بدأ بزوغ التكتل الاستراتيجى الروسى الجديد فى الشرق الأدنى بمصادقة مجلس النواب الروسى «الدوما»، على نشر قوات جوية فى سوريا «لأجل غير مسمى»، بناء على اتفاق سابق بين دمشق وموسكو، يقضى بنشر قوات روسية «دائمة» فى سوريا.
ووقع الاتفاق مسئولون من الطرفين فى 26 أغسطس 2015، فى دمشق، وتم تقديمه إلى مجلس «الدوما» بداية أغسطس 2016 للمصادقة عليه.
وينص الاتفاق على أن قاعدة حميميم، الجوية، غربى سوريا، وبناها التحتية والأراضى المخصصة باتفاق الجانبين تقدم لاستعمال الجانب الروسى دون أى مقابل، وتقضى الوثيقة بأن روسيا تستطيع بموجب هذه الاتفاقية نقل أى أسلحة أو ذخيرة أو معدات مطلوبة إلى سوريا دون دفع أى رسوم أو ضرائب، كما يقضى الاتفاق بأن العسكريين الروس الذين يدخلون ضمن تشكيلة المجموعة بإمكانهم عبور الجمهورية العربية السورية دون الخضوع لعمليات تفتيش من قبل قوات حرس الحدود والجمارك السورية، وتمنح الوثيقة أفراد المجموعة العسكرية الروسية وأسرهم حصانة وميزات كتلك التى يتمتع بها الدبلوماسيون والبعثات الدبلوماسية وأفراد عائلاتهم.
ثانيا: صاحب الاتفاق حول خروج المعارضة المسلحة من حلب بعض التعديلات التى نقلها الجانب الروسى من دمشق وطهران، شملت نقاطاً لنزع «أى شرعية» عن فصائل المعارضة، بينها إزالة كلمة «منتخبة» لدى الحديث عن المجالس المحلية فى مناطق المعارضة، ومنع تبادل البضائع والشحن، والاقتصار على تقديم المساعدات الإنسانية، إضافة إلى وصف الفصائل الموقّعة على الاتفاق بأنها «مجموعات مسلحة» وليست «فصائل معارضة»، الأمر الذى ردّت عليه الفصائل بتسمية نفسها بأنها «مقاومة».
كما تمسكت دمشق وطهران برفض الاعتراف بفصيلى أحرار الشام وجيش الإسلام، واعتبارهما تنظيمين «إرهابيين»، الأمر الذى لم توافق عليه موسكو، فى تغيير كبير لموقفها السابق.
وكانت الشروط المقدمة من قبل الفصائل السورية من أجل السير فى المفاوضات حول الاتفاق التركى الروسى كالتالى: 11- وقف إطلاق النار فى جميع الأراضى السورية، باستثناء المقار العسكرية لتنظيم داعش فى المناطق التى يسيطر عليها، 2- -تضمن تركيا التزام المعارضة بالاتفاق ووقف كامل أنواع القصف، فى حين تضمن روسيا التزام النظام وحلفائه فى المناطق الخاضعة لسيطرتهم بوقف كامل أنواع القصف الجوى والمدفعي، 3- تضمن الأطراف الدولية الضامنة للاتفاق «تركيا وروسيا» عدم محاولة طرفى النزاع الاستيلاء على مناطق جديدة، 4- اقتراح آلية مناسبة لمراقبة وقف إطلاق النار استناداً لمعايير الأمم المتحدة، 5- إطلاق مفاوضات للوصول إلى حل سياسى خلال شهر من دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، 6- إدخال المساعدات إلى جميع المناطق المحاصرة وفق خطة تضمنها تركيا وروسيا.
ثالثا: فُسر التقارب الكبير بين تركيا وروسيا على أنه سعى من أنقرة لأجل ضمان مصالحها فى المنطقة، خاصة فى حربها على تنظيم «الدولة الإسلامية» والأكراد.
تسعى تركيا إلى هدفين: الأول حماية مصالحها فى سوريا التى كانت جزءاً من السلطنة العثمانية، والثانى استبعاد واشنطن التى تشهد علاقاتها معها توتراً.
وفى وقت حقق الرئيس بشار الأسد غايته الكبرى باستعادة مدينة حلب كاملة، فى ضربة قوية إلى المعارضة التى تدعهما تركيا، للاحتفاظ بهامش مناورة فى شمال سوريا، فالاتفاق بين البلدين «موسكو وأنقرة»، لا يحد من الهجوم الذى تشنه تركيا على تنظيم الدولة، وكذلك على المقاتلين الأكراد الذين لن تسمح لهم أنقرة بأى ثمن الجمع بين مختلف المناطق التى يسيطرون عليها على الحدود التركية.
رابعا: التوتر الأخطر يكمن فى قيام طائرات حربية سورية بقصف قوات «درع الفرات» التركية على أطراف مدينة الباب، فى حادثة هى الأولى من نوعها منذ بدء الأزمة السورية.
تأتى زيارة وزير الخارجية التركى، مولود جاويش أوغلو إلى طهران لتشكل تحركاً تركيا مهما يهدف إلى تجنب أى مواجهة عسكرية مع سوريا وحلفائها الإيرانيين والروس، لأن أى مواجهة لن تكون لصالح تركيا، خاصة أن ايران وروسيا مع الهجوم السورى على القوات التركية فى سوريا، بل وتم بتنسيق مسبق معهما.
إن سيطرة القوات التركية على مدينة الباب يفتح طريق إمداد استراتيجيا إلى حلب الشرقية التى توجد فيها جماعات «فتح الشام، النصرة سابقا، وفصائل إسلامية متشددة أخرى، الأمر الذى لا يمكن أن يسمح به التحالف الروسى السورى الإيراني.
خامسا: بحث وزير الدفاع الروسى هاتفيا مع نظيريه، الإيرانى والسوري، ورئيس جهاز المخابرات التركية، تسوية الوضع فى مدينة حلب السورية. وأوردت وزارة الدفاع الروسية فى بيان، فى 17 ديسمبر، أن الاتصالات الثنائية التى أجراها مع نظيريه السورى، والإيرانى، ورئيس جهاز المخابرات التركى، تناولت سبل تطبيع الأوضاع الأمنية والإنسانية فى حلب، والخطوات العملية التى يجب اتخاذها لضمان صمود وقف إطلاق النار فى سوريا.
كما أكدت وزارة الدفاع الروسية أن عملية إجلاء المسلحين وعائلاتهم من حلب، التى نفذها مركز حميميم الروسى للمصالحة فى سوريا، وفتح نافذة جديدة لفرص إعلان نظام وقف الأعمال القتالية، ليس فقط فى محافظة حلب، وإنما فى مناطق أخرى من سوريا.
سادسا: اجتمع وزراء خارجية روسيا وسوريا وإيران فى موسكو، وذلك لبحث الأزمة السورية فى آخر 20166، وتم بحث التطورات الأخيرة التى طرأت، خصوصاً تأثير معركة الموصل على ميزان القوى فى سوريا.
سابعا: وافق مجلس الأمن اول يناير 20177بالإجماع على خطة السلام الروسية التركية فى سوريا. ونص اتفاق وقف إطلاق النار، الذى رعته روسيا وتركيا، على إجراء مفاوضات فى يناير فى كازاخستان فى محاولة لإنهاء النزاع الذى خلف أكثر من 310 آلاف قتيل وملايين النازحين منذ 2011.
عن الاهرام