ترامـب: وعود يصعب تحقيقها

160803193458_trump_640x360_reuters_nocredit
حجم الخط

غادر الرئيس الـ 44 اوباما، البيت الابيض بعد نجاحه في القيام بمعظم وعوده في الحملة الانتخابية في العام 2008 – وبشكل أدق 70 في المئة منها، حسب موقع «الحقائق السياسية». وعود حملة الرئيس      الـ 45، دونالد ترامب، التي لخصها في خطاب قصير ومباشر خلال مراسيم أداء القسم، سيكون من الصعب تحقيقها. عمليا، تعامل الرئيس الجديد مع الحقيقة يشير الى أنه هو نفسه لا يهتم بسؤال اذا كان يمكنه الايفاء بوعوده.
لكن اذا افترضنا، رغم ذلك، أنه يمكن التعاطي مع تصريحات ترامب كاشارة على الاعمال التي ينوي القيام بها، فماذا لو كان على حق؟ هل وكيف أن تغيير الاتجاه الحاد الذي يعد به في السياسة الداخلية والخارجية، يمكن أن يؤدي الى نتائج ايجابية؟.
المبدأ الاساسي في خطاب ترامب بسيط – مصالح مواطني الولايات المتحدة فوق كل شيء. وبالنسبة لليساريين الكوسموبوليتيين قد تكون الفكرة مقلقة. ولكن يوجد فيها ايضا شيء من التجديد. فمع احترام اللغة التي ميزت سياسة الخارجية الاميركية، فان المصالح الاميركية في نهاية المطاف كانت فوق كل شيء – كما اعترف اوباما عندما فسر فشله في وقف العنف في سورية.
اضافة الى ذلك، يصعب عدم موافقة ترامب على أن الطريقة التي يُدار بها العالم هي طريقة خاطئة. العلاقات الجديدة التي يعد ترامب بايجادها في الساحة الدولية، يمكنها نظريا أن تحل بعض عدم التوازن في العالم الآن. مثلا، اذا كان صراعه مع الصين لن يتدهور الى حرب اقتصادية، وبعد ذلك الى مواجهة عسكرية، فان الطريقة المتشددة لترامب قد تجبر بكين على التنازل في سياستها الاقتصادية التي تحاول ضمان الازدهار الكبير على حساب الاقتصادات الاخرى. صحيح أنه يمكن التهكم من فكرة ترامب لاعادة الولايات المتحدة الى صدارة الانتاج الصناعي، لكن يمكن ايضا أنه من خلال الضغط في الاماكن الصحيحة قد يتمكن من ايجاد اماكن عمل جديدة واعادة الصناعة الاميركية الى سابق عهدها، أو أخذها الى اتجاهات جديدة.
من اجل فعل ذلك، يعد ترامب بتقليص المليارات التي توزعها واشنطن كل عام في ارجاء العالم. صحيح أن المساعدات المدنية الاميركية تسمح بوجود كثير من المنظمات الانسانية في ارجاء العالم، لكن المساعدات الدولية تعاني الكثير من الفشل في الوقت الحالي – التبذير، الفساد واعتماد الاقتصاد المحلي على اموال المساعدات، الامر الذي يمنع التطور. والمساعدات الاميركية ايضا للعالم لا تذهب فقط لشراء الادوية والغذاء، بل لشراء كميات كبيرة من السلاح ايضا. من يعرف، يمكن أن يكتشف ترامب أن الشيء الاكثر سهولة هو تقليص أكثر من 10 مليارات دولار تقوم الولايات المتحدة بتقديمها كمساعدات عسكرية في كل سنة.
لم يتم ذكر روسيا في خطاب القسم، لكن ترامب عاد ووعد بأن البيت الابيض برئاسته سيقوم ببناء علاقة جيدة مع الكرملين. واذا انطلقنا من فرضية أن نظريات المؤامرة التي تقول إن بوتين هو الذي زرع ترامب، غير صحيحة، فقد تكون الدبلوماسية المتعلقة بالمصالح والبعيدة عن القيم، هي التي ستؤدي الى استقرار الساحة الدولية.
من اجل مواجهة الازمة السورية مثلا، تستطيع سياسة الفائدة للولايات المتحدة، وبالتفاهم مع روسيا، خلق الاستقرار في الدولة. واذا تنازل البيت الابيض برئاسة ترامب عن التفاخر بالقيم الاخلاقية، فان نظام الاسد سيحظى بالشرعية وسيتم تحرير المناطق التي يسيطر عليها تنظيم الدولة الاسلامية بسرعة، وستضطر منظمات المعارضة الى نزع سلاحها. صحيح أن هذه التطورات لن تؤدي الى وقف الهجمات الارهابية (بل يمكن أن تزيدها)، لكن الحرب العلنية ستتوقف على الأقل.
أخيرا، يمكن أن يكون التفاؤل مبالغا فيه، ويظهر ترامب كشخص شعبوي بدون كفاءة. وما سيبقى منه بعد الفشل هو التحريض ضد الذين اعتبرهم أعداء منذ بداية حملته. وفي حينه ايضا يمكننا البقاء متفائلين والأمل بأن يتمكن الاميركيون بجميع أطيافهم من التغلب على جميع الصعوبات. ويمكن للايمان بأن الولايات المتحدة الليبرالية، المنفتحة والمتطورة، ستشكل نموذجا للاصلاحيين في جميع أنحاء العالم، أن يصمد أمام التحدي الذي سيضعه ترامب. وفي نهاية المطاف يجب علينا تذكر أن ترامب في السطر الاخير هو رد فعل آخر. ورد الفعل بطبيعته يمكنه التسبب بضرر كبير. وعلى المدى البعيد يمكن لرد الفعل أن يخسر أيضا.