حتى تنصيب الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب ستظل آراؤه فى حيز الانطباعات أو التصورات، لكن متى بدأ الحكم فإنه سيكون فى حوار وتبادليات مستمرة مع تلك المؤسسات وأحدها هى «المخابرات المركزية الأمريكية» واحدة من 42 وكالة فيدرالية للأمن، ولكن هذا الحوار بلغ آمادا بعيدة وجد خطيرة فى السجال الذى نشأ بين الجانبين حول قيام مسئولين روس باختراق مخدمات أجهزة الكومبيوتر الخاصة باللجنة الوطنية للحزب الديمقراطى والتجسس على البريد الإلكترونى للمرشحة الديمقراطية للرئاسة بما أدى إلى تضررها ـ كما تدعى دوائر البيت الأبيض زمن أوباما ـ أمام المرشح الجمهورى دونالد ترامب. إذ أصدرت المخابرات الأمريكية تقريرا يؤكد وقوع التجسس وإن كان يفتقد الأدلة، الأمر الذى دفع ترامب ـ فى مشهد غريب ـ إلى اتهام الرئيس الجديد لجهاز مخابرات فيدرالى رئيسى بأن المعلومات التى ينشرها «زبالة»، وساعد على تأجج المعركة قيام المخابرات الأمريكية بإذاعة تقرير يفيد بأن روسيا تبتز ترامب، وقد خضع لها فى زيارته الرئيسية لموسكو لأنها تمتلك معلومات شخصية مخجلة عنه. المعركة التى تدور بين ترامب والمخابرات تعد نوعا من تكسير العظام بالنسبة للرئيس الذى بنى تحركه منذ أن ترشح على أنه جاء من خارج (المؤسسة) السياسية فى البلاد ويرى أجهزتها فاسدة وشريرة، فى حين تحاول المخابرات وآخرون (حتى داخل الحزب الجمهوري) إضعاف شرعية ترامب، حتى تروض جموحه أو تخضعه.
وبالتالى فإن أحد الطرفين سيتراجع أو كلاهما سيتراجع، إذ ليس هناك ما يمنع رئيسا أمريكيا من أن يصرح بأنه يريد علاقات صداقة أوسع مع روسيا ومع ذلك فإن آراء ترامب تظل مجالا لسجال حتى من رجاله، وأولهم ركس تيلرسون المرشح وزيرا للخارجية ورئيس أكسون موبيل للبترول ذو العلاقة الوثيقة بموسكو وبوتين، إذ أعلن أمام لجنة السياسة الخارجية بمجلس الشيوخ أن موسكو ستظل العدو رقم (1) لأمريكا، وذلك فى إفادته للحصول على موافقة المجلس على ترشيحه، وبالطبع يمكن أن نتصور أنه ذكر ذلك لاستمالة المجلس، فضلا عن اعتراضات بعض الجمهوريين من أعضاء حزب ترامب وأكثرهم احتدادا كان السناتور جون ماكين رئيس لجنة القوات المسلحة بالكونجرس الذى قال إن بوتين «بلطجى وقاتل». أما ترامب فلن يستمر خارج «المؤسسة» تماما ولكنه سيبقى داخلها «إلا قليلا».
عن الاهرام