" اشكالية الكهرباء وحق الناس في الاحتجاجات السلمية":

thumbgen (1)
حجم الخط

"إذا وقع الظلم أو حدث الشعور به، فإن من حق الناس أن يتظاهروا ويتحركوا في مسيرات سلمية، فهذا السلوك طبيعي في كل البلدان، ولا يعكس بالضرورة وجود حالة عداوة بين الحكومة والشعب، إنما هي حركة احتجاجية طبيعية هدفها توصيل رسالة قوية للحكومة القائمة بأن هناك تقصير أو عجز في أحد أجهزتها، ومطلوب معالجة ذلك.

السؤال: لماذا يحاول البعض تصوير ذلك وكأنه ثورة على حماس أو على المقاومة، وليس ردة فعل متوقعة على خلل أو عجز في الأداء الحكومي؟!!

بصراحة؛ إن انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة في هذه الأجواء الباردة كالصقيع استفزت المواطنين؛ لأن إجابات المسئولين وتبريراتهم غير مقنعة، وهناك مظاهر طبقية يراها البعض حتى في طريقة توزيع الكهرباء.

لقد عشت في أكثر من بلد في أمريكا وأوروبا، وكنا نشاهد حركات الاحتجاج في الشارع وأمام مؤسسات بعينها، وكانت الأجهزة الشرطية تنظم تلك المسيرات وتحرسها، إلى أن تصل الرسالة وينفض السامر، ويشعر الناس أن رسالتهم قد وصلت للمسئولين وبلغت أسماعهم، ويتم الرد والتوضيح عبر الوسائل الإعلامية فتهدأ الساحات وتستقر الأمور وتبدأ التحركات لمعالجة الأمور.

لماذا يريد الإخوة في الأجهزة الأمنية إظهار قطاع غزة وكأنه يعيش حالة من الراحة والاستقرار، بينما المشاكل والأوضاع الكارثية تنهشه من كل جانب؟!!

التظاهرات السلمية ظاهرة حضارية، ومن حق الناس أن يصل صراخهم لكل المؤسسات الدولية بأن غزة على وشك الانفجار والثورة، حيث إن تفاقم الأوضاع المعيشية دوافعه سياسية، وأن السلطة في رام الله شريكة في صناعة تلك المشاكل، وأن ما تقدمه الدول المانحة كمساعدات للسلطة لقطاع غزة حصة فيه، ولكنها لا تصل ولا تغطي احتياجات الناس؛ لأن أجندة البعض في رام الله - للأسف - هو ابقاء القطاع يعاني ويتألم وينزف حتى الموت.

إن أصوات الاحتجاج والاستغاثة يجب أت تصل لمسامع العالم، حتى يتم التحرك والتفاعل معها، والبحث عن حلول ومخارج لأزماتها، فالعالم لا يريد لغزة أن تنفجر أو تفلت من عقالها، حيث إن عقابيل ذلك غير محمودة العواقب على المنطقة .

إنني أدعو إخواني في الأجهزة الأمنية ألا يبالغوا في ردات الفعل على استحقاق طبيعي للناس وحقهم في الاحتجاج على الانقطاع الطويل للكهرباء، ولكن من واجبهم تذكير الناس بضرورة أن تكون المسيرات سلمية، وفي أماكن يتم تحديدها لهم، مع حضور إعلامي لإيصال رسالتهم للعالمين.

إن اللجوء لأساليب القمع والتهديد والوعيد يؤدي إلى الاحتقان وانسداد الأفق ثم الثور، ونحن شعب تحت الاحتلال، وعلينا أن ندخر كل طاقاتنا للمواجهة مع المحتل الغاصب، وألا نستنزف عافيتنا في معارك جانبية بسبب مطالب حياتية، نعلم علم اليقين أن هناك من يفتعلها، لتشتيت قوانا وتفريق جمعنا".