حملة القتل التي لا تنتهي، والتي نسميها خطأ "ارهاب الأفراد"، لم يتم استيعابها بعد. في جزء كبير من عملية الاعداد الخاصة بنا، المدنية والعسكرية، لم يتم تشرب الفهم بأن من ينفذون العمليات مُركّزون. فلديهم اولويات واضحة وهم: الجنود أو من يلبسون الزي الرسمي، الذين يرمزون لقوة دولة اسرائيل، والمستوطنون الذين يرمزون للاحتلال، والمواطنون العاديون الذين يتم اعتبارهم يهودا من اجل زيادة ضغط الجمهور.
عملية الدهس، التي حدثت، أول من أمس، والتي قتلت فيها ضابطة وثلاثة تلاميذ عسكريين وبُثت صورها بدقة، يتفطر لها القلب حتى بعد المشاهدة للمرة الخامسة. وهي تثير مشاعر الغضب وخيبة الأمل بسبب الضياع في المشاهدة العاشرة. هذا هو العدو الذي نواجهه وهذه هي الطرق التي تبناها من اجل قتلنا وتحطيم روحنا. وللاسف الشديد لم نستوعب بعد ولم نستعد بالشكل الصحيح له. منفذو العمليات، الذين اختاروا "الارهاب" طريقة للعمل، سيحاولون في كل مرة مفاجأتنا من جديد، ونحن بالفعل متفاجئون.
الجنود ومن يلبسون الزي العسكري في أي مكان يتواجدون فيه، وخصوصا عندما يكونون في مجموعة قرب مناطق الاحتكاك، يجب عليهم أن يتصرفوا وكأنهم في معسكر. واذا لم يكن بالامكان حماية موقع تجمعهم، فيجب الدفاع عنهم بالحراسة والرقابة كي يحذروا الاخطار، وكذلك زيادة قدرتهم على الرد ومنع تعرضهم للاصابة، أو على الأقل تقليل الضرر.
إن من نفذ عملية الدهس في القدس، أول من أمس، وجد نقطة الضعف. نحن مصابون ونعيش الحداد لأن الجنود ليسوا أبناءنا في الهوية فقط، بل مثل أبنائنا منذ أن أصبحوا جنوداً يدافعون عنا.
صور الجنود وهم يهربون من موقع العملية، كما تم بثها مرة تلو الاخرى، تبدو سيئة. فمن هرب لم يفعل ذلك لأنه لا يريد اطلاق النار، ولا يريد التورط مع المحكمة العسكرية، بل تصرف بهذا الشكل لأن هذا هو الرد الغريزي للمفاجأة وقلة الحيلة. لا أريد أن يقوم الجميع باطلاق النار في موقع الحادثة لأن هذا قد يضر بالجنود أنفسهم. ومن الطبيعي أن الخوف يسيطر عندما يتحقق التهديد، وصراخ المصابين يزيد من الفوضى، ولا أحد يعرف ماذا يفعل بالضبط. ولكن في هذه اللحظات وفي هذه الاماكن يُقاس الجيش الذي يجب أن يكون مستعدا للرد والمبادرة والاحتكاك.
أجد العزاء في المرشد الذي كان في المكان، وفي اولئك الجنود والضباط الذين كانوا بجانبه، وخلال ثوان معدودة لاحظوا أن الحديث يدور عن عملية وليس حادثة طرق، فأطلقوا النار. إنهم المثال الذي يستحق التقليد.
لا أعتقد ولا أوصي أحداً بالربط بين هرب عدد من الجنود وبين حادثة اليئور ازاريا. ومع ذلك، كلما مر الوقت وطالما أنه لا يوجد توضيح صحيح يشجع على السعي الى الاحتكاك ويسمح للجنود بالرد عند وجود خطر أو عند ملاحظة وجود تهديد والعمل على تحييده، فان "متلازمة أزاريا" قد تتغلغل أكثر وسنرى جنودا يفضلون الاختباء بدل الهجوم. إن العدو الذي يوجد أمامنا لن يرتدع من هدم منزل الشهيد، بل من معرفة أن دولة اسرائيل تثق بتقديرات من يحملون السلاح ويحافظون على طهارته، وأنهم لن يترددوا في الاحتكاك واستخدام السلاح عند وجود الخطر.