سلطت جمعية الهلال الأحمر الليبي الضوء على قضية النازحين الليبيين بعد إصدارها تقريرا يوضح أن أكثر من نصف مليون شخص نزحوا من مناطقهم منذ نحو عام، بسبب أعمال العنف في البلاد.
ويعيش آلاف النازحين الليبيين في ورش البناء المهجورة، ومساكن الطلاب الفارغة أو مع أسر مضيفة لأنهم يخشون العودة إلى ديارهم.
فيقول حسن العروي، الذي كان يعيش في العاصمة طرابلس "نحن نريد العودة ولكننا لا نستطيع. حاول بعض الناس من المخيمات العودة قبل نحو شهرين، ولكن قوات من المسلحين أسرت حوالى سبعة منهم".
وما يزال توفير الحماية لمجتمعات النازحين، لا سيما من الميليشيات المسلحة التي تجوب المدن الرئيسية باستمرار، أحد أكبر التحديات التي تواجه الحكومة الليبية حتى الآن.
ويردد كل من وكالات الإغاثة والمواطنين الليبيين لازمة مشتركة، وهي أنه على الحكومة أن تتحمل المسؤولية عن مجموعة من المشاكل، بما فيها النزوح الداخلي.
مخاوف من كارثة إنسانية
وعبر مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا أحمد حمزة، من خلال وسائل الإعلام، عن قلقه الشديد حيال تفاقم الأوضاع الإنسانية لنازحين والمشردين داخليا والمهجرين خارجيا ما بعد فبراير 2011.
بالإضافة إلى تفاقم المؤشرات الخطيرة للأوضاع الإنسانية المأساوية للنازحين الفارين والمهجرين من مناطق النزاع جراء أحداث العنف التي اندلعت غرب العاصمة طرابلس منذ مايو 2014 حتى الآن بمناطق ورشفانة وككلة وبئر الغنم وكذلك مناطق ابراك الشاطئ وأوباري بجنوب البلاد وبنغازي بشرق البلاد.
وقال حمزة إن "عدد المهجرين بالداخل والخارج ما بعد أحداث فبراير 2011 يقدر بمليون و270 ألف شخص، وكذلك هناك نازحون بالداخل جراء أحداث العنف التي اندلعت بطرابلس وبنغازي مايو 2014 يقدر ب 410 ألاف شخص موزعة على بنغازي ورشفانة وتاورغاء والمشاشية والقواليش وككلة واوباري وبراك الشاطئ والنوفلية بن جواد وجرمانة والطوارق بغدامس".
وحذر حمزة من مغبة وقوع كارثة إنسانية لهؤلاء النازحين واللاجئين داخليا، حيال إهمال وعدم التدخل العاجل من قبل هيئات الأمم المتحدة والجمعية العامة للأمم المتحدة على إهمالها للجانب الإنساني والإغاثي لهذه الفئات المتضررة بليبيا.
وأضاف أن الأمم المتحدة لم تقدم من خلال هيئاتها الإنسانية أي شيء يذكر لتخفيف حجم المعاناة والمأساة التي يعانيها المهجرون والنازحون منذ فبراير 2011، في المقابل شاهدنا للأسف الشديد الاهتمام الكبير من قبل الأمم المتحدة على الوضع الإنساني والتدخل العاجل في بعض الدول الآخرى متجاهلة في الوقت ذاته الوضع الإنساني الدائر بليبيا.
ودعا مقرر اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا، الأمم المتحدة للوفاء بالتزاماتها الإنسانية حيال معاناة المدنيين والمهجرين الليبيين بالداخل والخارج وذلك بموجب ميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي الإنساني.
"أرقام مرعبة"
وكانت جمعية الهلال الأحمر الليبي أكدت في تقرير لها أن "تصاعد العنف المسلح في ليبيا أدى إلى نزوح أكثر من نصف مليون شخص بين 14 مايو 2014 ومطلع أبريل الجاري".
وأوضح التقرير أن طرابلس استقبلت العدد الأكبر من النازحين مع أكثر من 126 ألف شخص فيما سجلت بنغازي، ثاني مدن ليبيا، نحو 110 ألاف.
والإحصائية هي الأولى شبه الرسمية محليا، لكنها لم توثق حالات نازحين لجأوا إلى أقاربهم في المناطق الآمنة نسبيا، وآثروا عدم البقاء في المدارس والمخيمات، بحسب محمد علي الناشط في مجال المجتمع المدني وشؤون النازحين.
وبحسب الهلال الأحمر، فإن بنغازي التي شهدت انطلاق احتجاجات 17 فبراير 2011 ضد حكم العقيد الراحل معمر القذافي تتصدر أعداد النازحين منها وإليها، تليها ككلة والمشاشية في الجبل الغربي، وورشفانة جنوب طرابلس.
وأشارت إلى تفاقم انتشار النزاع المسلح بين الجيش الليبي وجماعات متطرفة في أكثر من مدينة، مؤكدة أن المناطق الأساسية لأعمال العنف المسلح هي "بنغازي والمنطقة الغربية ومدينة أوباري ودرنة والمنطقة الوسطى".
ولفتت إلى أن مدينة درنة، معقل الجماعات المسلحة بشرق البلاد، شهدت "نزوحا ثانويا"، بينما في الجنوب حيث النزاع المسلح في منطقة أوباري يعتبر "صراعا قبليا داخل المدينة".
وقسم التقرير الصراع في المنطقة الغربية إلى قسمين الأول في محيط ككلة والقلعة بالجبل الغربي والثاني في منطقة ورشفانة.
لكن التقرير لم يتطرق إلى النازحين خارج البلاد في حين أكدت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنها أحصت في وقت سابق من العام نحو 100 ألف شخص فروا إلى الخارج.