نجح القرار في مجلس الأمن

thumbgen (16)
حجم الخط
 

صوت الليلة الجمعة الموافق 23/12 مجلس الأمن على مشروع القرار الفلسطيني العربي بأغلبية 14 صوتا وتحفظت الولايات المتحدة عليه. أغلبية ساحقة صوتت لصالح القرار الأممي الجديد، رغم التشويش، الذي حصل نتيجة سحب مصر الشقيقة الكبرى للمشروع من جانبها لإعتبارات خاصة بها. غير ان الدول الصديقة الأربع: نيوزيلندا، ماليزيا، فنزويلا والسنغال تبنت طرح المشروع، وحققت القيادة والشعب الفلسطيني فوزا جديدا في المنبر الأممي الأول، مجلس الأمن

بعد عقود طويلة من العقر المتواصل من قبل الإدارات الأميركية المتعاقبة لمشاريع القرارات الفلسطينية والعربية المنددة بالإستيطان الإستعماري الإسرائيلي، الداعية لوقفه وإستخدامها حق النقض الفيتو، سمحت إدارة اوباما قبل رحيلها بأيام تمرير القرار من خلال تحفظها فقط. مع ان المندوبة الأميركية في المجلس وقبل التصويت على القرار، أكدت على أن "تجميد الإستيطان يساعد على الدخول في مفاوضات جادة". وهو ما يعني قناعة الإدارة بأن الإستيطان الإستعماري الإسرائيلي المتغول شكل، ويشكل عقبة كأداء في طريق التسوية السياسية، ويحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967. ونجاح القرار يمثل رسالة واضحة للإدارة الأميركية الجديدة بالتخلي عن السياسات المتهورة والطائشة الداعمة للإستيطان، التي عكستها مواقف ممثلوها أكثر من مرة.

ومشروع القرار، الذي حاول البعض التقليل من شأنه والإساءة لما تضمنه، هو قرار جيد وينسجم مع مرجعيات عملية السلام. حيث أكدت نصوصه على ضرورة الوقف الفوري للإستيطان الإستعماري في القدس وعموم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وطالب إسرائيل بعدم تشريع البؤر الإستعمارية في الضفة الفلسطينية. وأما تلكك البعض في محاولة منه للإنتقاص من قيمة وأهمية القرار حول التصدي للإرهاب، فإنه ليس أكثر من طحن في الهواء. وكأن لسان حالهم شاء التشكيك بمصداقية القيادة الفلسطينية، ولكن نسي أولئك، الذين يفتقروا للقراءة الموضوعية لنصوص القرار الكاملة، بأن الإرهاب، هو الإرهاب الإسرائيلي، الذي يطارد المدنيين الفلسطينيين العزل على مدار الساعة عبر عمليات القتل والتنكيل وتدمير بيوتهم ومصالحهم، وتنغيص حياتهم. أضف إلى ان القيادة الفلسطينية، التي تقود الكفاح لتحقيق الثوابت الوطنية كلها، عملت وفق مرجعيات عملية السلام والقانون الدولي وخطة خارطة الطريق. وبالتالي لم تحد لحظة عن الثوابت والحقوق الوطنية المعترف بها دوليا.

كما أن القرار الأممي الجديد شكل صدمة وصفعة قوية لحكومة اليمين المتطرف الإسرائيلي، التي حاولت جاهدة عبر مختلف وسائل الضغط والإبتزاز للدول الأعضاء في مجلس الأمن وخاصة الولايات المتحدة لدفعها لإستخدام حق النقض الفيتو. لكن محاولاتها باءت بالفشل الذريع، ونجحت القيادة وعلى رأسها الرئيس محمود عباس بالمضي قدما نحو تمرير المشروع دون تأجيل او تسويف. لا سيما وان بعض الدول الشقيقة ارجأت مشروع القرار أكثر من مرة دون تبيان الأسباب او باستخدامها ذرائع واهية لا أساس لها في الواقع.

التصويت على القرار الأممي الجديد أكد بما لا يدع مجالا للشك، بأن الشعب العربي الفلسطيني ليس يتيما، وله أصدقاء وأشقاء يقفون بثبات معه وإلى جانب حقوقه الوطنية دون تردد او تعلثم. وهو ما يؤكد على ان القضية الفلسطينية مازالت تحتل مكانتها الأممية الرفيعة. ولعل مجموع القرارات الدولية، التي حصدتها القضية الفلسطينية في الجمعية العامة وفي اليونيسكو ولجنة حقوق الإنسان الأممية وغيرها من المنابر الدولية تؤكد على انها، مازالت تحظى بالأهمية، التي تستحق. ومشروع القرار الجديد يعطي دفعة جديدة لتقدم القيادة خطوات جديدة ونوعية على طريق تحقيق الأهداف الوطنية الكاملة.

شكرا للدول الأربع الصديقة، التي وقفت بقوة إلى جانب الحق الفلسطيني من خلال تبنيها مشروع القرار الدولي الجديد. ورفضت مع القيادة الفلسطينية تأجيل طرح مشروع القرار. وشكرا لكل الدول، التي صوتت لصالح القرار الأممي الجديد. والتي عليها الآن مسؤولية جديدة، هي العمل من اجل الضغط على حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف بقيادة نتنياهو عراب الإستيطان الإستعماري بوقف الإستيطان كليا، والإندفاع نحو طاولة المفاوضات لطي صفحة الإحتلال الإسرائيلي برمته خلال العام القادم، والسماح بإقامة دولة فلسطين المستقلة وذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران عام 1967.