سبق للرئيس الفلسطيني أن صرح في أكثر من مناسبة بأنه لن يترشح للانتخابات الرئاسية القادمة، وإن لم يتطرق إلى بقية المواقع التي يشغلها وبخاصة رئاسته لحركة فتح ولمنظمة التحرير الفلسطينية، إلا أن ما استشف من حديثه المتكرر عن نيته في عدم الترشح للانتخابات الرئاسية أنه يريد أن ينهي مشواره السياسي، وبغض النظر إن كان الرئيس جاداً في طرحه ذلك أم أنه يريد لحركة فتح أن تدفعه للترشح كي يحلل نفسه من تهمة التمسك بمقعد الرئاسة حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً، فالمؤكد أن حركة فتح لم تجرؤ على مناقشة الموضوع وحسمه رغم أهميته، واقتصر موقف الحركة على بعض التصريحات التي تطلقها قيادات من الحركة بين فينة وأخرى لتؤكد على أن الرئيس هو مرشح الحركة للانتخابات الرئاسية القادمة، والتي في مجملها يبحث أصحابها عن مغنم من خلال إظهار صفة الولاء.
انتظر الكثير محطة مؤتمر عام حركة فتح، لإزالة الضبابية التي تكتنف خليفة الرئيس، ودخلنا في بازار الأسماء التي يمكن للمؤتمر أن ينتخب من بينها نائباً لرئيس الحركة، انفض المؤتمر دون أن ينتخب نائباً لرئيس الحركة وأحال أمره إلى اللجنة المركزية، وبات من الواضح أن المؤتمر، الذي جيء به على عجل، يهدف أولاً واخيراً إلى إقصاء الكادر المعارض للمسار الذي جنح بالحركة، الواضح أن انتخاب نائب لرئيس الحركة اصطدم بعقبتين، الأولى أن كل استطلاعات الرأي كانت تشير إلى أن القيادي مروان البرغوثي هو الأقرب لذلك وهو ما يتعارض مع طموح وتطلعات القيادات التي أعدت للمؤتمر وفصلت مخرجاته مسبقاً، ولا يمكن لها أن تسمح للمؤتمر أن يخرج عن المسار الذي أعدته، والثاني أن انتخاب نائباً لرئيس الحركة من قبل المؤتمر العام يعطيه الكثير من القوة التي تمكنه من المباشرة في ترميم التصدع الذي أصاب الحركة، سيما وأن مروان البرغوثي يحظى بإجماع داخل الحركة ولم يكن جزءاً في منهجية الاقصاء.
بعد رحيل القائد "أبو عمار" لم يكن هنالك من داخل حركة فتح من زاحم أمين سر لجنتها المركزية في الترشح لانتخابات رئاسة السلطة الوطنية، فسارت الامور داخل حركة فتح بسلاسة، فيما الوضع الذي تعيشه الحركة اليوم لا ينبئ بأن الأمور ستأخذ ذات الطابع لخليفة الرئيس "ابو مازن"، حيث الطامحون كثر ولا يمتلك أي منهم ما يجعله أن ينفرد بأحقيتها عن غيره، ومن السذاجة القول بأن اختيار خليفة للرئيس لن يكون معضلة أمام اللجنة المركزية لحركة فتح، والحقيقة التي بات يدركها الجميع أن الجمع بين المواقع القيادية لمنظمة التحرير والسلطة والحركة لم تعد مقبولة.
لكن يبقى الأهم بالنسبة لحركة فتح ينصب على ترتيب وضعها الداخلي، وهو ما يتطلب تحديد نائباً لرئيس الحركة يباشر في ترميم التصدعات التي أصابتها بفعل مؤتمر المقاطعة، ويكون بمقدوره إعادة اللحمة للحركة بعيداً عن الحسابات الشخصية الضيقة، ولعل هنا يبرز مرة أخرى اسم القيادي مروان البرغوثي، فهل تقدم قيادة الحركة على تصحيح مسارها وتكلف مروان البرغوثي نائباً لرئيس الحركة وتلقي على عاتقه مسؤولية توحيد الحركة والخروج بها من حالة الاستقطاب التي تحكمها المصالح والأحقاد الذاتية؟.