السياسة في إسرائيل مجرد دخان يحجب الصراع الاقتصادي

20171401090009
حجم الخط

اكتملت مسيرة خصخصة دولة اسرائيل. ففي هذه الأيام تستوعب حقيقة مريرة: الواقع السياسي في اسرائيل هو ستار دخان لصراع اقتصادي بين نوني موزيس وشيلدون أدلسون. هذان الاثنان يشدان الخيوط التي تلتف حول رقبة الجمهور الاسرائيلي. من استصعب فهم العلاقة بين الحرية، المساواة، والأخوة وبين المقصلة يمكنه أن يفهم هذا بسهولة في هذه الأيام المجنونة.
ولكن قبل لحظة من الخروج الى الشوارع لاستعادة القوة من قبل الشعب واعادة بناء الدولة، يجدر بالذكر أن القوة هي في يد الشعب منذ الان: في اسرائيل توجد ديمقراطية. وكي لا يسرقوا من الشعب الدولة من جديد، يجدر تكريس الانتباه الى الثغرات التي ابقيناها في "الدولة"، والتي استدعت هؤلاء السراقين ومساعديهم غير المخلصين. تلك الثغرات التي سمحت لهم بان يسلبوا وينهبوا كل ما لاح في متناول أيديهم برعاية جيش الشعب والشرطة، التي وفرتها لهم الدولة بالمجان؛ أي على حساب الجمهور.

إن سلب ونهب الدولة، والازمة في الجيش ليست سياقات متوازية. ويجدر بنا ان نذكر هذا لكل من لا يفهم ما حصل لشيلي يحيموفيتش عندما تحدثت عن العفو عن اليئور أزاريا. ينبغي للمرء أن يكون غبيا كي يفكر بان يحيموفيتش تستخف بفعلة أزاريا. فهي بالاجمال تعترف بما يواصل الآخرون حتى الآن إخفاءه: توجد هنا خدعة بحجم تاريخي. اذا كان الصراع الوطني غطاء لصراع اقتصادي فواضح أن الائتلاف الحقيقي هو ائتلاف الاغنياء، والمعارضة – الفقراء. لا يهم ما يكون عليه مصير أزاريا، فالصحف ستربح و"الدولة" ستخسر في كل حال.

اذا كان موزيس يعتقد بأنه اذا كانت صحيفته هي "صحيفة الدولة" وبالتالي فإن هذه هي "دولة الصحيفة"، فلعله حان الوقت حقا ليقاتل جيش "يديعوت احرونوت" الحروب المفتعلة لمن يقف على رأسها. في صالح ادلسون ينبغي أن يقال انه على الاقل يحسن للمقاتلين في الصحيفة بالمجان.
ان الثغرة المركزية في السياسة الاسرائيلية هي ثغرة مادية. فليس لدولة اسرائيل حدود. والنزاع بين الاسرائيليين والفلسطينيين هو نزاع اقليمي، ولكن معارضة اسرائيل في ايامنا لتحديد حدود متفق عليها ليست اقليمية. فليس صدفة ان تكون المفاوضات عالقة على الطلب البائس للاعتراف باسرائيل كدولة يهودية. سهل جدا اتهام الفلسطينيين بأنهم يرفضون الاعتراف بيهودية الدولة. فلنرَ أولا انفسنا نعترف بأنفسنا كدولة يهودية. ينبغي للمرء أن يكون أعمى كي لا يرى بان هذه متاهة لفظية، وأن من يدخل اليها لن يخرج حيا.
من يريد تلميحاً يساعده على أن يفهم ما هي المشكلة مع الدولة اليهودية، فليسأل نفسه ما هي المشكلة مع الدولة الاسلامية.
70 سنة تقريبا. ولم ننته بعد من فهم ما فهمه المثقفون اليهود منذ كانوا في اوروبا في لحظة، حين حاولوا أن يلصقوا كلمتي "دولة" و "يهودية" الواحدة بالاخرى – وبالسرعة التي يفهم فيها المشكلة في عبارة دولة اسلامية. ليس صدفة أنه فقط اسحق رابين وارئيل شارون كان بوسعهما أن يأخذا خريطة وان يفصلانا عن الفلسطينيين. فقد تمتعا بتفوق سحبه منا بنيامين نتنياهو: عرفا من هما. فقد كانا اسرائيليين. وليس صدفة أن استند رابين الى اصوات العرب. العرب ذاتهم الذين هم في نظر نتنياهو التهديد الأكبر على الدولة.

ان النزاع مع الفلسطينيين يبقي "الدولة اليهودية" في وضع معلق، انطلاقا من عدم وجود امكانية بنيوية للتحقق. ليس صدفة أن رؤيا حركة "ان شئتم" التي سيطرت على روح الجمهور أسقطت الخاتمة من رؤيا هرتسل "ان شئتم فلن تكون اسطورة". لم يكن لهم مفر، كونهم بدلوا المقدمة! فقد استبدلت الارادة الصهيونية بالارادة الصهيونية- الدينية. ليس لدولة اسرائيل حدود، لانها غير قادرة على أن تُعرف نفسها. وبلا تعريف ذاتي، فان حدود هويتها تكون فالتة لكل سارق.