سيتم في يوم الجمعة القادم، اسدال الستارة على رئاسة براك اوباما وتنتقل الشعلة الى يد الرئيس الـ 45، دونالد ترامب. ترامب سيدخل الى ما سماه روزفلت في انتخابات كانون الاول 1932، المئة يوم الاولى. هذه الفترة كما اشار روزفلت الذي فاز في الانتخابات التي حدثت في ظل الازمة الاقتصادية الكبرى، هي فترة من المهم خلالها وضع الاساس لاقامة نظام اجتماعي واقتصادي جديد.
هذه الفترة تميزت بعدد من التشريعات والانطلاقات التي وضعت الأمة الأميركية على المسار المتقدم لازدهار دولة الرفاه. ومنذ ذلك الحين تحول موضوع المئة يوم الى شعار سائد وملزم لكل رئيس أميركي من اجل الاسراع ووضع برنامج عمل طموح وشامل. هذا على الرغم من أن دعوة روزفلت للتغيير هي ضرورة وشاملة لامريكا خلال مئة يوم، بناء على الضائقة الاقتصادية الصعبة التي حدثت في اعقاب انهيار البورصة وانهيار النظام الاقتصادي القديم.
ورغم تغير الظروف منذ الثلاثينيات، فقد سقط رؤساء الولايات المتحدة أكثر من مرة ضحية التفكير الخاطيء الذي دفعهم الى محاولة تغيير الوضع خلال الاشهر الثلاثة الاولى. صحيح أنه اثناء هذه الفترة يحظى الرئيس الجديد بـ «الحب» في الرأي العام والكونغرس، لكن محاولة السير في اعقاب روزفلت كانت تنتهي مرة تلو الاخرى بالتحطم السريع للهدف المتفائل على صخرة الواقع.
وضع الرئيس جيمي كارتي في حينه مبادرات تشريعية مختلفة دون اعداد الارضية لذلك، وكانت النتيجة الصراع بينه وبين السلطة المحلية التي عملت على اضعافه بالتدريج. رؤساء آخرون مثل جون كنيدي فشلوا في عدم فهم حدود القوة العسكرية أو السياسية خلال الاشهر الاولى لهم في البيت الابيض، وكانت النتيجة كارثية (في حالة كنيدي كان دخول خليج الخنازير في كوبا في 17 نيسان 1961 من قبل منفيين من كوبا عملوا حسب وكالة التجسس المركزية).
في الوقت الحالي ايضا اصبحنا نسمع من جديد عن أهمية المئة يوم في تشكيل رئاسة وإرث ادارة ترامب. والآن ايضا يؤكد الرئيس المنتخب ضرورة التشريع الفوري لكثير من المواضيع الاقتصادية والاجتماعية التي ستعكس مواقفه ووعوده للشعب الأميركي.
على هذه الخلفية، وعلى خلفية أن الاغلبية الجمهورية في المجلسين ستجد صعوبة في احتواء التشريعات الكثيرة، يبرز نجاح الرئيس الجمهوري رونالد ريغان في الاشهر الاولى في تحويل هذه الفترة الى نقطة انطلاق لتعزيز مكانته. وكان سر نجاح ريغان بعد أداء يمين القسم لاول مرة في 20 كانون الثاني 1981 هو وضع أولويات تشريعية. وبدل العمل على جبهة واسعة ركز ريغان في عدد قليل من المواضيع الاساسية، التي نجح من خلالها في ترك بصماته واظهار مصداقيته كزعيم ناجع.
في هذه الاثناء، هل يستطيع الرئيس ترامب أن يسير على طريق ريغان، أم أنه سيسعى الى اقامة عالم جديد خلال المئة يوم الاولى؟.
هل يمكن توقّع «ترامب» في أيّام رئاسته الأولى؟
26 ديسمبر 2024