أبو عمار يرفض قتل شارون وشارون يأمر باغتيال عرفات

ياسر عرفات
حجم الخط

كان إسحاق ليبنون يتحدث اللغة العربية بطلاقة ويجيد استخدام اللهجات وان كان يفضل الحديث باللهجة اللبنانية وكان بمثابة الحارس الأمني لخطوط إسرائيل الحمراء في علاقاتها مع السلطه الوطنية الفلسطينية وحتى تهيأ لي في بعض الأحيان ان لدية جهاز خاص به لقياس وتائر النبض في عروق القيادات الفلسطينية ، كان يبدو مجاملا على الطريقة اللبنانية وثعلباً شديد المراوغة والمراس على الطريقة الاسرائيلية فهو يجيد المزاح والغضب وافتعال الضحكات والصمت والاستماع متى يشاء وحتى يتخيل للمشاهد المتابع ان هذا الرجل يشبه "الريبوت الياباني" وان أجهزة الامن الإسرائيلية قد قامت بإعداده بامتياز للعمل مع الجانبين العربي والفلسطيني ، كان قوي البنيه عريض المنكبين وحليق الرأس وكأنه يعمل قبضاياً في شركة امنية محترفة ويفضل اجتماعات اخر الليل على غيرها من المواعيد ويعشق "الكاشو" بجنون ويفضله على غيره من بين المكسرات وهي نقطه الضعف الوحيدة لديه والتي يمكن اقتناصها من بين الغاز هذه الشخصية الدبلوماسية في عدوانيتها . اما دينس روس المبعوث الأمريكي لعمليه السلام فقد كان يفضل سمك الدنيس "الغزي" على غيره من الوجبات ويعتقد انه يخسر شيئاً مهما اذا لم يحظى بهذه الوجبة غذاءً او في العشاء عندما يحضر للقاء الرئيس ابو عمار في غزة ، لقاءاته المتكرره مع الرئيس كانت تاتي في اطار الجهد الامريكي لادارة الازمه وليس حلها فهي ازمه مستعصية وتحتاج لكمية كبيره من اسماك الدنيس الغزي في اطار عمليه البحث عن حل لها عبر تقديم المزيد من المقترحات الامريكية العقيمة .
اعتاد الاخ ابو عمار على هاتين الشخصيتين وكان دينس روس يبدو مكشوفا في شخصيته اكثر من اسحاق ليبنون امام الرئيس . وكعادته العرفاتية المميزة كان ابوعمار يوصى المقربين منه ومنهما البحث عن وسيله للمصالح الشخصية والخاصة يتعلقان بها في اطار المنافع المكتسبة ولامانع ان تصل الامور حد تقديم بعض الامتيازات التجارية اذا سمحت الفرصة فهو أي الرئيس صياد ماهر ولا يفضل احيانا طرق الحديد وهو ساخن بل يفضل الانتظار والتريث بحثا عن اللحظة المناسبة وربما كانت المشكله الوحيدة التي تواجه الرئيس ابوعمار في هذا الامر ان المكلفين المقربين منه ومنهم كانت احيانا تجرفهم رياح المغريات الأمريكية والإسرائيلية عبر امواجها بعيدا عن الهدف وهو لذلك كان يبدو حذرا وزئبقيا في ايحاءاته وحتى يسهل عليه التملص من التبعات اذا اقتضى الامر ، كان ابو عمار يقدم المساعدة للمئات من الشخصيات في الساحتين العربية والدولية وفي حكومات الدول ومعارضتها على حد سواء ، وعبر متابعاتها الامنيه المديده وفي اطار استعراض عضلاتها الامنية قدمت اسرائيل كشفا بالاسماء لشخصية مميزة قريبه من عرفات ، كان ذلك في اطار بناء الجسور للتقارب بهدف التفاوض بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي الا ان المهم في الامر ان الشخصية الاسرائيلية التي حملت الملف قالت : بان هذا الرجل عدونا ولكنه يستحق ان يكون قائدا لدوله كبرى وليس زعيما فقط للشعب الفلسطيني ، ولم يدرك ولم يعلم بان الاختراق الفلسطيني العرفاتي قد وصل الى اقرب المقربين من الجنرال شارون عندما كان وزيرا للدفاع ويستعد للهجوم على لبنان في صيف عام 1982 وقد كان ذلك في مقابل شراء سيارة حديثة ومئه وخمسين ألف دولار وان الجنرال شارون وفي بعض الأحيان كان يتنقل بهذه السيارة مع هذا الشخص المحسوب على شبكه الرئيس عرفات الامنية وكان بامكان الرئيس عرفات ان يأمر بقتله الا انه لم يفكر بذلك ولم يفعل ذلك لاسباب تتعلق بالمعلومات الثمينة التي كان يحصل عليها وهي معلومات استراتيجية تتعلق بمصير ومستقبل الشعب الفلسطيني ولهذا تركه على قيد الحياه في حين امر شارون وبعد ان اصبح رئيساً للوزراء باغتيال ابو عمار الا ان عداله السماء وضعت حدا لهذا السفاح القاتل وعلى يد المقربين منه ومن عصابات غوش امونيم وحيث عاقبوه على انسحابه من غزة وتفكيكه لمستوطناتهم فيها بالقتل وبالسم وبطريقه حملت في تفاصيلها شكلاً من أشكال العقاب السماوي وحيث ظل يحتضر ولعده سنوات معلقا بين السماء والارض في انتظار النهايه والخلاص .
