نتنياهو رمى المحكمة وقيادة الجيش تحت عجلات الباص

thumb (4)
حجم الخط

سبع صفحات وآلاف الكلمات كان رد رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الحماسي والعنيف ضد الصحافية إيلانا دايان بسبب التقرير الذي نشرته في برنامج «عوفدا» الذي تطرق إلى ما يجري في مكتبه. مساء أول من أمس اكتفى نتنياهو بـ54 كلمة فقط للرد على الحدث الأكثر أهمية الذي شهدته إسرائيل في السنة الأخيرة - إدانة الجندي إليئور أزرايا الذي قتل في الخليل «مخرباً» لا يشكل خطراً بدافع من الانتقام. أكثر من خمس ساعات مرت بين اللحظة التي أدين فيها أزاريا وبين بيان نتنياهو الذي صدر قبل دقائق قليلة من نشرات الأخبار في القنوات التلفزيونية الأساسية. لقد كان البيان حلقة جديدة في سلسلة خطوات من التخلي عن التصرف الرسمي الأساسي الذي قام به نتنياهو في بداية القضية، واستمراراً مباشراً لمواقفه المتذبذبة منذ بداية القضية، وللحديث الهاتفي الذي أجراه مع والدَيّ أزاريا، وكلامه المثير للغضب الذي قاله إلى أودي سيغل في القناة الثانية قبل بضعة أشهر حين قارن بين أهل الجندي المتهم بالقتل وبين أهالي الجنود الذين سقطوا في القتال. لقد كان بيان نتنياهو مثل كتابات جورج أورويل. وأي زائر من كوكب آخر حط، أول من أمس، في إسرائيل عند الساعة الثامنة وقرأ البيان كان سيعتقد أن الجندي مطلق النار هو ضحية الحادث كله وضحية المحكمة. لقد تماهى نتنياهو في بيانه بصورة مطلقة مع الجاني ومع مؤيديه ودعا إلى منح العفو إلى الجندي مطلق النار قبل اصدار الحكم وقبل أن يقرر القضاة ماذا ستكون عقوبته. وقبل ساعات من بيان نتنياهو دعا عشرات من مؤيدي أزاريا تظاهروا خارج الكرياه إلى قتل رئيس الأركان غادي أيزنكوت، وكتب آخرون على وسائل التواصل الاجتماعي أنه يجب قتل القاضية مايا هيلر التي ادانت أزاريا.  وجاء رد نتنياهو على هذه الدعوات إلى القتل ضعيفاً ومتلعثماً، فهو لم يعبر عن إدانته لها ولم يعبر عن ثقته بالقضاة وبالحكم واكتفى بعبارة عامة هي: «يجب على جميع مواطني إسرائيل التصرف بمسؤولية حيال الجيش الإسرائيلي وقادته ورئيس أركانه». عندما نقرأ بيان نتنياهو لا مفر من الوصول إلى الاستنتاج بأن رئيس الحكومة رمى رئيس الأركان ومؤسسة القضاء العسكري وقادة الجيش الإسرائيلي وقيمه تحت عجلات الباص. وخوفاً من التعليقات ومن الاستطلاعات ومن المقاعد التي ستهرب منه في اتجاه نفتالي بينت عزز نتنياهو الرواية الكاذبة التي ينشرها مؤيدو ومحامو أزاريا منذ 10 أشهر والتي تروج أن القيادة في الجيش الإسرائيلي رمت «ابننا كلنا» إلى الكلاب. من بين جميع الردود على الحكم برز موقف وزير الدفاع السابق موشيه يعلون - الرجل الذي أزيح عن منصبه على خلفية الموقف الأخلاقي الصارم الذي أظهره في القضية، والدعم الذي قدمه إلى قادة الجيش، وعدم تراجعه أمام المتطرفين الذين حاولوا بحسب قوله تحويل «الجيش إلى جيش عصابات». لقد هاجم يعلون بشدة نتنياهو، ومن خلفه في وزارة الدفاع، أفيغدور ليبرمان، والوزير نفتالي بينت، وقال إنهم كذبوا على عائلة أزاريا وعلى الجمهور الإسرائيلي كله واستغلوا الحادث من أجل أغراضهم السياسية. وفي هذه النقطة يعلون على حق. ليبرمان الذي وقف قبل 10 أشهر في المحكمة كي يدعم أزاريا وتظاهر ضد قادة الجيش، وبينت الذي سارع إلى استديوهات التلفزيون للدفاع عن الجندي مطلق النار، ونتنياهو الذي خضع للشعبوية، هؤلاء كلهم غذوا نمر العنصرية والتحريض والكراهية. نقطة إضافية في الختام. لقد درست المحكمة العسكرية الوقائع طيلة عشرة أشهر وأصدرت حكماً تضمن مئات الصفحات وعالجت حادثاً تكتيكياً وموضعياً. وقد قرر القضاة أن أزاريا مذنب بالقتل ويجب أن يذهب إلى السجن. لكن النقاش العام الذي يجب أن يجري خارج المحكمة يجب أن يتناول مسألة أكثر شمولاً بكثير، ألا وهي - ما مدى مسؤولية الحكومات التي تواصل الدفع قدماً بسياسات تضع الجنود أمام واقع مستحيل في الضفة الغربية، مثل الواقع الذي دفع أليئور أزاريا إلى السجن؟ عن «هآرتس» -