"أمان": ارتفاع فاتورة الإنفاق العام دون حسيب ولا رقيب

حجم الخط

أكد بيان صحفي أصدرته مؤسسة أمان للنزاهة والمساءلة أن الفساد ما زال يعتبر من أهم التحديات في الواقع الفلسطيني، إلى جانب تردّي الأوضاع الاقتصادية، والإشكالات المتعلقة بقضايا الحكم.

هذا البيان تنشرته أمان بمناسبة عزمها إطلاق تقريرها السنوي حول الفساد في مؤتمر جماهيري حاشد في السابع والعشرين من نيسان الجاري.

وجاء في البيان اليوم الأحد، أنه على الرغم من أن عام 2014 شهد بعض التحسّن في المنظومة الوطنية للنزاهة لبعض المؤسسات الحكومية وغير الحكومية (الإعلام والقطاع الخاص)، بفعل جهود مكافحة الفساد؛ إلا أن هناك عوامل لا زالت تؤثر سلباً على النظام الوطني للنزاهة وجهود مكافحة الفساد، كالاحتلال والانقسام والخلافات الداخلية، فقد استمر رفض الجانب الإسرائيلي تقديم البيانات المالية التي تقوم بجبايتها لصالح السلطة (ضرائب وجمارك).

كما برز في عام 2014 دور الاحتلال في حماية بعض المتهمين بقضايا فساد، وقد استمر أثر الانقسام السلبي، حيث صدرت بعض القرارات الرسمية التي تم اتخاذها في الضفة الغربية وقطاع غزة لأسباب فئوية، وكان لها أثر مالي على حساب المال العام.

واظهر البيان الصحفي أن تعطل التشريعي وعدم إجراء الانتخابات اضعف من الرقابة على إدارة الشأن العام، وعلى اعمال حكومة الوفاق الوطني، كما عطل مواءمة التشريعات الفلسطينية مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد التي جرى التوقيع عليها، حسبما جاء في تقرير أمان السنوي حول الفساد.

واشار التقرير الى تحسن الإرادة السياسية، وذلك على إثر التوقيع على اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد، فقد جرى تحسن ملحوظ على صعيد تطبيق قانون الخدمة المدنية ، واعلان المعايير الخاصة بالتعيينات، ونشر المعلومات من قبل بعض المراكز المسؤولة، التي أبدت استعدادها للمساءلة المجتمعية.

إلا أن الجهود بقيت مبعثرة, بسبب عدم تبني خطة وطنية شاملة لمكافحة الفساد.

ولأن التشريعات ما زالت قاصرة عن تحصين نظام النزاهة الوطني في فلسطين. وأكد تقرير امان السنوي على أنه جرى تحسن في دور الإعلام في الرقابة، من خلال تطور مستوى نشر المؤسسات الإعلامية لتقارير استقصائية لملاحقة ظواهر فساد، وجاء أيضاً أن نيابة مكافحة الفساد قامت بإحالة عدد من المسؤولين المتورطين إلى محكمة جرائم الفساد خلال 2014 ، كان من بينهم بعض المدراء العامّين (مناصب عليا) أدانت ثلاثة منهم ، إضافة إلى موظفين عاديين في الوزارات أو المجالس البلدية، أو في هيئات أو منظمات أهلية.

وتنوعت الجرائم ما بين الواسطة والمحسوبية، إساءة استخدام السلطة، المساس بالأموال العامة، الكسب غير المشروع، الاختلاس، الرشوة.، ... وأظهر استطلاع أعدته منظمة الشفافية الدولية بواسطة مؤسسة فلسطينية بحثية عام 2014 أن 6% من المواطنين في الضفة دفعوا رشوة للحصول على خدمة عامة، بينما في قطاع غزة أشار 19% من المواطنين المستطلعة آراؤهم أنهم دفعوا رشوة مالية.

وأشار البيان إلى أن عدد القضايا المدورة في محكمة جرائم الفساد عام 2014 بلغت 50 ملفًّا، وتم الفصل في 20 ملفًّا منها.

وبشان انتشار الجرائم الاقتصادية المتزايدة تطالب (أمان) في تقريرها بنشر أسماء الأشخاص أو الشركات المتورطة ونوع الجريمة والسلعة حال إحالتها إلى المحكمة المختصة، أما فيما يتعلق بالتهرب الضريبي فقد سجلت لدى النيابة الكلية في المحافظات خلال عامي 2013 و2014 ما مجموعه 97 قضية.

وركز مؤتمر أمان لهذا العام على الغياب المستمرّ للسلطة التشريعية تحت عنوان ( السلطة المطلقة مفسدة مطلقة) الأمر الذي أدى إلى تمركز السلطات بيد رئيس السلطة التنفيذية، مما أضعف موضوع الرقابة المتبادلة، وقد تعززت هذا العام بشكل واضح، بعد أن تولى السيد الرئيس كامل دور المجلس التشريعي، إضافة إلى تعيينه رئيس مجلس القضاء الأعلى دون تنسيب من مجلس القضاء الأعلى، وإحالة رئيس ديوان الرقابة المالية والإدارية إلى التقاعد، الأمر الذي أضعف من تطور نظام وطني للنزاهة فعّال، وجاء في التقرير ان الإنفاق من الخزينة العامة استمر في العام الماضي خارج نطاق الرقابة البرلمانية، مما أبقى السلطة الفلسطينية تتحكم في أولويات الإنفاق، دون مراجعة أو تحقق من سلامة هذه الأولويات.

فأظهر بند صافي الإقراض في الموازنة العامة ارتفاعًا في الإنفاق الفعلي بمقدار النصف عما هو مقدر في الموازنة (من 600 مليون إلى 956 مليونًا)؛ مما شكّل استنزافًا للموازنة العامة، حيث تم دفع أموال عامة عِوَضَاَ عن التزامات مالية عن بعض البلديات، لتسديد فواتير الكهرباء وخدمات أخرى من أموال المقاصّة، رغم قيام معظم البلديات بالجباية المسبقة من المواطنين، ولاسيّما لرسوم الكهرباء.

وبين التقرير أن بعض المؤسسات الحكومية غير الوزارية ما زالت خارج المساءلة الرسمية عمليًّا، ما يهدد بإمكانية تحوّل بعض هذه المؤسسات إلى ممالك خاصة لأشخاص محددون، حيث اتّضح أن بعضها تم فيه تخصيص رواتب وامتيازات للمسؤولين فيها، لا تنسجم مع الواقع المالي للسلطة، فقد تلقّى بعض المسؤولين فيها راتبًا تجاوز ال 10 آلاف دولار شهريًّا، إضافة إلى امتيازات ومكافآت خاصة، الأمر الذي فسّر حالة التسابق غير المهني من قبل بعض كبار العاملين في وزارات السلطة للانتقال لهذه المواقع؛ الأمر الذي شجع الواسطة والمحسوبية في الدوائر المحيطة بمركز اتخاذ القرار بشأن التعيين.

حول البنود السابقة وبنود أخرى وحول تفاصيل مطالبات (أمان) من الحكومة الفلسطينية ووزارة التخطيط وهيئة مكافحة الفساد والأطراف الحكومية والأهلية والخاصة، ستعقد امان مؤتمر ها هذا العام في فندق الهلال الاحمر في رام الله وفندق الكومودور في غزة وتدعو لمشاركة واسعة وحشد شعبي لحضوره.