يجب رفع السريّة عن تسجيلات نتنياهو - موزيس

368294721b431b887a134e2b8f70ca2d3648d21fe
حجم الخط

كلهم مشبوهون: رئيس الوزراء، الذي حسب التقارير بادر إلى اللقاءات، مشبوه؛ صاحب الامتياز، الذي حسب التقارير تفاوض ووعد، مشبوه؛ رئيس المكتب الذي شارك وسجل، مشبوه؛ المستشار القانوني للحكومة، الذي يدير لعبة القمار حول التحقيقات في ملفات رئيس الوزراء بطرق ملتوية، مشبوه.
وأنا أيضا مشبوه، بحكم الشبهة، ليس فقط لأن صاحب الامتياز موضع الحديث هو من يقدم خبزي، بل أيضا لان لدي تقديرا غريزيا، إلا إذا ثبت العكس.
لا أدري ماذا حصل في المحادثات بين بنيامين نتنياهو وأرنون موزيس، التي سجلها بالسر آري هارو، الذي كان في حينه مدير مكتب رئيس الوزراء.
أما المستشار القانوني للحكومة، افيحاي مندلبليت، فقد كان يحسن صنعا لو أمر الشرطة بتحرير التسجيلات للبث.
هكذا كنا سنعرف ماذا قيل فيها وكذا كيف قيل وما هو المعنى الجماهيري.
فبعد أن تم التحقيق مع المشاركين في المحادثات، انتهى المعنى الأساس وراء إبقائها سرية.
ناهيك عن أنه في الواقع يتسرب المضمون قطرة قطرة للصحافيين الذين ينشرون تفاصيل صاخبة ليس لديهم فكرة إذا كان ما حصلوا عليه حقيقة أم كذب. فلتبث التسجيلات، لنعرف عما نتحدث.
ما يشغل البال هنا ليس مجرد اللقاءات: فاللقاءات بين أصحاب الامتياز ورؤساء الوزراء كانت دوما، حتى ثنائيا ايضا. خسارة أن نتنياهو لا يعقد لقاءات كهذه في أوقات اكثر تقاربا. ما يشغل البال هو أن هذه اللقاءات تمت في ذروة فترة انتقدت فيها الصحيفة نتنياهو بشدة، ووصف نتنياهو صاحب امتيازها كوحش متعدد الرؤوس يسيطر سرا بوسائل خفية على كل منظومات الحكم. سوبرمان من جهة، ولاكس لوتر من جهة اخرى؛ هاري بوتر من جهة وفلتمورت من جهة اخرى. من الصعب أن نتصور نتنياهو وموزيس يجندان في ذاك التوقيت مدى الثقة اللازمة للصفقة، وبالتأكيد ليس لصفقة من شأنها ان تورطهما في عمل جنائي.
ما يشغل البال اكثر هي التوقعات من الطرفين، على افتراض أن في ما نشر نواة من الحقيقة. رئيس الوزراء يمكنه أن يشكو على مسمع من صاحب الامتياز من تقارير تنشر في صحيفته، وان يطالب بالتعديل، ويثور ضد المراسلين.
لا يمكنه أن يملي خطا ما. في تركيا ربما نعم – في «يديعوت» لا. وصاحب الامتياز لا يمكنه أن يتعهد بخصي الكُتّاب في صحيفته؛ هذا لن يحصل.
كما لا يمكنه أن يتعهد، كما يفهم من الاقتباس الذي قام به، أول من أمس، غي بيلغ في القنا الثانية، بان يحرص على ابقاء نتنياهو في مكتبه. ما قيل في مكتب رئيس الوزراء، اذا كان قيل، يبقى في مكتب رئيس الوزراء.
الانباء المنشورة من الصعب على المحررين والمراسلين في الصحيفة، الذين يؤدون مهامهم جيدا، أن يهضموها دون روع ودون تحيز. وهي قاسية ايضا لي.
ومع ذلك، يمكنني فقط أن امتدح عمل زملائنا: في هذه المهنة لا توجد منافع ولا توجد تنزيلات. هكذا ينبغي أن يكون.
للقراء الذين تساءلوا، هذا الأسبوع، خطيا وشفويا، لماذا لم أعرب عن رأيي في هذه القضية، قلت إني لا اعرف شيئا غير ما نشر. فقالوا لي: هذا لم يمنعك من الإعراب عن الرأي في قضايا أخرى. كانوا محقين، مع تحفظ واحد: يفترض القارئ بانه عندما يتحدث صحافي ما عن مكان عمله فانه يعرف أكثر.
هذا ليس الواقع هذه المرة: في هذه القضية كل من خضع للتحقيق بالتحذير ممنوع من الحديث عن تحقيقه، خشية التشويش. لو كنت توجهت إلى أرنون موزيس - ولم أتوجه - ما كنت لأحصل على جواب.
