وكأن بيت رئيس الوزراء ملك لنتنياهو وزوجته !

Prime-Minister-Netanyahu-and-his-wife-took-off-to-London-to-attend-the-funeral-of-former-British-Prime-Minister-Thatcher
حجم الخط

في نهاية الاسبوع الماضي كان نتنياهو قلقا جداً. فإخلاء مفروض وعنيف للبؤرة غير القانونية عمونة كان يبدو أمراً لا يمكن منعه. رفض المستوطنون الصيغة السخية التي اقترحها هو ونفتالي بينيت عليهم. وتصاعد الغضب فوق التل. المئات من «شباب التلال» تجمعوا فوق التل لمواجهة الشرطة. كان يبدو المستقبل متكدرا مثل السماء المملوءة بالغيوم.
كان خوف نتنياهو ليس على مصير العمونيين، بل خاف من التأثير السياسي لاستخدام القوة. لقد كانت صور اخلاء تسعة بيوت في عمونة في العام 2006، في ظل رئاسة ايهود اولمرت، منقوشة في ذاكرته. الرجال والنساء الذين استلقوا على الارض، الدماء التي سالت من الرؤوس، والعصي التي لوحت في الهواء، الاطفال الذين بكوا، والخيول السوداء التي اقتحمت الجموع وهي تصهل وتدوس بصلف على المستوطنين والمستوطنات. الشخص الذي يتحدث عن الالتزام بحل الدولتين لم يكن قادرا على تحمل تكرار هذا المشهد في ولايته، ولو في بؤرة واحدة صغيرة أقيمت بالخداع.
خائفا ويائسا سار وراء الدواء الذي سيخفف من الضربة المؤلمة. أين يبحث قائد مثل نتنياهو عن وزير كي يلقي به الى الجمهور الغاضب من اجل حرف الانظار عن اخلاء عمونة؟ الجواب سيجده عند العرب بالطبع.
منذ يوم الخميس سرب رجال نتنياهو أنه أجرى جلستين حول «تشديد فرض القانون على البناء غير المرخص في الوسط العربي»، وأنه أمر بهدم بيوت في الوسط العربي في الجنوب والشمال وشرقي القدس». وقيل إن رئيس الحكومة «مصمم على فرض القانون بشكل متساو».
كان هذا إسفينا شفافا واهانة للوعي. إن هدم بيوت العرب يحدث باصدار أمر. وفي شرقي القدس الحكومة هي التي تكبح هدم البيوت خشية المظاهرات.
لقد أيد البيان ما يفكر به نتنياهو حول الاصوات في اليمين: وكأن الألم بسبب اخلاء عمونة سيقل، والغضب عليه سيخف اذا قيل عشية الهدم في نشرات الاخبار إنه تم هدم بيت عربي في احدى قرى الجليل.
لم يكتف نتنياهو ببيان لوسائل الاعلام حول موجة الهدم المنوي القيام بها. ففي يوم السبت اتصل مع وزير الامن الداخلي، جلعاد اردان، وطلب منه تسريع هدم البيوت غير القانونية في الوسط العربي. وقال له اردان إن الشرطة لا تهدم شيئا. وهي فقط تقوم بحراسة الجرافات التي ترسل من قبل وزارات الحكومة المختصة.
في تلك المحادثة كان لرئيس الحكومة طلب آخر من الوزير: الاهتمام بأن يتم اخلاء عمونة بدون خيول وبدون فرسان أو فارسات وبدون شرطة متحمسين. لأنه لا يمكن تحمل المشاهد، والصور ستكون مؤلمة. ومن مثل نتنياهو حساس من وسائل الاعلام والعناوين. وقد قام اردان بتهدئة نتنياهو، وأوضح له بأن الشرطة تقوم بالتدرب من اجل هذا الاخلاء منذ فترة طويلة. منذ البداية لم يتم التخطيط لاستخدام الخيول، وادوات اخرى ايضا مثل العصي التي استخدمت في العام 2006، حيث بدلا منها سيتم اعطاء الشرطة الورود أو الحلوى لمواجهة ثلة الزعران المعروفة بـ «شبيبة التلال».
لا يمكن الحديث عن الخيول عند الحديث عن اخلاء مستوطنين دون ذكر انتخابات 2006. حيث قام طاقم دعاية «الليكود» بتحضير فيلم دعائي، تم بثه مرات كثيرة وكان اسمه «هذه ليست الخيول». وكان في الفيلم توثيق للمعارك المريرة من ساحة عمونة. والمعلق الذي رافق الصور، زعم أن الخيول ليست هي التي تسببت بالاصابات الكثيرة في اوساط المستوطنين بل رئيس الحكومة ايهود اولمرت الذي كان يرغب بالظهور مثل ارئيل شارون الذي أخلى
غوش قطيف»، والحصول على دعم اليسار السياسي. فهو الذي أمر الشرطة باستخدام القبضة الحديدية.      
