عبّر رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عن تفاؤله في الاسابيع الاخيرة في نقاشاته المغلقة حول امكانية إحداث تغيير وخطوات مشتركة مع الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، الأمر الذي لم يكن بالامكان تحقيقه في عهد الرئيس براك اوباما. هذا ما قاله وزير رفيع المستوى شارك في تلك النقاشات. وقد قال الوزير إن توقعات نتنياهو الكبيرة من ترامب تنبع من الرسائل التي سمعها رئيس "الموساد"، يوسي كوهين، والقائم باعمال مستشار الامن القومي، يعقوب نغيل، من الجنرال مايكل فلين، المستشار المستقبلي للامن القومي لدونالد ترامب، حيث التقيا معه في الولايات المتحدة في بداية الشهر الحالي.
أشار الوزير الى أن نتنياهو كرر عدة مرات بأن اللقاء بين نغيل وكوهين مع فلين كان ممتازا، وأن الامور التي سمعاها منه تشير الى انعطافة حقيقية في السياسة الخارجية للولايات المتحدة بشكل عام، وتجاه اسرائيل والشرق الاوسط بشكل خاص. "توجد فرصة"، قال نتنياهو، "يمكننا احداث تغيير تاريخي". ولم يعقب مكتب رئيس الحكومة على هذه الاقوال.
سافر نغيل الى الولايات المتحدة للمشاركة في منتدى سبان ولتوديع نظيرته الأميركية، سوزان رايس، والالتقاء مع مستشاري ترامب. ولم يكتف نتنياهو بارسال نغيل للالتقاء مع مستشاري ترامب، لهذا طلب من رئيس "الموساد"، يوسي كوهين، الانضمام اليه. مصدر مطلع على تفاصيل السفر قال إن كوهين، الذي التقى مع نظرائه في الاستخبارات الأميركية، لم يسارع الى الانضمام للقاء نغيل مع مستشاري ترامب، لكنه استجاب في نهاية المطاف.
اللقاء الرئيس لنغيل وكوهين، الذي انضم اليه السفير الاسرائيلي في واشنطن، رون درمر، كان مع الجنرال فلين. وقد جرى اللقاء يوم الجمعة الاول من كانون الاول قبل افتتاح منتدى سبان في واشنطن ببضع ساعات. فلين المقرب جدا من ترامب، والذي كان في السابق رئيس وكالة الاستخبارات التابعة لوزارة الدفاع، شخصية مختلف حولهل في الاوساط الامنية والاستخبارية في الولايات المتحدة. وقد نشر فلين في الحملة الانتخابية على صفحته في تويتر تقارير كاذبة ونظريات مؤامرة. وفي احدى المرات كانت له مدونة لاسامية.
تحدث نغيل وكوهين في لقائهما مع فلين عن السياسة المستقبلية تجاه ايران، وخصوصا المشروع النووي. وكان هناك موضوع آخر في مركز اللقاء هو الحرب السورية وسياسة ترامب في هذا الموضوع. وقد أكد نغيل وكوهين على المصالح الحيوية بالنسبة لاسرائيل في أي حل مستقبلي في سورية، ولا سيما الرغبة في منع ايران و"حزب الله" من السيطرة على هذه الدولة.
وقال الوزير رفيع المستوى إنه حسب تقارير كوهين ونغيل، تحدث فلين بشكل ايجابي حول المواضيع التي طرحت. وأكد فلين على أن الرئيس ترامب جدي في نيته نقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس، وهو ينوي فعل ذلك. وكانت أقوال فلين حول نقل السفارة الأميركية هي الاكثر أهمية بالنسبة لاسرائيل منذ فوز ترامب في الانتخابات.
التقارير عن لقاء كوهين ونغيل مع فلين أنشأت فهماً في مكتب رئيس الحكومة ولدى عدد من الوزراء بأن السياسة الاسرائيلية تحتاج الى الملاءمة مع الواقع الجديد الناشئ. وحتى الآن لم يتم في الكابنت أي نقاش عميق حول مغزى نتائج الانتخابات في الولايات المتحدة بشأن اسرائيل وبشأن التغيير السياسي المطلوب. ومن المتوقع أن يحدث نقاش كهذا بعد اسبوع.
"يتوقع حدوث تطورات مهمة في السياسة الأميركية"، قال الوزير الرفيع. "والسؤال حول ما يجب أن تقوم به اسرائيل أصبح ملحا أكثر. توجد هنا فرصة، لكن ليس من المؤكد أن نتنياهو يعرف ما الذي يريد أن يفعله".
تُسمع اصوات مختلفة داخل الحكومة حول المسائل المهمة. ففي الموضوع الفلسطيني قال نتنياهو إنه يريد العمل مع ترامب من اجل التقدم في حل الدولتين، وقال الوزير ليبرمان إنه يجب استئناف التفاهمات التي تمت بين رئيس الحكومة، ارئيل شارون، والرئيس جورج بوش حول الكتل الاستيطانية مع الادارة الجديدة بشكل يضمن استئناف البناء داخل هذه الكتل وتجميد البناء خارجها. وقال وزير التعليم بينيت إنه يجب استغلال فوز ترامب لالغاء حل الدولتين.
التقدير في اسرائيل هو أن ترامب سيحاول التوصل الى صفقة شاملة مع روسيا فيما يتعلق بعدة اماكن توتر في العالم، بما في ذلك سورية. وهذا يشكل ايضا تهديدا للمصالح الاسرائيلية، لكنه في الوقت ذاته فرصة لتحقيق المصالح الاسرائيلية في سورية، التي لم يكن بالامكان تحقيقها في عهد اوباما. ولكن في الموضوع السوري ايضا لا يوجد موقف واضح في اوساط النخبة الاسرائيلية.
سمعتُ، الاسبوع الماضي، اصواتاً متناقضة في الحكومة حول السياسة المستقبلية. فقبل بضعة ايام، مثلا، قال وزير المواصلات، اسرائيل كاتس، إنه يجب استغلال دخول ترامب الى البيت الأبيض من اجل الحصول على اعتراف أميركي بضم هضبة الجولان لاسرائيل. وبعد ذلك بيوم، رفض وزير الدفاع ليبرمان هذا الامر، وأكد على أن مصلحة اسرائيل الاولى هي طرد بشار الاسد من الحكم، حيث لقبه بـ "جزار سورية القاتل".