خياران في بيروت

حمادة فراعنة
حجم الخط

بدعوة من رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون التأمت، أول من أمس، في بيروت، اللجنة التحضيرية لعقد دورة المجلس الوطني الفلسطيني، بحضور هيئة اللجنة جميعها دون أي تخلف أو اعتذار أي من مكوناتها والتي تضم كل من: 1- هيئة رئاسة مكتب المجلس، 2- أعضاء اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير باستثناء رئيسها، 3- الأمناء العامين للفصائل بما فيهم «حماس» و»الجهاد» و»المبادرة» وهم من خارج تشكيلات منظمة التحرير، 4 - عدد من الشخصيات المستقلة في محاولة للتوصل إلى اتفاق وتفاهم سياسي يعكس تطلعات الشعب الفلسطيني المتلهف لوحدة حركته الوطنية وقياداته السياسية في إطار منظمة التحرير، وهي لهفة لا تقل أهمية ورغبة عن لهفته في إنهاء معاناته والتخلص من الاحتلال ونيل حقوقه الكاملة غير المنقوصة على أرض وطنه، إذ بات في العقل الفلسطيني وضميره ألا إمكانية لتحقيق الحد الأدنى من تطلعاته في العودة والحرية والاستقلال، دون تحقيق وحدة حركته السياسية التي باتت جزءاً من مشكلة مشروعه الوطني الديمقراطي في مواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي المتفوق، فالانقسام والشرذمة والتمزق أحد العناوين المتصدرة للمشهد الفلسطيني إلى جانب ثلاثة عناوين أخرى هي: 1- إجراءات العدو وسلطاته العسكرية وقوانينه العنصرية، 2 - مسيرة التسوية المتعثرة والمفاوضات غير المجدية، 3 - عمليات فردية متقطعة ضد الاحتلال في ظل غياب حاضنة شعبية سببها التزام حركة فتح بالتنسيق الأمني، وحركة حماس بالتهدئة الأمنية، مع تل أبيب.
يتطلع الفلسطينيون ومعهم قطاعات واسعة من قادة الفكر والسياسة وأصحاب القرار والرأي العام العربي والدولي لأهمية ما سوف يخرج عن اجتماع بيروت باتجاهين: الأول أن يكون معبراً عن حس عميق بالمسؤولية يدفع باتجاه تحقيق خطوات عملية ملموسة تقوم على ثلاثة عناوين هي: 1- برنامج سياسي مشترك، 2 - مؤسسة تمثيلية موحدة، 3 - أدوات كفاحية متفق عليها، أو ثانياً يخرج بخلافات سياسية وتنظيمية غير وحدوية تعبر عن حس غير مسؤول لا يرتقي لمستوى معاناة شعب فلسطين وتطلعاته، ولا يصل لمستوى وعي العدو وإجراءاته، مخلفاً استمرار خيار الانقسام المؤدي إلى المزيد من اليأس والإحباط المعنوي، والمزيد من سنوات الضياع والخسارة بعد عشر سنوات من التمزق والتفرد لحركتي فتح في إدارة سلطة رام الله، وحماس في إدارة سلطة غزة، وكلتاهما لا تصل أفعالها لمستوى التصدي لإجراءاته وأفعاله في مواصلة تهويد القدس، وأسرلة الغور، وتمزيق الضفة الفلسطينية بالمستوطنات، وبقاء العزلة بين القدس والضفة والقطاع، وفصلهم عن بعضهم البعض، وبالتالي المزيد من خطوات النجاح لمشروع الاحتلال واستمراريته.
عنوانان يتصدران نقاشات اللجنة التحضيرية:
أولهما: مكان انعقاد المجلس داخل فلسطين أم خارجها، وهو قرار وتوجه واختيار غير إجرائي بل هو قرار سياسي جوهري يعكس الفهم والرؤية والمصالح وتحديد الخيارات السياسية، فحركة فتح ومعها فصائل حليفة لها: الجبهة العربية، التحرير الفلسطينية، النضال الشعبي، التحرير العربية، يرغبون بعقده داخل فلسطين، بينما «الشعبية» و»حماس» و»الجهاد» ومعهم القيادة العامة والصاعقة فقرارهم الانعقاد خارج فلسطين، والتيار الثالث «الديمقراطية» وحزب الشعب لا مشكلة لهم داخل أو خارج فلسطين.
وثانيهما: مشاركة «حماس» و»الجهاد» في مؤسسات منظمة التحرير وهي القضية الأكثر تعقيداً وصعوبة ولها تبعات واستحقاقات ليست سهلة المنال والتحقق.
عناوين النقاش والحوار وجدول الأعمال متعدد ومهم، في مرحلة: 1- هبوط الفعل الفلسطيني وتواضعه وانحساره بفعل الأمراض الذاتية الداخلية التي تجتاح الجسم الفلسطيني، 2- الحروب البينية العربية التي دمرت قدرات العرب وأموالهم واقتصادهم وبلادهم وأفقدهم وزنهم وباتوا تحت رحمة التطرف، وتغول البلدان الإقليمية عليهم بدءاً من المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي مروراً بتركيا وإيران وليس انتهاء بأثيوبيا، 3- اهتمامات المجتمع الدولي بقضايا تفوق أهميتها العنوان الفلسطيني بدءاً من الإرهاب مروراً بقضية تدفق اللاجئين نحو أوروبا، وليس انتهاء بالأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلدان الرأسمالية، وهي معطيات تستوجب المزيد من الحس بالمسؤولية ورجحان التفاني وعلو قيم الشراكة والارتقاء لمستوى تضحيات شعبهم، وليس الهبوط إلى مستوى وأحزاب وشخصيات حسني مبارك وعلي عبد الله صالح ومعمر القذافي وزين العابدين بن علي.