نظام العمل الذي تبناه أرنون موزيس نحوي ونحو آخرين، بسيط: فهو لا يهاتف. ولا أنا ايضا. 28 سنة وأنا اعمل في الصحيفة، وحتى اليوم لم يعرب على مسمعي عن رأيه في كلمة واحدة كتبتها، لم يطلب شطب شيء ولم يقترح اضافة شيء.
وأنا ممنون له بالشكر. ليس كل صاحب امتياز كان يتصرف مثله. الصحيفة يمكنها، بالطبع، أن تستأجر خدمات كُتّاب آخرين، مختلفي النهج والرأي. لفرحي، الصحيفة تفعل هذا. فكلما كثرت الآراء كثر الكُتّاب، وهذا افضل.
والان، بعد أن أدليتُ بنصيبي في هذه القصة، نصل الى الامر الاساس. للتحقيق في الملف 2000 نتيجة واحدة ايجابية: فقد أوضح للجميع بأن المشروع المسمى «إسرائيل اليوم» ليس عملا تجاريا مشروعا بل هدية محظورة. عندما يدير نتنياهو مفاوضات عن الصحيفة اليومية فانه يعترف، عمليا، بان هذه ذخر يتحكم به. نسمع كثيراً في الايام الاخيرة عن المبالغ التي انفقت في خط الهدايا السري الذي اقامه ارنون ميلتشن وآخرون من أجل نتنياهو وعائلته. المبالغ مثيرة للانطباع: كان هناك تقرير عن 300 الف شيقل، كان هناك تقرير ايضا عن 400 الف. كل هذه المبالغ هي جزرة قزمة مقابل الهدية المحظورة التي تلقاها نتنياهو من رب مال القمار، شيلدون أدلسون. فحسب نبأ في «هآرتس»، أول من أمس، خسر أدلسون على الصحيفة في السنوات السبع لها الاولى 730 مليون شيقل – نحو 100 مليون شيقل في السنة.
فتخيلوا ما الذي يمكن عمله بهذه الهدية: حل مرة واحدة والى الابد مشكلة العجوز في الرواق؛ اقامة جامعة في الخليل؛ اخراج الاف الاسرائيليين من دائرة الفقر؛ كثير جدا من المال، فقط من أجل تنظيم عبادة شخصية لعائلة واحدة والتخريب على الصحافة الحرة في اسرائيل. أليست هذه خسارة؟
من حق أدلسون، بالطبع، أن يفعل بأموال القمار ما يحلو له. ولكن نتنياهو يتلقى راتبه من الدولة: توجد هدايا محظور عليه تلقيها. فما بالك أنه كان هناك مقابل ظاهر: اثناء الصراع على صفقة الغاز، تلقى نتنياهو رسالة من ادلسون حثه فيها على التوافق مع شركة «نوبل إنيرجي». وقد توافق نتنياهو جدا.
عندما قامت الصحيفة اليومية، قبل 9 سنوات، فضل حماة الحمى على أنواعهم، رجال النيابة العامة، موظفو المالية، مراقب الدولة، اعضاء الكنيست، دس رؤوسهم في الرمل. كتبت بأن ليس لمثل هذا المنتج مثيل اقتصادي ولا يمكن أن يكون له مثيل اقتصادي. فقد رأوا اغراق السوق، وأسعار الاعلانات، ولم يفعلوا شيئا. «هآرتس»، الصحيفة التي لها تأثير كبير على جهاز القضاء وعلى واضعي الانظمة الادارية، طبعت الصحيفة اليومية هذه في مطابعها، وساهمت في الطمس. ما حسم، ربما، كان حجم الوقاحة: حماة الحمى في الحكومة يتصدون كيفما اتفق للهدايا الصغيرة، ولكن ليس للهدايا بهذا الحجم.
هذا الاسبوع، عندما احتاج نتنياهو لموصي الاستقامة في قضية الهدايا، جند للمساعدة ألن درشوفيتس، محاميا يهوديا أميركيا، حيث شرح بأن كل شيء على ما يرام. كل شيء قانوني، كل شيء رائع. في مقابلة منحها للقناة العاشرة من نيويورك، عرض كـ «مقرب» من نتنياهو. وشطبت من التعريف حقيقة أن درشوفيتس استأجره شيلدون أدلسون، قبل نحو سنة ، كي يدافع عنه في الدعوى التي اقيمت ضده في لاس فيغاس. عالم صغير.
ملاحظة هامشية اخرى عن القضية. عندما جرى جدال في الكنيست على القانون الذي حاول الزام «اسرائيل اليوم» المنافسة مع صحف أخرى، صوتت رئيسة «ميرتس»، زهافا غلئون، ضد القانون. تصويتها فاجأني. اعتقدت أن غلئون ستفهم الضرر الذي ستلحقه هذه الهدية الساحقة لقوة ولمجرد وجود اللعبة الديمقراطية. كيف ستعيش «ميرتس» في دولة ليس فيها صحافة حرة، قوية ونقدية؟ ولكن يتبين أنه من الاسهل الترويج ضد السيجار.