نتنياهو، الذي هزته صور الفيلم، لم يكن يرغب في أن يأتي أحد في الانتخابات القادمة مثل نفتالي بينيت أو رئيس حزب يميني جديد ويقوم بصنع فيلم يوثق اخلاء عمونة 2016 ويزعم ايضا أنه لم تكن الخيول. لأنه في هذه المرة الخيول هي التي تتحمل المسؤولية بالفعل.

هذا أجره
«انظر»، قال شخص وجد في اللقاء الليلي لنتنياهو مع مستوطني عمونة، بين السبت والاحد، «بيبي قال الامور التي اقتبست باسمه في «يديعوت احرنوت»، ولكن في الساعة السادسة صباحا كان الامر يسمع بشكل مختلف».
كيف يمكن أن نسمع الموضوع بشكل مختلف، سألته. تردد قليلا ثم قال: «عمليا إنه يسمع هكذا بالضبط». من المهم ما الذي خطر ببال نتنياهو حين عرف أن شخصا ما كان موجودا في اللقاء في مكتبه، حيث شارك في هذا اللقاء 20 شخصا، قام بتسريب الاقوال التي تحمل في طياتها كثيرا من معاني الانغلاق وعدم الادراك وغياب الحواس.
في ليلة السبت تم استدعاؤه من بيته الدافيء الى المكتب، حيث انتظره هناك ممثلو البؤرة غير القانونية التي بنيت بالخداع على الاراضي الفلسطينية، رؤساء اليمين، الوزير بينيت، وبعض الموظفين من مكتبه ومن وزارة العدل ووزارة الدفاع. حتى الساعة الرابعة فجرا جلس هناك وخرج عن طوره، من اجل ارضاء الجماعة التي تتجاوز القانون وقيادتها وجمهور مصوتي اليمين عموما. هل الى هذه الدرجة يخشى من عودة الصور العنيفة عن اخلاء عمونة في العام 2006، ومن الثمن الذي قد يدفعه في الانتخابات.
توقع أن يحصل على الشكر، وتلقى تحييدا موضعيا. عملية اعلامية ضربته في بطنه الضعيفة، وأكدت صورته كـ قيصر يركز على نفسه ولا يرى أحدا من مسافة متر ومقطوع عن العالم الحقيقي والحياة الحقيقية. لا يستطيع اتهام هؤلاء الاشخاص باليسارية أو التآمر ضده، إنهم من لحمه ودمه، وهم الأساس الانتخابي القوي  له. وبفضلهم فاز في الانتخابات، وهو يراهن عليهم مستقبلا.
«أفهم معنى فقدان البيت»، قال لسكان عمونة، «بعد انتخابات 1999 وبدون انذار مسبق قاموا بطردي وطرد عائلتي من البيت في شارع بلفور. هكذا مع جميع الممتلكات المنزلية تم رمينا الى الشارع. واضطررنا الى الذهاب الى فندق شيراتون بلازا، هذا شعور صعب جدا».
كما سبق وكتب: بدون تحذير مسبق عدا ثمانية اسابيع منذ يوم الانتخابات (حيث قبل ذلك عرف نتنياهو بأنه سيخسر الانتخابات لصالح ايهود باراك). رؤساء الحكومة البريطانية الذين يهزمون في الانتخابات يحصلون فقط على يومين من اجل اخلاء البيت في شارع داونينغ 10 في لندن. لا توجد فرصة لنسمع أحدا منهم يتباكى على الطرد والصعوبات والمعاناة والشعور الفظيع.
هناك خط مستقيم يربط بين هذا الحديث وبين الظواهر التي شهدناها في الولاية الحالية لنتنياهو. الرائحة النتنة التي تصدر من قضية صفقة الغواصات هي أحد اعراض السلطة المتواصلة وفقدان اللجام. التحقيقات التي تجري ضده وضد زوجته ساره للاشتباه بالحصول على الرشوة والهدايا والرحلات الجوية والاقامة في الفنادق، هي جزء من الخلل لمن هم على قناعة أن الدولة هي هم، والدليل هو شعور الزوجين في بلفور.
