يصعب الحديث عن مزايا لزمن الإخوان، فزمنهم لم يدُم سوى أقل من ثلاث سنوات، ويمكن أن نقول سنة واحدة، هى فترة حكم محمد مرسى، فالمؤكد أن زمن الإخوان جلب لمصر والمصريين كوارث على كل المستويات، كانت فترة استثنائية فى تاريخ مصر المعاصر، ترنّحت فيها الدولة المصرية، واستُهدفت مؤسساتها واستُبيح أمنها على يد جماعات مسلحة من شتى بقاع الأرض. لكن رغم كل ذلك، فلزمن الإخوان مزايا كثيرة، أهمها على الإطلاق انكشاف الجماعة أمام المصريين، فقد كانت الجماعة تقدم نفسها لمصر والمصريين، باعتبارها جماعة دعوية تعمل على تعزيز القيم والمبادئ ونشر الفضيلة فى المجتمع، كانت تعمل منذ ثمانية عقود، وما حدث بينها وبين نظام «عبدالناصر» نظر إليه باعتباره صداماً سياسياً، أى أنه صراع بين الجماعة والنظام، حسمه النظام لصالحه دون أن يمس شعبية الجماعة التى أخذت فى التصاعد من جديد وانتشرت للسيطرة على مواقع مهمة فى المجتمع والدولة، سيطرت على العملية التعليمية، ومارست الأعمال الخيرية على نحو رسم لها صورة حسنة فى عيون بسطاء المصريين.
حصدت الجماعة أكثرية مقاعد البرلمان فى الانتخابات التى جرت نهاية عام ٢٠١١، كما فاز مرشحها بمنصب الرئيس فى انتخابات يونيو ٢٠١٢، ومن ثم وصلت إلى قمة السلطة فى البلاد، هنا بدأ المصريون فى اكتشاف حقيقة الجماعة باعتبارها جماعة عنصرية تؤمن بالتنظيم لا الدولة، تؤمن بعضوية الإخوان لا الجنسية المصرية، بدأ المصريون فى اكتشاف أن الجماعة كيان منفصل ومستقل عن الشعب ومتعالٍ عليه أيضاً، الإخوانى لا يثق إلا فى إخوانى مثله وهناك من ذهب إلى القول بأنه لا يتزوج إلا إخوانية. بدأت الجماعة فى استهداف مؤسسات الدولة المصرية، وفضّلت أنصار التنظيم فى أى مكان على الشعب المصرى. وعندما انفجر غضب الشعب المصرى وخرج للإطاحة بحكم المرشد والجماعة، كانت عمليات القتل العشوائى والتفجير والتدمير التى طالت كل فئات المجتمع المصرى. وبدت الجماعة فى عيون المصريين جماعة إرهابية ترتكب أعمال القتل والتخريب والتدمير، وأن هناك روابط قوية بينها وبين جميع الجماعات المسلحة، بما فيها تنظيم القاعدة. منذ الإطاحة بـ«مرسى» لم تتوقف أعمال القتل والتخريب والتدمير التى تقوم بها عناصر الجماعة، وعلى نحو جعلها فى مواجهة الشعب المصرى بكل فئاته وطوائفه. ومن هنا فإن من مزايا زمن الإخوان اكتشاف الشعب حقيقة الجماعة، ومن ثم لم يعد العداء بين الجماعة والنظام، بل بات الشعب المصرى طرفاً فى المعادلة على نحو يُفقد الجماعة ما كانت تتمتع به من رصيد شعبى، فقد ولى وإلى عقود.
من بين أبرز مزايا زمن الإخوان أيضاً كشف الخلايا الإخوانية التى كانت نائمة، بعد أن جرى تنشيطها، فقد فوجئنا جميعاً بشخصيات كشفت عن هويتها الإخوانية بعد أن كانت نائمة فى مؤسسات الدولة المختلفة لعشرات السنين، فقد أدى وصول «مرسى» للرئاسة إلى تنشيط الخلايا الإخوانية والكشف عنها، وكم كانت هناك خلايا نائمة فى أعصاب الدولة الحساسة ومؤسسات وأجهزة الحكم، وقد أدى تنشيطها إلى كشفها وحرقها، والأهم من كل ذلك هو كشف عملاء الجماعة الذين ارتدوا أقنعة ليبرالية ويسارية وعملوا بحرية، باعتبارهم شخصيات وطنية وهم فى حقيقة الأمر شخصيات انتهازية مستعدة لبيع نفسها إلى كل من هو على استعداد لدفع الثمن، منهم من تعاون مع أجهزة أمن زمن «مبارك» وقبض الثمن، ومع الإخوان بدا مستعداً للعمل معهم مقابل مكاسب شخصية، منهم من كان على أطراف لجنة سياسات الوريث، حاول الدخول إلى قلب اللجنة للاقتراب من شخص الوريث، فأغلق الطريق فى وجهه، لاعتبارات تتعلق بالمنافسة الشخصية، وعاد مع ٢٥ يناير ليُعلن نفسه ثورياً، ثم عمل فى خدمة الجماعة وتنفيذ كل ما يُطلب منه من مكتب الإرشاد لقاء السماح له بالعمل بحرية، والحصول على قدر من التعويض المادى والسياسى، جاءت «٣٠ يونيو» لتطيح بالجماعة، ومعها آمال المتحولين من رجال كل زمان، وهناك من عاد للنوم مجدداً فى قلب مؤسسات الدولة ينفذ تكليفات الجماعة، وينقل لها ما يجرى داخل هذه المؤسسات، وانتظاراً للحظة قد تأتى ويحين فيها التنشيط مجدداً.
عن الوطن النصرية