قطر لا تسأل عما تفعل

thumbgen (1)
حجم الخط
 

"والذي نفسي بيده لو كان لي من الأمر شئ لحكمت لهذا الرجل الذي رفعنا تلك الرفعة وانتشلنا مما كنا فيه إلى القمة_ ألا يسأل عما يفعل_"، هذا ما قاله وزير الأوقاف المصري "الشيخ محمد متولي شعرواي" عام 1978 في مجلس الشعب خلال جلسة استجوابه حول الفساد في المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية التابع لوزارة الأوقاف، كان الشيخ الشعراوي يقصد بكلامه هذا الرئيس السادات، ضجت قاعة مجلس الشعب بالتصفيق باستثناء النائب عاشور نصر الذي قال "اتق الله يا رجل .. مفيش حد فوق المسائلة.. لنرع الله"، المهم أن زلة اللسان تلك ظلت تلاحق الشيخ شعراوي رغم التوضيح الذي ساقه لاحقاً لما كان يقصده، والواضح أن فصل النائب عاشور نصر من عضوية المجلس جاء على خلفية ما قاله في تلك الجلسة، وإن جاء قرار الفصل في الجلسة التالية لها على خلفية النقاش حول جودة رغيف الخبز حيث اشار وزير التموين يومها أثناء مداخلته أمام مجلس الشعب في دفاعه عن رغيف الخبز لأحد موظفي وزارته بتوزيع ما لديه من أرغفة ذات جودة عاليه على النواب، مما دفع النائب عاشور للقول "ده مسرح مش برلمان"، واستند المجلس يومها على هذه الجملة لفصله، لعل مخرج فيلم طباخ الريس "سعيد حامد" اراد أن ينصف النائب عاشور حين استحضر ذلك المشهد لاجتماع مجلس الوزراء بحضور الرئيس في فيلمه.

لا أعرف لماذا استرجعت تلك الحادثة على وقع خبر تداولته وسائل الاعلام حول شروع قطر في تشييد سفارة لها في غزة، فإن كنا نقدر عالياً المساعدات التي قدمتها وتقدمها قطر للشعب الفلسطيني والذي لا يمكن لأي انسان عاقل أن ينكر قيمتها أو يقلل من شأنها، والتي كان لها الفضل في تنفيذ مشاريع حيوية في قطاع غزة تتعلق بالبنية التحتية والمشاريع الاسكانية، لكن فتح سفارة لقطر في غزة يترك الكثير من علامات الاستفهام، كون السفارات لا تكون إلا في عواصم الدول، وبغض النظر إن كانت وسائل الاعلام قد تداولت الخبر دون تحريف سيما بما يحمله من ابعاد لا بد من التوقف حيالها، أو أن المشروع لا يعدو كونه مقرا لمتابعة مشاريع المنحة القطرية كما جاء على لسان السفير محمد العمادي رغم أن المساحة المخصصة له لا توحي بذلك، ليس تلك فقط هي التي أعقبها علامة استفهام كبيرة بل العديد من المواقف القطرية حملت الشئ ذاته، بما فيها فكرة انشاء محطة توليد للكهرباء بالطاقة البديلة على ارض مطار غزة لما للمكان من أهمية لا تسمح بمجرد التفكير في تغيير استخدامه، وكذلك الحال فيما يتعلق باستيراد الغاز الطبيعي من حكومة الاحتلال لتزويد القطاع وبالذات ما تحتاجه محطة توليد الكهرباء، يضاف إلى ذلك الدور الذي تقوم به قطر في المصالحة والذي تتقدم بها خطوة قبل أن تتراجع بها خطوتين إلى الخلف، الواضح أن قطر خلال سنوات الانقسام لم تعد تعمل في حديقة منزلنا بل داخل اروقته.

رغم ذلك لم نسمع أحداً يشكو من الدور القطري ولم يتهمها البعض "تصريحاً أو تلميحا " بالتدخل في شؤوننا الداخلية، اولئك الذين سارعوا باتهام الرباعية العربية بالتدخل في الشأن الداخلي الفلسطيني لم ينبس أي منهم ببنت شفة حيال الدور القطري، في حين أن كل ما فعلته اللجنة الرباعية أنها طالبت القيادة الفلسطينية بإجراء مصالحة داخلية، والذي اعتبر حينها تدخلاً سافراً في الشأن الفلسطيني الداخلي تطلب شحذ الهمم للدفاع عن القرار الفلسطيني المستقل، الغريب أننا لم نسمع عن القرار الفلسطيني المستقل في الكثير من المحطات التي بات فيها واضحاً أن هنالك تدخلاً فجاً فيه من قبل قوى اقليمية ودولية، الواضح أن ما يحق لقطر لا يحق لغيرها وأنها لا تسأل عما تفعل.