تتواتر المعلومات عن العزم على عقد المجلس الوطني الفلسطيني، في جلسة يجرى فيها انتخاب لجنة تنفيذية جديدة. وعلى أهمية هذا، فإنّ نقطة الضعف الأساسية هي أن الغالبية العظمى من الناخبين قدامى.
قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس، في كلمة متلفزة بمناسبة الذكرى الثانية والخمسين لانطلاقة حركة التحرير الوطني الفلسطيني (فتح): "هناك مشاورات بدأت مع جميع الفصائل والقوى الفلسطينية، لعقد جلسة للمجلس الوطني الفلسطيني، في فلسطين، خلال الأشهر المقبلة، من أجل تجديد قيادة منظمة التحرير الفلسطينية الممثلة باللجنة التنفيذية". وبحسب بيان نشرته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا)، فإنّ لجنة تحضيرية ستجتمع لعقد المؤتمر، الأسبوع المقبل، في العاصمة اللبنانية (بيروت). وبحسب الوكالة أيضا، فإنّ "اللجنة التحضيرية عقدت أربعة اجتماعات لها خلال العام المنصرم في مدينة رام الله، ناقشت خلالها كافة الملفات المتعلقة بعقد دورة عادية للمجلس الوطني". وهو ما يثير السؤال: لماذا تجتمع اللجنة هذه المرة في بيروت؟
إلى ذلك هناك جدل بشأن ما إذا كان يجب عقد المجلس الوطني داخل فلسطين. ورفض البعض الفكرة، خصوصاً مسألة عقده في قاعة أحمد الشقيري التي شيّدت حديثاً في مبنى المقاطعة (مقر القيادة الفلسطينية في رام الله)؛ إذ لا يجوز، برأيهم، عقدها في قاعة الرئاسة، فهذا يناقض مبدأ فصل السلطات. وعارضت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين عقده في الداخل من حيث المبدأ. وطبيعي أن فصائل مثل "حماس" و"الجهاد" ستعارض عقده في الداخل، لأن قياداتها لن تتمكن من المشاركة، بسبب عوائق الاحتلال. لكن بطبيعة الحال، فإن مشاركة الفصيلين الأخيرين لن تتحقق لأسباب أخرى، أهمها عدم الاتفاق على أسس إعادة تشكيل المجلس، ومطالبهما بتغييرات شاملة في النظام السياسي الفلسطيني.
بحسب أوساط في قيادة حركة "فتح"، فإنّ أي دولة عربية لن تستضيف المؤتمر. وردّت قيادات في حركة "حماس" بأنّ هذا غير صحيح، وأن دولا مستعدة لذلك، ويمكن طرق باب جامعة الدول العربية، وأنّ لبنان مثلا مستعد لاستضافة المجلس. فيما أكدت أوساط "فتح" أن العرض اللبناني هو فقط لاستضافة اجتماعات اللجنة التحضيرية.
يبدو السيناريو الأرجح هو عقد المجلس في فلسطين أو خارجها، بتشكيلة أعضائه القديمة. وهذه التشكيلة تأتي في جزء كبير منها من المستقلين. وبحسب بعض المطلعين، هناك نحو خمسين وفاة بينهم.
ويتم تعويض أي وفيات أو انسحابات من ممثلي الفصائل بقرار من الفصائل، وكذلك الأمر بالنسبة لممثلي الاتحادات المهنية والشعبية، لكن المشكلة أنّ هذه الاتحادات ليس هناك توسعة لعضويتها أو انتخابات شاملة لأعضائها.
بحسب السيناريو الحالي، قد ينعقد مجلس وطني بعضوية غير مجددة فعليا، لانتخاب لجنة تنفيذية جديدة (من بين أوساط "النادي" القديم ذاته). وسيكون التغيير فيها في صفوف المستقلين في اللجنة، أو من كانوا يمثلون فصائل في الماضي وتركوها، وبقيت عضويتهم في اللجنة. وربما يتغير ممثل أو اثنان للفصائل، إذا قررت الفصائل تغيير مندوبيها، ووصلت لاتفاق داخلي حول ذلك، فيما تبقى أغلبية اللجنة على ما هي عليه.
هذا الاجتماع، وحتى هذا التغيير المحدود، له إيجابيات بلا شك، وسيحرك المياه الراكدة.
قد يكون تشكيل مجلس وطني جديد ممثلاً سياسيا للقوى الفلسطينية عموماً، متعذراً من دون اتفاق مع "حماس". لكن هذا لا يمنع أنّ تجديدا أكبر للمجلس الوطني أمرٌ ممكن، حتى لو تقرر عقده من دون توافق مع "حماس". ومن ذلك، مثلا، المستقلون، وضرورة تطعيمه بمستقلين جدد، على أن يكونوا مستقلين حقا، من طاقات الشعب الفلسطيني الشابة، في مجالات مختلفة؛ من ناشطين سياسيين، وأكاديميين، وكتّاب، ورجال أعمال، ومهنيين، وغيرهم، من دون أن يكونوا مجرد أعضاء من الفصائل يعينون بزعم أنهم مستقلون. ويمكن أيضاً تحريك عجلة الاتحادات المهنية والطلابية لانتخاب ممثلين جدد، بعد تجديد عضوية الاتحادات. وتشكل عضوية المستقلين والاتحادات المهنية والشعبية، نحو نصف المجلس الوطني. ويمكن كذلك التجديد في عضوية ممثلي الفصائل المشاركة في المنظمة بآليات تقررها الفصائل.
كانت اللجان التحضيرية للمجالس الوطنية الفلسطينية في الماضي تستغرق أشهراً في العمل المستمر والدؤوب لتشكيل مجالس قوية وممثلة. ويمكن تكرار الأمر ذاته الآن، للوصول إلى أفضل ما يمكن الوصول إليه، في ظل غياب توافق سياسي كامل بين الفصائل.
عن الغد الأردنية