ضم الكـتل الاستيطانـية: نافذة فرص .. خطرة!

20172301082201
حجم الخط

«محظور التعاطي مع اسرائيل باستخفاف، فيا إسرائيل، كوني قوية، الـ20 من كانون الثاني يقترب»، هكذا غرد الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الـ»تويتر» بعد التصويت في مجلس الامن ضد المستوطنات الشهر الماضي.
في اليمين الاسرائيلي انتظروا عشرين كانون الثاني بفارغ الصبر. فتغريدة ترامب ومثلها تعهده العلني بنقل السفارة الأميركية من تل ابيب الى القدس، وغيرها من التصريحات المؤيدة لاسرائيل التي أطلقها مقربوه، بمن فيهم كبار رجالات الحزب الديمقراطي، خلقت هنا موجة من الامل غير مسبوقة وجدت تعبيرها في وفد انفعالي ضم رؤساء مجلس «يشع» للمستوطنين ممن شاركوا أول امس، في مراسم التنصيب في واشنطن.
أعضاء الوفد، وبينهم رئيس بلدية «معاليه أدوميم»، بيني كشريئيل، رئيس مجلس «أفرات»، عوديد رفيفي وآخرون، تأثروا جدا بعظمة الموقف، لدرجة أنهم أخذوا معهم قبعات خاصة طبعت على شرف الحدث وبإلهام من شعار ترامب الانتخابي: Build Israel Great Again.
والآن، بعد أن أزيل رعب إدارة أوباما، سيحاولون في «البيت اليهودي» وفي «الليكود» العمل على سلسلة قوانين ضم وبسط السيادة في «يهودا والسامرة» واستئناف زخم البناء في القدس وفي المستوطنات، الزخم الذي أوقفه حتى الآن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو انطلاقا من الرغبة في عدم التورط مع إدارة اوباما في أيامه الاخيرة في الرئاسة.
يوم الجمعة، انتهى نهائيا عصر اوباما، وأقسم ترامب اليمين القانونية للرئاسة باغلبية شعبية، وهكذا صدرت الاشارة لموجة قوانين الضم والسيادة المتوقعة قريبا. والمؤشر الاول في شكل مشروع القانون لضم «معاليه ادوميم» سيرفع اليوم الى اللجنة الوزارية لشؤون التشريع من رئيسي لوبي بلاد اسرائيل في الكنيست، يوآف كيش من «الليكود» وبتسلئيل سموتريتش من «البيت اليهودي»، في ما يبدو كذروة حملة «معاليه ادوميم اولا».
لا يخفي النائب سموتريتش الامال الكبرى التي يعلقها على عصر ترامب في البيت الابيض ويقول: «اليوم (الاحد) سنرفع الى اللجنة الوزارية لشؤون التشريع قانون (معاليه ادوميم اولا). نحن نؤمن بان هذه خطوة أولى وضرورية لمستقبل الاستيطان ومستقبل دولة اسرائيل. فبسط السيادة على (يهودا والسامرة) سيبدد الأمل في إقامة دولة ارهاب في قلب دولة اسرائيل وسيعمق سيطرتنا العادلة في بلاد آبائنا وأجدادنا. بعد ثماني سنوات من تجميد البناء في (يهودا والسامرة) وقبيل تنصيب الرئيس الجديد ترامب، نؤمن بانه يأتي عصر جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة واسرائيل ونأمل ونؤمن بان هذه العلاقة ستساهم في تقدم دولة اسرائيل والشرق الاوسط بأسره».
أيها النائب كيش، أليس من السابق لاوانه الانقضاض مع قوانين السيادة على أنواعها في الوقت الذي لم تمر فيه سوى 48 ساعة على دخول ترامب الى البيت الابيض؟
ـ «واضح أننا نحتاج الى الاسناد من الادارة الجديدة، ولكنه حان الوقت لان تعمل اسرائيل بناء على مصالحها. قبل اسبوعين كان قرار فظيع ضدنا في الامم المتحدة وكان لدينا احساس بان التوقيت غير مناسب لرفع مشروع قانون (معاليه ادوميم اولا). من ناحيتي لا يحتمل الا يمر قرار سيئ كهذا دون رد. قانون (معاليه ادوميم) هو جزء من الرد على الخطوة المناهضة لاسرائيل في أواخر فترة اوباما».