عندما يكون كل شيء مسموحا به فان البيت الذي تم طردهم منه مع الممتلكات يكون مثل بيوت البؤساء في حلب التي يتم قصفها. إن هذا البيت حسب رأيهم هو خاص ومسجل على اسمهم في الطابو، وليس من ممتلكات الدولة التي منحت لهم بشكل مؤقت.
الحالة العقلانية التي يمر فيها نتنياهو تأخذه الى اماكن مقلقة. حتى لو اراد التضامن، فهذا يظهر معوجا ومشوها. حدث ذلك له عندما قال في حينه إنه وجد من المناسب الاتصال بوالد الجندي مطلق النار من الخليل، اليئور ازاريا، ومواساته في ضائقته تماما مثلما يتصل مع آباء الجنود الذي يقتلون. اضطر الى الاعتذار عن هذه الاقوال، ولم يكن هناك من يتهمه باستثناء اتهامه لنفسه.

ذهابا وإيابا
 هناك شيء ما يثير الالهام من ناحية، والتحفظ من ناحية اخرى، في تصميم عمير بيرتس على العودة والتنافس للمرة الرابعة خلال 11 سنة على رئاسة حزب العمل. إن هذه طاقة متجددة، مثلما قال، هذا الاسبوع، عضو الكنيست نحمان شاي.
القدامى من بيننا ايضا يصعب عليهم تذكر فترة لم يكن فيها بيرتس قبل أو اثناء أو بعد المنافسة. ومن ثم ترك وبعدها عاد، مثلما ترك وعاد في الماضي. إن ترشحه الآن يعكس الى حد كبير الوضع السيئ لحزب العمل: مستقبله في ماضيه. ثلاثة من المتنافسين المحتملين الاربعة – بيرتس، الرئيس الحالي اسحق هرتسوغ ومن سبقته شيلي يحيموفيتش. إنهم قديمون – جديدون، والرابع هو عضو الكنيست اريئيل مرغليت، الذي يظهر احيانا بصراخه واستفزازه.
 عندما فاز بيرتس على شمعون بيرس في تشرين الثاني 2005 كان في انتخابه شيئا مؤججا ولافتا ويبعث على الطاقة. والآن يبدو مثل بدلة قديمة تم اخراجها من سدّة البيت، ذات مرة كانت في الموضة، والآن هي لمن يجمعون الاغراض القديمة فقط.
هو لا يعتقد هكذا. «الاسرائيليون يشتاقون الى الاشخاص الذين قادوا دولة اسرائيل بطريقة أكثر عقلانية وأكثر هدوءا»، قال لي، هذا الاسبوع، «ليس الجميع يريدون تلفزيون الواقع. وحقيقة أنني أجيء مع تجربة كبيرة ونجاح وندب على جلدي، هي عبارة عن رافعة للحصول على ثقة المصوتين».
هذا هو السؤال بالضبط: هل المتنافس الأبدي لم يفسد الرغبة الجيدة لاعضاء الحزب تجاهه مع المغادرة والعودة المتكررة؟ ألم يستنفد طول نفس الناخبين؟ في انتخابات 2006 حصل على انجاز انتخابي: 19 مقعدا أمام «كديما» والمتقاعدين. حرب لبنان الثانية قضت عليه لدى الرأي العام، ومع مرور الوقت غير الجمهور رأيه في الحرب، وبالتالي غير رأيه به، حيث كان وزيرا للدفاع. وقد شعر بيرتس أنه جاهز للمنافسة للمرة الرابعة. المشكلة هي أنه منذ ذلك الحين فقد حزبه أهميته. حزب يوجد مستقبل التابع للبيد تحول الى ملجأ لكثيرين من مصوتي المعسكر الصهيوني. ويبدو حزب العمل مثل سفينة تغرق في الوقت الذي يقوم فيه المسافرون على متنها بضرب بعضهم.
«مشكلة حزب العمل ليست الجدالات الداخلية. ليس بسبب هذا لا يؤيدنا الجمهور. المشكلة هي أننا نقول اشياء لا تجر الجمهور وراءنا. لقد انتظر الجمهور شخصا يضع الجهاز كله أمام التحدي»، قال.
لقد ذكرته بالهروب الكبير الى «كديما» في انتخابات 2006 من قبل «القبيلة البيضاء» – مصوتي «العمل» القدامى الذين لم يوافقوا على رئيس حزب من الطائفة المغربية. «هذا يمكنه أن يحدث من جديد»، قال، «آمل أن يفهموا في هذه المرة أنني اذا تمكنت من جلب الاصوات من المحيط، فيجدر بهم تأييدي. واذا رأى مصوتون من الليكود بأنني قادر على جلب المحيط، فيمكن أن يوافقوا على اعطائي الفرصة».
