لم نر في «يوم الاستقلال» هذه السنة أعلاما إسرائيلية كثيرة جداً ترفرف على السيارات. حسب تقديري فإن القليل من السائقين اهتموا بتعليق اعلام صغيرة على سياراتهم، وبالتأكيد أقل من السنين السابقة.
حسب نموذج الإعلام الخاص بي فقد تحوّل «يوم الاستقلال» الى يوم للاجازة والتنزه، وللمراسم المعروفة والافلام التلفزيونية، وأقل من ذلك إلى يوم تُرفع فيه الروح القومية.
العلم هو رمز مادي، يعبر عن القومية، الدولة، السيادة، الاستقلال، والعزة. إن رفعه – ليس فقط في يوم واحد مهم الى هذه الدرجة في الرزنامة السنوية، ليس من قبل المؤسسات الرسمية فقط، بل من قبل كل مواطن وبيت – يعبر عن الوحدة، التماثل، الفخر، والاستقلال الذي تحقق بدفع دماء كثيرة.
في اوساط عديدة داخلنا فإن القومية أمر يجب اخفاؤه. في اوساط تلك الجهات «التقدمية» و»الديمقراطية» كما يبدو، يجب عدم الالحاح على موضوع «يهودية الدولة» أو على كونها دولة القومية اليهودية، التي أنشئت بحق وعدالة في ارض التوراة. هؤلاء يشعرون بعدم الراحة في أعقاب الظلم الذي وقع بمجرد قيامها.
في الدول الغربية المتنورة فإن رفع الأعلام القومية على مؤسسات جماهيرية، في المدارس والمتنزهات واماكن اخرى، هو مصدر لرفع الروح القومية. من فضلكم انظروا كيف أن الفرنسيين يتفاخرون بعلمهم ذي الالوان الثلاثة، والبريطانيين بعلمهم القومي، والأميركيين بالنجوم والخطوط التي تشكل علمهم.
وعندنا؟ كم علما أزرق – ابيض رفرف في اسرائيل، على الأقل على المؤسسات الرسمية أو المدارس، في الايام العادية؟ أليس في قلة الأعلام النسبية التي رُفعت في «يوم الاستقلال» هذه السنة – في الاساس على المباني الخاصة – تعبير عن ضمور معين في الروح القومية والفخر القومي في اوساطنا؟.
العلم يعبر ايضا عن المناكفة. أعداؤنا يفهمون هذا ويستغلونه جيدا. مناكفتهم تزداد ليس فقط بوساطة مخازن السلاح والذخيرة المتطورة التي يجمعونها للوقت المناسب القادم، ولكن ايضا بوساطة رموز يتفاخرون بها، وعلى رأسها يقف العلم ذو الألوان الأربعة: الاخضر، الاحمر، الاسود والابيض، علم منظمة التحرير الفلسطينية الذي يأملون في قادم الايام أن يُرفع على كل مكان فوق أنقاض اسرائيل.
لا يجب عمل أي شيء ضد رفع العلم الفلسطيني، «الارهابي» في حدود الحكم الذاتي الفلسطيني، لكن عندما يُرفع في الجليل والمثلث وشرقي القدس والنقب – أي في حدود دولة اسرائيل – فهذا تحدٍ للسيادة التي لا تعترف أغلبيتهم بها.
هذه ظاهرة لا تحتمل، بكلام مخفف: العرب مواطنو اسرائيل يرفعون «يوم الاستقلال» («النكبة» التي جلبوها على أنفسهم) في المسيرات والمظاهرات، أعلام أعداء اسرائيل. ظاهرة تمر عليها سلطاتنا مر الكرام، لأنه لا يوجد قانون يمنع رفع أي أعلام كانت حتى الأعلام الخائنة. هاكم اقتراحا لمبادرة متسرعة في الكنيست وبشكل خاص لعضو كنيست جديد، أن يعمل معجزة – أن يُشرع فورا قانون منع رفع أعلام العدو داخل اسرائيل! التبرير بسيط: رفع أعلام «م.ت.ف» ليس عملا ساذجا، إنه يعبر عن تماثل تام مع الاخوة خلف الحدود أو خلف الخط الاخضر، الذين يتطلعون الى تدمير اسرائيل وأن يقيموا مكانها الدولة العربية الاضافية المسماة فلسطين.
يفهم «عرب اسرائيل» - كما يبدو - أكثر من يهود اسرائيل المتهورين واللامبالين، ما هو مغزى العلم. برفع الأعلام المتحدية، بدون خوف، بدون تدخل من الشرطة، فإنهم يُشخصون ضعفا قوميا اسرائيليا متزايدا.
رفع العلم هو دعوة للخدمة العسكرية، بالتأكيد في اوساط الجمهور العربي. إنه يثير فورا المشاعر القومية التي في أعقابها ستأتي موجة جديدة من «الارهاب» من الداخل.
ليس بالامكان اجبار مواطني اسرائيل على رفع أعلام الازرق – الابيض في «يوم الاستقلال»، لكن من المؤكد يمكن ويجب منع رفع أعلام العدو الفلسطيني، في اليوم ذاته وفي كل الايام في الحدود السيادية لدولة اسرائيل.
عن معاريف .