لا يكتفي النائب كيش بمشروع القانون لضم «معاليه ادوميم» ومؤخرا كشف النقاب عن خطته للتسوية مع الفلسطينيين. وفي صفحة الغلاف للمجلة الفاخرة التي أصدرها كتب: «اليوم التالي لاوباما خطة الحكم الذاتي للنائب كيش – العودة الى مبادئ مناحيم بيغن». وهو يشرح فيقول ان «هدف هذه الخطة هو طرح رؤيا سياسية لتسوية النزاع على (يهودا والسامرة) في اليوم التالي لادارة اوباما في الولايات المتحدة. الادارة الجديدة بقيادة ترامب تخلق نافذة فرص لمرة واحدة لخطوة احادية الجانب من إسرائيل في (يهودا والسامرة)».
تستبعد الخطة السياسية للنائب كيش إقامة دولة فلسطينية وتلغي اتفاقات اوسلو. «لم أعرض الخطة على رئيس الوزراء  بعد، ولكني رويت له عنها وقد قال: «تعال ننظر 20 كانون الثاني». وأنا اعتزم طرحها في مؤسسات (الليكود)، كي يتبناها (الليكود) كصيغة سياسية له. بداية في مكتب (الليكود) وبعد ذلك في مركز (الليكود) على أمل أن تصبح في المستقبل جزءا من البرنامج السياسي للحزب».
كي يحصل هذا لا بد أنك بحاجة لأن يتراجع رئيس الوزراء عن خطاب بار ايلان وتأييده لرؤيا الدولتين.
ـ «واضح لي بانه كي يحصل هذا أحتاج الى تأييد نتنياهو. سأعرض عليه الخطة وسأحاول اقناعه بان يؤيدها».
وماذا عن قانون التسوية الذي جمد حاليا في لجنة الدستور؟
ـ «توقف التشريع لأننا انتظرنا 20 كانون الثاني. والآن سيتعين علينا ان نواصل العمل على قانون التسوية ايضا في ظل التنسيق مع كل من ينبغي التنسيق معه».

يحصون الأرباح
مشروع القانون لضم «معاليه ادوميم» هو مجرد الاستفتاح. فعضو لجنة الخارجية والامن النائب موتي يوغاف يعتزم هو أيضا استغلال نافذة الفرص الناشئة مع دخول ترامب الى البيت الابيض للتقدم برزمة كاملة من قوانين الضم. وهو يقول انه في «ضوء التصريحات الاولية للرئيس ترامب، لا شك عندي أنه يوجد هنا تغيير جوهري سيسمح أن نزيل عن الطاولة كما آمل الفكرة العابثة لدولة إرهاب فلسطينية وسيسمح بطرح حلول اخرى، كدولة يهودية وديمقراطية مع حكم ذاتي إداري فلسطيني. عندي منذ الآن مشاريع قوانين جاهزة لبسط السيادة في تلك المناطق التي يوجد فيها اجماع وطني. وأنا أتحدث عن «معاليه ادوميم أولا» وبعد ذلك عن «غوش عتصيون»، غور الاردن، حيث كانت الجهة الاستيطانية هي حركة العمل، واضافة الى ذلك أعددت مشروع قانون لبسط السيادة على «اريئيل». ويدور الحديث كما أسلفنا عن تلك المناطق التي يوجد حولها اجماع وطني في أنها في كل تسوية ستبقى تحت سيادتنا. وأنا اعمل الآن بطرق اخرى لتثبيت تلك المواقع التي يوجد حولها اجماع وطني. وهذا الاسبوع سأتحدث مع أشخاص آخرين في الائتلاف وخارجه، وبعد ذلك أطرح القوانين على اللجنة الوزارية لشؤون التشريع لغرض اتخاذ القرار».
ويعتقد النائب يوغاف بانه ينبغي استغلال الفرصة من أجل التوصل الى تفاهمات مع الادارة حول استئناف البناء في القدس وفي المستوطنات ايضا: «أتحدث عن عدة مستويات من التغيير في السياسة، يستوجب الحوار مع الادارة الجديدة، بكل الحذر اللازم – استئناف البناء واستئناف التخطيط والتسويق في تلك الاماكن التي توجد حولها منذ الآن قرارات حكومية أو توجد مخططات مقرة للبناء. هذا هو المستوى الأول الذي يسمح بنسيج الحياة وليس بخنق الحياة في القدس وفي المناطق. أما المستوى الثاني فهو احلال القوانين الاسرائيلية في تلك المناطق التي يوجد فيها اجماع وطني وفهم بانها ستبقى لها الى الابد، المستوى الثالث هو بسط السيادة عليها. في كل هذه المستويات سنعمل، وأفترض أننا سنرى في الاسبوع القادم بداية ثمار استئناف التخطيط والبناء».