  سألته ماذا حدث لقصة الغرام السياسية التي كانت في السنة الماضية مع يحيموفيتش. كان الحديث عن صفقة آخذة في النضوج: واحد ينافس على رئاسة الحزب والثاني ينافس على رئاسة الهستدروت وبدعم متبادل. «قررت اعطاء فرصة لـ آفي نيسان كورن»، قال، «قام بعمل جيد وحقق انجازات».   
   طلب معرفة اذا كان أبلغ شيلي يحيموفيتش قبل اعلانه؟ «لا. لم نناقش ذلك. ولكن لا شك أن لها مكانا مهما في قيادة حزب العمل لانجاز الانقلاب الذي سيؤدي الى استبدال حكومة نتنياهو».
  يحيموفيتش توجد الآن في مفترق طرق غير سهل: هل ستتنافس من جديد على رئاسة «العمل»، الامر الذي ليست متحمسة له؟ هل ستتنافس على رئاسة الهستدروت، التي هي على مقاسها، لكن من الصعب تحقيق ذلك؟ هل تجلس ولا تفعل أي شيء – أي أن يتم انتخابها للكنيست في قائمة حزب العمل، بغض النظر من الذي سيتم انتخابه في تموز؟ الامكانية الرابعة هي الاكثر اثارة: هل ستفعل مثل بيرتس – مغادرة البيت واقامة حزب اشتراكي ديمقراطي ينافس بشكل مستقل في الانتخابات القادمة؟.
    في محيط بيرتس يعرفون الخيار الاخير والضرر الكبير فيه. ويمكن أن يكون هذا هو السبب أنه في نهاية حديثنا عاد وطلب مني أن أكتب بأن مكان يحيموفيتش مضمون في نخبة الحزب الذي سيقوده. وقد وعدته بفعل ذلك.

أ‌.ب يهوشع
  الكاتب أ.ب. يهوشع، الذي احتفل مؤخراً بعيد ميلاده الثمانين، من رؤساء معسكر السلام. ولو كان لليسار حكماء أو حاخامات مثل «شاس» لكان يهوشع هناك الى جانب عاموس عوز وديفيد غروسمان. قبل حوالي اسبوع ظهر في مركز القدس للابحاث السياسية وفاجأ مستمعيه بالقول إن حلم الدولة الفلسطينية الى جانب دولة اسرائيل الذي أيده لعدة عقود، قد انتهى لاسباب عملية تتعلق بحجم وتوزع المستوطنين في «المناطق».
  وبدل الاستمرار في ترديد حل الدولتين الذي تلاشى، يعتقد يهوشع أن على اسرائيل دراسة خطة بديلة: أي منح المواطنة لـ 100 ألف فلسطيني من المناطق ج، الذين يعيشون الى جانب المستوطنين، من اجل تحسين وضعهم الاقتصادي عن طريق دفع مخصصات التأمين الوطني وبدل البطالة وما أشبه. هذا ما يعتقده يهوشع، من اجل تقليص «ورم» الاحتلال. في يوم الاثنين عاد وكرر اقواله في مقابلة مع رازي بركائي في صوت الجيش.
 رئيس «البيت اليهودي»، وزير التعليم نفتالي بينيت، الذي اقترح قبل خمس سنوات فرض القانون الاسرائيلي على المناطق ج، احتفل في صفحته في تويتر بهذا الانتصار الفكري.
  الامر لم يكن صدفيا: قبل شهرين، بمبادرة من رئيسة قسم التخطيط في مجلس التعليم العالي البروفيسورة يافه زلبرشتس، جرى لقاء بين بينيت ويهوشع في بيت يافه، وتحدثوا هناك لساعات، وتحدث بينيت بشكل مفصل عن خطته. وفي الاسبوع الماضي خرج يهوشع مع البشرى.
           عندما دخل بينيت الى السياسة قبل بضع سنوات كان الموقف السياسي السائد هو حل الدولتين لشعبين. وقام السياسي الجديد بطرح فكرته التي بدت في حينه وكأنها لا فائدة منها. تغيرت الحال: العالم العربي المعروف انهار، اوروبا الغربية اصبحت ضعيفة، حكومة اسرائيل الحالية تختلف تماما عن حكومة نتنياهو الثانية بين الاعوام 2009 – 2013، دونالد ترامب انتخب رئيسا للولايات المتحدة. يلاحظ بينيت أنه توجد هنا فرصة نادرة، شيء يشبه «الخروج».