كشف زمن حكم المرشد والجماعة عن قوة ونفوذ التيار السلفى، ذلك التيار الذى حظى برعاية خاصة من جهاز أمن الدولة فى زمن مبارك متصوراً أن بإمكانه استخدام التيار السلفى كمعادل موضوعى لجماعة الإخوان، غير مدرك أن مساحة الالتقاء بين التيار السلفى والجماعة أكبر كثيراً مما كان يتصور، وأن التيار السلفى يلتقى مع الجماعة وبإمكانهما العمل معاً. صحيح أن براجماتية التيار السلفى جعلت قطاعاً منه يقبل بالوجود فى مشهد الثالث من يوليو، إلا أن الصحيح أيضاً أن رموز هذا التيار لم تتخلّ عن تشددها وتطرفها، فهى تؤمن بالدولة الدينية، ترفض الدستور، تنكر مبدأ السيادة للشعب، لا تؤمن بالمواطنة ولا المساواة ولا تحترم رموز الوطن بما فيها العلم والنشيد الوطنى.
يدرك قطاع من التيار السلفى أن نظام ما بعد الثلاثين من يونيو بحاجة إليه حتى لا يتهم بمعاداة التيارات الإسلامية على إطلاقها، وهو ما اعتمد عليه قطاع من التيار السلفى كى يطرح نفسه بديلاً لجماعة الإخوان داخلياً (للنظام القائم) وخارجياً (للولايات المتحدة وأووربا)، فى الوقت نفسه واصل التيار السلفى بث أفكاره المتطرفة عبر رموزه التى تشعر أنها محل حماية ولن تتعرض للمساءلة، لذلك يواصل رموز التيار السلفى، لاسيما من الجبهة السلفية بالإسكندرية، بث تعاليمهم التى لا تتوافق مع الدولة المدنية، ولا مع المواطنة وحقوق الإنسان، يواصلون التحريض على المغاير الدينى والطائفى، يطلقون فتاوى تتوافق والبيئة التى نشأت فيها الحركة الوهابية من أحادية فكرية ورفض تام للمدنية الحديثة وكل القيم الإنسانية.
أفكار الجبهة السلفية دفعت مجموعات من شبابها إلى الالتحاق بالجماعات الإرهابية التى تقاتل الحكومات فى عدد من البلدان العربية مثل العراق وسوريا وليبيا، بل إن مجموعات من الشباب المنتمى للتيار السلفى تنخرط فى الأعمال الإرهابية التى تدعو إليها جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية، فكثيراً ما شارك ويشارك التيار السلفى فى دعوات الجماعة للخروج على النظام وفى دعوات الفوضى فى مناسبات عدة.
كما واصل رموز التيار السلفى عمليات التحريض ضد الدولة وضد نمط الحياة المشتركة للمصريين، فوجدنا رموز هذا التيار يحرضون على الأقباط، ويقفون ضد بناء وتعمير الكنائس فى مناطق نفوذهم فى بعض قرى صعيد مصر وفى بعض أطراف الجمهورية مثل مرسى مطروح والبحيرة والعامرية بالإسكندرية، وأصدروا الفتاوى التى تحرض ضد الأقباط والتى دفعت عناصر منتمية لهم للقيام بعمليات إرهابية مثل تفجير الكنيسة البطرسية فى الحادى عشر من ديسمبر الماضى، وهى العملية التى كانت محلاً لاستنكار واستهجان من غالبية المصريين، وأيضاً حادث «ذبح» سلفى سكندرى لمواطن مصرى مسيحى يمتلك محلاً لبيع الخمور.
فى تقديرى أن التيار السلفى لا يقل خطورة عن جماعة الإخوان، بل هو أكثر خطورة منها ويشكل خطراً مستمراً على نمط الحياة المصرى وعلى أمن البلاد واستقرارها، وآن الأوان لقرار شجاع من الدولة بتطبيق نصوص الدستور التى تمنع قيام الأحزاب على أساس دينى، فمن يريد العمل بالسياسة عليه خلع رداء الدين ومن يرغب فى العمل فى المجال الدعوى والدينى عليه الابتعاد عن السياسة نهائياً، مع تطبيق نصوص القانون على الجميع فلا يتصور أن تطبق نصوص قوانين على أطفال ومثقفين ومبدعين ولا يعاقب محرضون على العنف والقتل لأنهم ينتمون للتيار السلفى. آن الأوان لتطبيق مواد الدستور ونصوص القانون على الجميع.
عن الوطن المصرية