جديد الفاشية الإسرائيلية!

thumbgen (13)
حجم الخط
 

القومية المتطرفة هي مادة الوقود الأهم التي تغذي الفاشية. والدولة الصهيونية هي أبرز وآخر معاقل هذه الفاشية في العالم، حسب ما هو واضح وما وصلنا على ألسنة قادة ومسؤولين إسرائيليين، بل هي حقيقة أكدتها استطلاعات الرأي للمجتمع السياسي في الدولة الصهيونية، كما سيتضح أدناه.

مؤخراً، حذّرت صحيفة «هآرتس» من مخططات حكومة بنيامين نتنياهو لترحيل فلسطينيي 48 سياسياً عبر إقصائهم خارج أسوار «النظام الديمقراطي» بدوافع عنصرية! وقد تم الكشف مؤخراً عن مخططات لتمكين مئات آلاف اليهود في الخارج من المشاركة في التصويت في الانتخابات العامة، في محاولة لمحاصرة قوة فلسطينيي 48 الانتخابية. وقد كرست «هآرتس» افتتاحيتها لتصريح رئيس الائتلاف الحاكم عضو الكنيست «دافيد بيطان» الذي عبّر عن رغبته في «عدم مشاركة المواطنين العرب في الانتخابات، لأن 95% منهم يصوتون للقائمة المشتركة التي لا تمثلهم، وإنما تمثل المصلحة (السلطة) الفلسطينية». ونبهت «هآرتس» إلى «أن تصريح بيطان ليس عابراً، ويمكن أن يكون له معنى عملي، علماً بأن أمنيات بيطان لا توضح فقط جهله بقوانين الديمقراطية، وإنما مواقفه العنصرية، التي تمثل الطموح لتنفيذ ترانسفير سياسي جديد» ضد فلسطينيي 48.

وكان وزير «الدفاع» (افيغدور ليبرمان) قد عرض سابقاً تبادل الأراضي، أي طرد فلسطينيي 48 إلى أراضي 1967 كشرط للمفاوضات، والآن يسعى «بيطان» إلى طردهم خارج أسوار الديمقراطية!

أما وزير «التربية والتعليم» (نفتالي بينيت) فيخطط لإعداد توصيات تحدد «آداب المهنة في مؤسسات التعليم العالي» فيما يخص النشاط السياسي والأكاديمي، محاولا تقليص التأثير السياسي لليسار الإسرائيلي في الجامعات. فقد كتب «زوهر شبيط» و«يعقوب زوهر» مقالا مشتركاً ساخراً اعتبرا فيه أن التوصيات التي يتحدث عنها «بينيت» «ستوضع في قاموس للمصطلحات التي يُمنع استخدامها، إضافة إلى قائمة من الممنوعات، ربما ستسري فقط على المحاضرات الجامعية، أو على الأقوال والنقاشات في ممرات الحرم الجامعي وفي مقصفه ومقاهيه»! ويضيف الكاتبان بصورة تهكمية: «كما هو متوقع، سيتبين للوزير بسرعة أن الوثيقة لا تكفي، فيقدم عندئذ شرطة التفكير التابعة له، وسيكونون مسلحين بالمعرفة، وسيتم إرسالهم للتخفي على شكل طلاب جامعيين يجلسون في المحاضرات ويستمعون إلى كل كلمة تتجاوز المعيار المسموح به»!

من جانبه، تحدث الأديب اليهودي «سامي ميخائيل» عما أسماه «الثالوث الدنس في إسرائيل»، متمثلا في: نظام الحكم الفاسد، رأس المال الجشع الذي يبتلع كل شيء، والدين الغيبي العنيف. وقال: «حيال هذا الثالوث، يقف المجتمع الإسرائيلي عاجزاً، مشلولاً ومتخبطاً، فيما إسرائيل تنزلق اليوم إلى العالم الثالث الظلامي وتبتعد أكثر فأكثر عن العالم الديمقراطي المتنور». ثم أضاف: «إسرائيل اليوم غارقة بجيوش من الحاخامات في صورة مرشدين روحانيين يهمسون في آذاننا منذ الختان وحتى حفرة القبر. الكثيرون منهم محصنون من النقد حتى لو كانوا سراقين، مغتصبين، ومحرضين عنصريين.. يدافع عنهم سياسيون تنز منهم رائحة الفاشية». ثم يختم: «في واقع الاحتلال، الاستيطان العنيف لأرض ليست لنا، مع مبادرات قوانين السلب.. كل ذلك يجعل صورة المحتل العنيف في الثقافة الإسرائيلية موضع إعجاب». وفي هذا السياق، يقول «أفيعاد كلاينبرغ»: «رئيس الوزراء يؤمن بالفعل بأنه عندما يسلب يهود أراضي عرب، حتى لو كان الفعل تم في ظل استخفاف بالقانون، فإنهم يفعلون فعلا أخلاقيا ويهوديا؛ سلب العرب هو دوماً لأجل السماء ولفخار دولة إسرائيل»!

وفي الخلاصة؛ أقوال السياسيين الإسرائيليين غير معزولة عن الواقع، بل هي كشف آخر عن العقلية الفاشية التي تتبناها حكومة نتنياهو.

وعلى نحو متمم، ولأن العقلية الفاشية لا تقتصر على القيادات الإسرائيلية المتنفذة فحسب، بل هي تشمل المجتمع بأسره والذي بات توجهه نحو اليمين واضحاً منذ بداية العقد الماضي. فاستطلاعات الرأي تؤكد تأييد غالبية الإسرائيليين قمع الفلسطينيين ومنها استطلاع هو الأحدث أجرته مؤخراً «جمعية حقوق المواطن في إسرائيل». وهذا الاستطلاع كشف عن وجود «أكثرية ساحقة من اليهود تعتقد أن ممارسات الدولة ضد الفلسطينيين لا تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان». كما أظهر الاستطلاع أن «أكثر من نصف اليهود بقليل يعتقدون أن الممارسات المشابهة ضد المستوطنين تشكل انتهاكاً لحقوق الإنسان».

 كما كشف الاستطلاع أن «مواقف الجمهور في قضايا حقوق الإنسان يقدم صورة مركبة ومثيرة للتحدي: معظم الجمهور يبدي احتراماً للحقوق ورغبة في تعزيز المساواة، إلا أن تطبيق قيمة الحقوق، في أعين الكثيرين، مقتصر على مجموعات معينة بحيث تتناسى حقوق (فلسطينيي) إسرائيل». والحال كذلك أيضاً بالنسبة لشيطنة المؤسسات الأهلية في الدولة الصهيونية. فبحسب استطلاع آخر نشره «المعهد الإسرائيلي للديمقراطية»، فإن: «71% من الجمهور اليهودي يعتقدون أن منظمات حقوق الإنسان والمواطن تتسبب بالضرر للدولة، و76% من الذين يعتبرون أنفسهم من الناحية السياسية في الوسط، يعتبرون هذه المنظمات جهات مضرة وأن هذه الظاهرة لا تقتصر على معسكر سياسي واحد».

التغّول اليميني الذي يسيطر على إسرائيل اليوم، بات يلامس حدود الفاشية، ذلك أن الرادع غير موجود في ظل أشرس حكومة يمينية شهدها تاريخ الدولة الصهيونية.

عن الاتحاد الاماراتية