يبدو أن إسرائيل لا ترى في انتخاب دونالد ترامب رئيساً مجرد حدثٍ أميركي، وهي تعتبر ذلك فاتحةً لتغيير جوهري يمسّ حتى علاقاتها الأمنية بالولايات المتحدة. وأعلن عضوٌ في هيئة الأركان الإسرائيلية أن "تغيير الإدارة في أميركا يمكن أن يُنزلنا عن السكّة"، وأن يقود إلى تغيير الخُطط أو إعادة تكييفها. وأشارت مصادر أمنية إسرائيلية أنها تمارس ضغوطها على أعضاء الكونغرس للتشدد في الاتفاق النووي مع إيران.
ونقلت صحيفة "هآرتس" عن عضوٍ في هيئة أركان الجيش الإسرائيلي قوله على خلفية تغيير الإدارة الأميركية قريباً، إنه سيكون مطلوباً من الجيش الإسرائيلي تغيير جانب من خُططه وتكييفها. وقال الضابط في حديث مع المراسلين إن "تغيير الإدارة في أميركا يُمكن أن يُنزلنا عن مسارنا، ونُغير أعمالنا". وقال مصدرٌ آخر في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إنه ستكون للحوار الذي سوف يجري مع الإدارة الأميركية الجديدة، وأيضاً مع وزير الدفاع الجديد ومسؤولين آخرين، تأثيراتٌ على الخُطط الأمنية في إسرائيل.
ومعروفٌ أن الجيش الإسرائيلي يُنهي هذه الأيام العام الأول من خطة "جدعون" متعددة السنوات التي في إطارها تعمل الوحدات العسكرية. وهكذا مثلاً، قرّر قادةُ الجيش سلفاً عدم إدراج سلاح الجو ومشترياته في الخطة متعددة السنوات، بسبب أنهم كانوا ينتظرون انتهاء نتائج المفاوضات حول المساعدة الأمنية الأميركية لإسرائيل، والتي لم تنتهِ إلا في أيلول الماضي.
ويقومُ الجيش الإسرائيلي حالياً بعملية دراسةٍ داخلية لبلورة خطط تنفيذ اتفاقية المعونة الأميركية التي تمنح إسرائيل 38 مليار دولار على مدى السنوات العشر المقبلة. وسيتم استثمارُ جزءٍ من هذا المبلغ لشراء سربٍ آخر من طائرات "إف 35"، وربما طائرات أخرى من طراز "إف 15" متطورة أو سربٍ ثالث من طائرات "إف 35" من النوع القادر على الإقلاع والهبوط عمودياً.
وبحسب عضو هيئة الأركان العامة، فإنه لا توجد حالياً لدى الجيش الإسرائيلي خطةُ تعاظمٍ تسليحي تستخدم أموال المعونة الأميركية للفترة ما بين 2020-2028، لكن الجيش يعكف حالياً على بلورتها. فالأموال الأميركية سوف تُستثمر في انتاج مدرعات متطورة من طراز "نمر"، وربما مدرعة جديدة من طراز "إيتان" تستخدم العجلات التي تنتج في أميركا.
ويدرس الجيش الإسرائيلي أيضاً أمر شراء طائرات وقود جديدة تحلّ مكان طائرات الوقود القديمة الموجودة حالياً في الخدمة. وإلى جانب ذلك، فإن الجيش الإسرائيلي معنيٌ باستخدام أموال المعونة الأميركية لتحديث وترميم قواعد تدريب لوائي "جفعاتي" و "الناحال". والحديث يدور عن خطة بناء واسعة ينفذها سلاح الهندسة الأميركي ومقاولون أميركيون.
وأكد موقع "والا" الإخباري أن جهات سياسية وأمنية إسرائيلية بدأت مؤخراً في ممارسة الضغط على أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي لإعادة فتح الاتفاق النووي مع إيران. وقالت جهات أمنية للموقع إن مسؤولين إسرائيليين كبارا يقودون في الأسابيع الأخيرة حملةَ إقناعٍ تهدفُ لإضافة عقوبات على طهران إن واصلت إجراء تجارب على الصواريخ العابرة للقارات ودعم المنظمات "الإرهابية" في الشرق الأوسط.
وبحسب هذه المصادر، فقد طرأ تقدم في الأسابيع الأخيرة في حوارات مع ديبلوماسيين أميركيين. وهي تقول إن هناك رغبة لدى أعضاء الكونغرس للمساعدة في فتح الاتفاق النووي وإدراج عقوبات جديدة فيه. مع ذلك حذر مسؤولون في محيط الرئيس باراك أوباما الجهات الرسمية في إسرائيل من أن مساعيهم لفرض عقوبات على مشروع الصواريخ الإيراني قد يدفع طهران للتراجع نهائياً عن الاتفاق المبرم بينها وبين القوى العظمى. ويعبر هذا الاهتمام الإسرائيلي عن مقدار القلق في تل أبيب من مشروع الصواريخ الإيراني، حيث هناك خشية أن يتم تصدير تكنولوجيا الصواريخ الدقيقة لـ "حزب الله" الذي يملك ترسانة كبيرة، ليس فقط في لبنان، ما يزيد الخطر على إسرائيل.
ويشدد الأمنيون الإسرائيليون في أحاديثهم مع الأميركيين على أن الاستراتيجية الإيرانية تعمل على تسليح "الحرس الثوري" بصواريخ عابرة للقارات ذات قدرة على حمل رؤوس حربية نووية تردع ليس فقط إسرائيل وإنما أيضاً دولاً أخرى في المنطقة وفي أوروبا. كما يقولون إن إيران تعكف على تسليح "حزب الله"، وهو ما أشار إليه مؤخراً وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان حينما تحدث عن "الخطوط الحمراء"، وأن إسرائيل لن تسمح بنقل أسلحة كاسرة للتوازن.
وكانت إسرائيل قد انتقدت طوال الوقت الاتفاق النووي مع إيران، ورأت أنه متساهل، وانضمت إلى هذه الانتقادات دول عربية ترى في الاستراتيجية الإيرانية خطراً عليها. وتؤمن إسرائيل وهذه الدول أن بالوسع دفع الإدارة الأميركية الجديدة برئاسة ترامب إلى تغيير موقفها من إيران.