أيحتمل ان تكون الفرحة سابقة لاوانها وأن ترامب قد يفاجئ سلبا؟
ـ «أنا أعلق آمالا على عصر ترامب. ومع ذلك ينبغي العمل بحذر. ليست كل الامور ستحصل في غضون يومين. هناك حاجة لان يتحاور رئيس الوزراء وفريقه مع الادارة الجديدة لتنسيق المواقف. يمكنني أن اقول انه توجد منذ الآن طواقم في الولايات المتحدة عن قيادة الامن القومي ستجلس مع طواقم ادارة الرئيس الجديد. بالطبع، من الأفضل اجراء الامور بشكل منسق. لدينا الكثير من المرابح التي يمكن أن نجنيها بتعابير استراتيجية لامن ووجود اسرائيل من إدارة ترامب».

هكذا ننتصر
يتناسب الموقف الذي يعرضه النائب يوغاف ورفاقه في «البيت اليهودي» مع التصريحات الاخيرة لرئيس الحزب نفتالي بينيت الذي دعا الى احلال السيادة في المناطق بشكل احادي الجانب. فقد أعلن الوزير بينيت بانه «حان وقت السيادة. لقد دفع مواطنو إسرائيل الثمن بآلاف الضحايا، عشرات آلاف الصواريخ وعدد لا يحصى من التنديدات بسبب السياسة المسيحانية اياها المتعلقة بدولة فلسطين. والاستنتاج هو الكف عن السير في طريق السخف الذي يسمى دولة فلسطينية واحلال القانون الاسرائيلي في (معاليه ادوميم)، في غور الاردن، في (عوفرا)، في (اريئيل) وفي كل المناطق (ج) في أقرب وقت ممكن. هكذا ننتصر. ينبغي أن نفهم، يا سادتي، باننا في نافذة فرص ضيقة، هذه هي الفرصة الاخيرة، قبل أن يفرض العالم علينا دولة ارهاب على طريق 6. فالأمر هو إما السيادة أو فلسطين، إذا لم تكن سيادة، فستكون فلسطين».
مشاركة اخرى في احساس التفاؤل هي النائبة شولي معلم رفائيلي من «البيت اليهودي». وهي تقول ان «تصريحات ترامب في موضوع نقل السفارة الى القدس وولائه لاسرائيل توضح بانه يوجد لنا حليف حقيقي في البيت الابيض». وتضيف: «لقد انقشعت سحابة اوباما، ويوجد لاسرائيل فرصة لتنفيذ خطوات تاريخية من الصعب ان نتمكن من تنفيذها مرة أخرى في المستقبل. وعلى سياسة إسرائيل أن تتوافق مع ذلك، فترامب على أي حال لن يكون وليا أكثر من البابا. اذا تحدثت إسرائيل عن تسوية الاستيطان واحلال القانون الاسرائيلي في (يهودا والسامرة)، فهناك احتمال معقول بان تتبنى إدارة ترامب ذلك. ولكن اذا تنكرت اسرائيل لهذه الامكانية، فلا يوجد أي سبب يجعل ترامب يدعو اسرائيل الى تحقيق حقها في بلاد إسرائيل».
ولكن ثمة من يحذر السياسيين في اليمين من مغبة نشوة مبالغ فيها. ألون بنكاس، القنصل الاسرائيلي العام السابق في نيويورك والخبير في العلاقات الاسرائيلية – الأميركية يقول، ان «ترامب هو بضاعة غير معروفة، ونموذج لرئيس لا توجد أي سوابق لاختباره. ليس لترامب سياسة، وهو يميل الى التضارب مع نفسه. وعليه فان وضعه أمام التجربة قبل الحديث معه ستكون فكرة سيئة جدا، ولا سيما في ضوء تجربته السيئة حول قرار مجلس الامن 2334، والذي جند فيه للمساعدة في جهد فاشل. ترامب حساس جدا لما يقال عنه، وكل العالم سيندد بموافقته على مثل هذه الخطوات. جوهريا، السيناريو الاسوأ من ناحية اليمين في اسرائيل هو أن يقول ترامب لنتنياهو: تريد أن تضم؟ تفضل. سر بقواك. أنا لا أعتزم الانشغال في هذا، عندي أولويات اخرى. فماذا سيفعل السيد نتنياهو عندها؟ هل سيضم كل المنطقة «ج»؟ هذه نهاية مبادرة اليمين التي ستضع في الخطر شرعية الكتل الاستيطانية الثلاث.