وربما يكون في قصه الرئيس عرفات مع فرنسا ومع الرئيس جاك شيراك ما يكفي للدلالة على عظمه هذا القائد وقدرته العجيبة على التقاط خيوط الأحداث المهمه والمؤثرة ففي مساء احد الايام طلب مستشارا للسفاره الفرنسية وهو فلسطيني الجنسية مقابله الرئيس ابو عمار في غزة واثناء اللقاء ابلغه بان فرنسا قلقه جدا على مصير الرهائن الفرنسيين المختطفين في اليمن ، ابو عمار وبدون تردد فاجأ محدثة بخطوات عمليه غير متوقعه فقد ناوله حقيبة بها مئتي الف دولار وزوده بارقام هواتف العديد من المسؤولين ورجال القبائل المتنفذين في اليمن وطلب منه السفر فورا الى صنعاء والاتصال بهم وطلب المساعدة في هذا الامر بناءاً على توجيهات شخصية من الرئيس الفلسطيني ، ذهب المستشار الى اليمن وهناك لاقى كل اشكال الترحيب والتعاون المجدي والمثمر ليس باعتباره مستشارا لفرنسا ولكنه وبالدرجه الاولى مرسل من قبل الرئيس عرفات لاتمام هذه المهمه والتي تكللت بالنجاح وحيث تم الإفراج عن الرهائن وكان ذلك بمثابه انتصارا معنويا كبيرا للمستشار وللرئيس جاك شيراك بامضاء وتوقيع ابو عمار وقد ساهمت هذه الحادثة في توطيد العلاقة بين فرنسا والرئيس جاك شيراك شخصيا مع الرئيس عرفات الا ان هذه الحادثة والتي ساهمت في توطيد علاقات التعاون والصداقة مع فرنسا قد تعرضت للتعكير بسبب عمليه التسمم التي تعرض لها الاخ الرئيس ابو عمار وحيث كانت جموع الشعب الفلسطيني تنتظر من فرنسا الرسمية والشعبية موقفا صلبا للدفاع عن حياه الرئيس الفلسطيني وعلى اقل تقدير في الكشف الصريح عن المادة السميه التي تم بواسطتها اغتيال الرئيس عرفات وكما يبدو فان مصالح الدول الكبرى احيانا قد تتغلب على مواقفها العاطفيه والمبدئية الرئيس جاك شيراك كان صديقا للرئيس صدام حسين وكانت تصله اسبوعيا اطباق السمك العراقي المسقوف بالطائرة لكونه يفضلها على كافه الوجبات الاخرى وقد وجد نفسه مرغما مع فرنسا يقف في الخندق الامريكي لمحاربه العراق وإعدام الرئيس صدام حسين في نهاية المطاف ويقال انه أي جاك شيراك ذهب لزياره عرفات بالمستشفى العسكري الفرنسي ولا ادري ان كانت هذه الزياره قد تمت بالفعل وبدافع العواطف الشخصية ام كانت لرفع العتب واللوم عن فرنسا وهو يلقى باسمها نظره الوداع الاخير على العملاق الفلسطيني بعد ان تم الايقاع به في ظروف تكتنفها الملابسات والتعقيدات السريه والمريبه وهي ملابسات تذكرني باقوال منسوبه للرئيس المصري حسني مبارك عندما كان ينصح ابو عمار بعدم الاستعجال بالدخول الى غزة ومناطق الحكم الذاتي للعديد من الاسباب واهمها "ان هؤلاء الأجانب أصحاب العيون الزرقاء لا امان لهم وقد يغدروا بك وبغيرك اذا اقتضت مصالحهم بذلك او اذا قام ابو محجن او غيره من المسميات بعمليه ما ضدهم على سبيل المثال وانت بالداخل " قدره ابوعمار على تكوين شبكه عربية واقليمية ودولية من العلاقات كانت العامل الرئيسي الذي يقف وراء قدرته المميزة على التقاط المؤشرات الداله على التحولات والمتغيرات الاستراتيجية وهو لذلك كان محط انظار الاجهزة الامنيه المختلفة والتي كانت تتسابق فيما بينها للاقتراب من دوائرة المغلقة بحثا عن المعلومات وقد اختزل مسؤول امني في دوله كبيره ومحترمه هذه القدره العرفاتيه بالقول "ان ابو عمار عباره عن ارشيف دولي للمعلومات الامنية والسياسية الثمينه فهو يتابع صوت المؤذن في مكه وفي القدس وفي جوهانس برج في جنوب افريقيا واجراس الكنيسه في الفاتيكان وبيت لحم وكنيسه القيامه واستعراضات استلام وتسليم نوبات الحراسه في الكريملن وماذا يعد معهد بروكنز في واشنطن من طبخات في السياسات الاستراتيجية لاداره البيت الابيض الامريكي وبدون ان تغفل اذنه وعينه عن متابعه دقات ساعه بيجبن الشهيره في لندن "