صفقة الـ «اف 35»: إسرائيل بحاجة إلى التركيز على المشكلات الحقيقية

13450934_1067242243354935_947422765605280785_n-1
حجم الخط

سلاح الجو الاسرائيلي هو جزيرة لامعة من التميز، رائد في مجاله ولعله الافضل والاكثر تجربة في أسلحة الجو في العالم. وهو يشكل بوليصة تأمين ذاتية لدولة اسرائيل والشعب اليهودي. حبذا لو كانت كل الدولة تدار بمقاييس هذا السلاح، الذي يحرص على الاداء الكامل، التحقيقات الحقيقية، الدروس المهمة، والتقرير الصادق.
على هذه الخلفية من المقلق أن أحدا في هذا السلاح الرائع لم يتحشرج حلقه في احدى المداولات التي جرت هناك في الاشهر الاخيرة، فرفع يده ليقول: "ايها القائد يخيل لي اننا نبالغ مع هذه المتملصة، أليس كذلك؟".
بالغوا حقا. تعالوا نرتب الوضع: صفقة شراء طائرات "اف 35" هي صفقة مهمة، ولكن ليست تاريخية. وهي تعزز سلاح الجو ولكنها لا تغير موازن القوى في المنطقة. سلاح الجو الاسرائيلي كان أفضل بكثير من كل منافسيه، بفارق هائل، حتى قبل وصول المتملصات. فما بالك أن المنافسين آخذون في التفكك امام ناظرينا.
تدفع إسرائيل قرابة نصف مليار شيكل على كل طائرة كهذه. وهي لا تأتي هنا بالمجان. فاسرائيل لم تعد دولة صُغيرة عديمة الوسيلة محوطة باعداء ينوون الشر لها. فالحديث يدور عن قوة عظمى اقليمية، واثقة، أقوى بكثير من كل أعدائها معا. والخطر الوجودي الحقيقي الذي كان ذات مرة حل محله وضع استراتيجي محسن. لاسرائيل اتفاق سلام مستقر مع الاردن ومع مصر، مصالحة مع تركيا، سورية لم تعد موجودة، وليس لدى لبنان سلاح جو. ايران؟ التهديد النووي طوي في الخلف الى الـ 15 سنة القادمة والادارة الجديدة في واشنطن تنذر بالشر من ناحية طهران.
إن هبوط المتملصة، بحضور الشعب، لم تنقذنا حقا في اللحظة الاخيرة من الضياع. من كميات الشفقة وجلبة الاحتفال التي اعدت، أول من امس، قبل الاوان في قاعدة "نباطيم" كان يمكن التفكير بأن هذه الطائرات كانت ستصل راكبة على حمار أبيض. وفي صالح المتملصات يقال انها حاولت التملص من الحرج الذي فرض عليها بقدر استطاعتها، ولكن في النهاية اضطر حتى الطقس الى التعاون. على الاقل حتى تتمكن من الوصول الى نشرات الاخبار المسائية.
كان يمكن تحقيق الاثر ذاته بدون 5 آلاف مدعو، بدون فرقة الانشاد في سلاح الجو وبدون البث الحي الذي يقزم أمسية التصويت في التاسع والعشرين من تشرين الثاني واعلان الدولة. كان يمكن احياء الحدث حتى بدون خط خاص من المياه المعدنية مع اشارة احتفالية للذكرى.
في النهاية، يوجد هنا أيضا غير قليل من المشاكل، وقبل يوم من تلقينا المتملصات تلقينا تقرير الفقر البديل الذي تعرفنا فيه على أن ثلث الاسرائيليين فقراء. هذه المتملصات تكلفنا المليارات، ولكن بالتوازي ينبغي فتح الصندوق  الصغير وتحقيق بعض التواضع ايضا. يجدر بنا أن نبقي الاحتفالات والمسيرات لجيراننا وان نركز على الافعال والافكار. وفي السطر الاخير: أهلا وسهلا بـ"الاديرات" الغالية، ونأمل ان تطرن بسلام وتعدن بسلام وان نحتاجكن بأقل قدر ممكن. شكرا لمجيئكن.
قال رئيس الوزراء للوزراء في احاديث مغلقة انه حسب المؤشرات التي تلقاها مؤخرا من رجال الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، فانه يعتزم بالفعل نقل السفارة الاميركية الى القدس. وعلمت "معاريف الاسبوع" بان رسولا من نتنياهو، هو رئيس "الموساد"، يوسي كوهن، التقى مع كبير جدا في ادارة ترامب (على ما يبدو مستشار الامن القومي الوافد) وتلقى تأكيدا بأن ترامب جدي في نيته نقل السفارة. والمح نتنياهو للوزراء بانه في السنة القادمة، حين تحيي اسرائيل 50 سنة على توحيد القدس (واحتلال "المناطق")، يحتمل أن تكون هدية خاصة من الادارة الاميركية للشعب المقيم في صهيون على شكل سفارة اميركية في العاصمة الخالدة.
إلى ان يحصل هذا، ينبغي حل مشكلة "عمونة". في هذا الموضوع ايضا، طرأ، أول من امس، تقدم، ثمرة تعاون بين رئيس الوزراء نتنياهو، الوزير نفتالي بينيت، والمستشار القانوني للحكومة افيحاي مندلبليت. والآن كل شيء منوط بمستوطني "عمونة" انفسهم، الذين سيسمعون عن الخطة ظهر اليوم (أمس).
وحسب سلوكهم حتى الآن، فانهم لا يبحثون حقا عن حل منطقي وعاقل، يمكنه أن يصطف في اطار قانوني محدد ما. والآن، حين سيقف أخيرا امامهم ائتلاف الكل سيتعين على "العمونيين" ان يختاروا اذا كانوا سيواصلون الشغب وسيسيرون مراهنين على كل الصندوق الخيالي الذي يعتمل في عقولهم أم سيندفعون باتجاه الحل الابداعي (غير الواضح تماما بعد) والذي وضعه افضل الخبراء وأفضل العقول. خسارة ان كل هذا لم يحصل، الاحد الماضي، بل فقط بعد وقت طويل من اليوم الأخير، ولكن دعكم، حتى المتملصات جاءت في النهاية أيضا.