نتنياهـو وزوجـتـه فقـدا الخجـل مـنـذ زمــن..

20151802201709
حجم الخط

صغير، محرج، ومخجل. هذا هو الشعور الذي ينتاب من يقرأ تقرير مراقب الدولة حول قرارات إقامة وسكن رئيس الوزراء. لا اقصد هنا القارئين بنيامين وسارة نتنياهو. فهما فقدا الخجل منذ زمن. بل أقصد ما يشعر به كل القراء الآخرين. الله، كما يقولون، موجود في التفاصيل. وكلما كانت تفاصيل التقرير أصغر، واكثر ضآلة، كانت أكثر ارباكا. التقرير يلزم القارئ باستراق النظر الى المعايير السلوكية التي لم يكن يرغب بأن يراها لا في بيته هو ولا في بيت رئيس الوزراء.
ماذا يشبه هذا الامر؟ يشبه الصبي الذي ضبط وهو يأخذ عشرين شيكلا من محفظة أمه. الطفل ارتكب مخالفة، ولكن الخجل هنا من نصيب الوالدين. هذا الامر صحيح ايضا عندما يكون هذا الطفل في السادسة والستين من عمره.
أجل، فالخجل كبير، وكذلك الاشمئزاز. ولكن ليست هذه هي الأمور التي تتسبب في إقالة رئيس وزراء في دولة اسرائيل.
لا يتضمن التقرير قضايا مذهلة، وليس هناك سرقات كبيرة، ولا عمليات نصب ضخمة. صحيح أن المراقب يشير الى امكانية ارتكاب مخالفة جنائية في عدة امور، ومن بينها قضية الكهربائي الشهيرة، والزجاجات الأكثر شهرة. صحيح أنه مرر المعلومات للنيابة العامة وهي بدورها شرعت في فحصها، ولكن من الافضل ان لا نبالغ في الامر: ما تكشف عنه التقرير يشير الى سلوك مرفوض، مخادع، ولكنه ليس بالضرورة سلوكا يبرر تقديم لائحة اتهام بارتكاب جنحة.
هناك بعض أصحاب النزعة التطهرية الذين يعتقدون ان على السياسيين ان يكونوا صديقين كاملين. كُتّاب التوراة فصلوا هناك المطالب القصوى: «يسير بريئا ويتصرف بالصدق ويقول الحقيقة في قلبه، لا يخونه لسانه ولا يسيء للاخرين، ولا يأخذ الرشوة او ينتزع الاموال من الاخرين». كنت سأكتفي بسياسي يراعي المطالب الدنيا: يقول الحقيقة ولا يأخذ الرشوة. أما الصدق والبراءة فمن الافضل البحث عنها في اختصاصات مهنية اخرى.
ليس على رئيس الوزراء أن يكون شخصية مثالية نموذجية. ليست هناك احتمالية لذلك في الطريقة التي يصعدون فيها الى هذا المنصب الرفيع في ايامنا هذه. الشخصيات النموذجية لا تتلقى المال والهدايا من متبرعين مريبين، ولا تحرض ضد المنافسين والخصوم، ولا تقوم بخداع الناخبين او تعبد طريقها للقمة ولا تتسامى على ذاتها.
ولكن يتوجب أن نتوقع من هذه الشخصية ان تعرف كيف تقود الناس. ان تتخذ القرارات المعقولة وان تحرص على تنفيذها وان تتحمل نتائج أفعالها. عليها أن تحسن أوضاعنا لا أن تدهورها. ان تنظر مباشرة في عيون شعبها. بسبب هذه الامور يتوجب ان نعطي نتنياهو شهادة راسب، وليس بسبب الطريقة التي يدير بها اقتصاده المنزلي.
استعداداً لنشر التقرير أقام الزوجان نتنياهو غرفة عمليات، واستدعيا المحامين والمستشارين الاعلاميين والسياسيين للاستجابة لنداء الواجب. هذا الحشد مسألة روتينية في مسيرة الزوجين نتنياهو: الفضائح تأتي وتذهب. التقارير التوبيخية تأتي وتذهب، ومنظومة الدفاع جاهزة دائما لاطفاء النيران. نتنياهو تعلم من ايهود باراك انه يحظر التخاصم مع جهازي الرقابة والتحقيق: طأطأة الرأس وتقديم الوعود الاستعراضية بالتقويم واتاحة المجال للموجة حتى تمر.
قرب موعد الانتخابات دفع الزوجين ومنظومتهما الدفاعية لاعطاء رد فعل من نوع آخر. بدأ الأمر بهجمة وقائية من خلال فيلم زائف كاذب مرضي اظهر منزل رئيس الوزراء باعتباره بيتا مهدما. تواصل هذا الأمر، أول من أمس، من خلال سلسلة تصريحات صدرت عن محاميي الزوجين: يوسف شابيرا، مراقب الدولة الذي عينه نتنياهو أُظهر هناك بصفته شخصا لا مباليا وكاذبا. ميني نفتالي، مدير منزل نتنياهو السابق الذي كشف عار الزوجين اتهم بالاسراف في النفقات. والنفقات المسرفة في مقرات رئيس الوزراء قورنت بتلك التي تصرف في بيت رئيس الدولة. هذا بينما يعرف كل فتي في اسرائيل ان بيت الرئيس هو مكتب مسؤول عن تنفيذ سلسلة من الادوار والوظائف الرسمية المنصوص عليها قانونيا بما في ذلك الجهاز المسؤول عن ذلك. اما المنازل التي يستخدمها رئيس الوزراء فتستخدم للاكل والنوم والضيافة فقط. هذه المقارنة بين المكانين كاذبة.
من المعروف منذ سنين ان الزوج نتنياهو حريص جدا على ماله ومسرف كبير عندما يتعلق الامر بأموال الاخرين، بما في ذلك مال الدولة، والاشد جسامة من ذلك مال العاملين البسطاء الخاص. ورغم ذلك كله فقد حدث أمر: منذ أول من اصبحت هذه المعلومة وثيقة رسمية موقعة من قبل مراقب الدولة. 

عن «يديعوت»