الله على أن يظهر وكأنه "مسرور". وكان يقوم بتوزيع الابتسامات السامة ويتجاهل عن قصد، بناء على أمر من موسكو، القصف الذي حدث في الايام الاخيرة والذي نسب الى اسرائيل، على ارساليات السلاح التي كانت متجهة الى "حزب الله" في لبنان. في الايام العادية لم يكن نصر الله ليصمت على ذلك.
السؤال المطروح هو ما الذي يفكر فيه رئيس "حزب الله". إنه يعرف جيدا من هو صاحب البيت الحقيقي، وهو لا ينوي كسر الادوات التي يفرضها الكرملين – اذا كان بوتين لا يذكر الصواريخ الاسرائيلية، فان نصر الله ايضا يقوم باغلاق فمه الكبير. في ايام اخرى كان سيهاجم وزير الدفاع ليبرمان ويطلق التهديدات، ويقول إن "حزب الله" سيختار المكان والزمان المناسبين للرد على العمل الاسرائيلي. وها هو نصر الله يظهر أول أمس، مدة 45 دقيقة ولا يقوم باسماع كلمة عن نتنياهو أو ليبرمان أو آيزنكوت. فقط رسالة واحدة كانت له وهي أن أيدي "حزب الله" غير مربوطة بموسكو، وأن المنظمة لم تتعهد بعدم الرد على تحرشات اسرائيل.
اصدقائي في بيروت ايضا يلاحظون الاهتمام الكبير من قبل روسيا: الاسد أعلن على صفحات صحيفة "الوطن" بأنه يجب عدم خداع الذات. ولبنان يستطيع أن يكون منفصلا عن الاحداث في سورية. فقط اسمحوا بسقوط حلب وسيتم خطف ادلب من المتمردين. وعندها سنتفرغ لترتيب الاوراق في لبنان. الاسد، مثل نصر الله وقادة حرس الثورة الايراني ومستشاري بوتين، على يقين من أن الرئيس عون لن يقوم بالازعاج.