خطاب أداء القسم اللافت وغير الاعتيادي لدونالد ترامب في يوم الجمعة الماضي، الذي ركز على الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، والفجر الجديد في سماء الولايات المتحدة، لم يكن يقصد تسليط الاضواء على اهداف الرئيس في الامور الدولية – باستثناء تصميمه على محاربة الارهاب الاسلامي المتطرف (هذا التعريف الذي رفض الرئيس باراك اوباما استخدامه)، ونيته الحفاظ على التحالفات القائمة، هذا الاعلان الذي لاقى استحسان الناتو وعواصم اخرى في العالم الغربي. ولم يتم ذكر الشرق الاوسط واسرائيل في الخطاب. وعلى الرغم من ذلك فقد تم التطرق الى اليهودية والصهيونية من خلال اقوال الحاخام هاير، رئيس معهد "فيزنتال" بمقولة "اذا نسيت القدس، فلتُنسى يميني".
ورغم عدم وجود علامات في الخطاب على الموضوع الفلسطيني أو ايران والمشروع النووي وغيرها، فان هذه المواضيع طرحت على لسان المرشحين لكابنت ترامب في مؤتمر مجلس الشيوخ. وايضا في اقوالهم يصعب ايجاد مؤشرات واضحة على نوايا الادارة في هذه المواضيع. وقد كانت توجد فوارق في اقوال المتحدثين حول الصيغة المفضلة لحل الصراع الاسرائيلي الفلسطيني، وبعضهم تحدث عن الاستمرار في خط واشنطن التقليدي، بما في ذلك "حل الدولتين".
نقل السفارة الأميركية الى القدس لم يحظ ايضا بالقول الحاسم. وكما يبدو، فان الرئيس ترامب، بعد التقائه في القريب مع رئيس الحكومة نتنياهو، هو الذي سيجيب على هذا الامر. وعندها فقط سيكون الاتجاه واضحا. وحتى ذلك الحين يجب الصمت من ناحيتنا، وعدم وضع الادارة الجديدة أمام مفاجآت وافعال متسرعة قد تجعلها ترد بشكل غير مفيد لنا.
اسئلة اخرى تتعلق بايران وبالاتفاق النووي. حيث اعلن المرشح ترامب اثناء حملته الانتخابية بأنه سيقوم بتمزيق الاتفاق، أما الآن فان ريكس تلرسون، وزير الخارجية الجديد، رغم أنه يعتبر ايران عدوة للولايات المتحدة، يفضل تشديد الرقابة على الاتفاق وليس الغاءه. ولم يوضح المتحدثون كيف ينوي ترامب تحسين العلاقة بين الولايات المتحدة وروسيا، رغم أن الاخيرة هي حليفة ايران في سورية وفي مجالات اخرى ايضا.
الجهاز الامني والسياسي في اسرائيل لديه اجماع على الجوانب السلبية للاتفاق مع ايران. وقد كانت هناك فروقات حول أهمية الجدول الزمني للاتفاق والبدائل المحتملة وما أشبه. وهناك من يعتقد أن الاتفاق رغم نواقصه أهم من الغائه، لكن شريطة أن توضع عليه قيود اخرى. هذا الامر سيكون في مركز اللقاء القريب بين الرئيس الأميركي الجديد ورئيس الحكومة الاسرائيلي الذي قال إن لديه "افكار حول كيفية الغاء الاتفاق" – أي ليس الغاءه رسميا، بل افراغه من المضمون، ليس فقط من ناحية منع ايران من التوصل الى السلاح النووي والرد على الاخلال، بل ايضا من ناحية الامور التي تم اهمالها في الاتفاق وهي تشكل الآن تهديد فوري وخطير أكثر من المشروع النووي. والمقصود هو خطة ايران لانتاج الصواريخ البالستية والعمليات الارهابية والتآمر والتسلل الشيعي بغطاء من طهران الى اماكن كثيرة في الشرق الاوسط وامكانية تواجد حزب الله قرب الحدود في هضبة الجولان. وبهذا سيتم فتح جبهة اخرى ضد اسرائيل.
هذه بعض القضايا التي ستضع ادارة ترامب أمام التحدي على المستوى الدولي. وطريقة علاجها ستحدد اذا كان ترامب سيعيد المجد لأميركا أم لا.