اللقاء بين الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ورئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، الذي يتوقع أن يتم في 15 شباط، ليس فقط يؤكد على تحالف الدولتين، بل يبشر بتحسن مكانة اسرائيل، لا سيما بعد العلاقة الباردة التي كانت لها في السنوات الأخيرة.
برنامج المكالمات الهاتفية للرئيس الجديد، وكذلك برنامج اللقاءات السياسية له، لم يأتيا بالصدفة، بل هما يرمزان الى أولويات الإدارة الجديدة. إن أغلبية العواصم في العالم تتابع الجدول الزمني لمكالمات ترامب، وهي تريد معرفة من الذي سيُستدعى أولاً الى واشنطن، ومن سيُستبعد الى آخر القائمة. إن تحديد موعد قريب للقاء مع نتنياهو يعبر عن اشارة رمزية بالنسبة لاسرائيل ومن يرأسها. اسرائيل هي من أهم حلفاء القوة العظمى الأميركية.
لكن الاهمية الاساسية للقاء في هذا الموعد تفوق الاهمية الرمزية. جزء كبير من الحملة الانتخابية لترامب بني على رفض تعاطي اوباما مع «الدولة اليهودية». وقبل تبادل الرئاسة حاول ترامب إفشال خطوة أوباما ضد اسرائيل في مجلس الامن، واعتبر هذا عملا مرفوضا. وعندما فشل، وعد بأنه مع دخوله منصبه سيتغير الوضع كليا، ولن تضطر اسرائيل الى الخوف من خيانة أكبر اصدقائها. الآن تأتي مرحلة تنفيذ الوعود، وكما نلاحظ في الامور الاخرى فان الرئيس الأميركي الجديد يقوم بتنفيذ وعوده.
يمكن القول إنه في فترة رئيس أقل تأييدا، مثل اوباما، فان علاقة الولايات المتحدة واسرائيل تحسنت، لا سيما في مواضيع كثيرة بعيدة عن تأثير الرئيس. الاغلبية الساحقة من اعضاء الكونغرس رأت- وما زالت ترى- أن اسرائيل هي حليف اساسي ليس له بديل. وهي شريكة في قيم الحرية. وثمة تعاط مشابه يوجد أيضا في الأجهزة الامنية الأميركية. والآن ينضم الى ذلك رئيس الهرم غير المصاب بالعمى الايديولوجي، والذي يمكنه معرفة من هم الاخيار ومن هم الاشرار في الشرق الاوسط.
أراد أوباما أن يسجل في التاريخ على أنه صانع للسلام. لكنه فشل في ساحة الشرق الاوسط. إن لقاء ترامب ونتنياهو سينهي تماما ثماني سنوات صعبة، وسيسمح بفتح مرحلة جديدة في تاريخ المنطقة. هناك علامات كثيرة تؤكد على أن هذه المرحلة ستقررها هاتان الدولتان. لا ينوي الرئيس الجديد الضغط على اسرائيل ومطالبتها بتقديم تنازلات تعرضها للخطر. وبدل ذلك، حان الوقت ليتم الضغط على من يزرع القتل ويهدد سلام العالم: المنظمات «الارهابية» الاسلامية، بدءاً بـ «حماس» و»حزب الله»، وكذلك الانظمة الظلامية المحرضة مثل سلطة أبو مازن، وبالطبع نظام طهران.
رئيس الولايات المتحدة ورئيس الحكومة الاسرائيلية سيجلسان يوم 15 شباط في البيت الابيض، وسيضعان الخطوط السياسية المشتركة للمستقبل القريب. ويمكن القول إنه بعد اللقاء ستكون هناك قوانين جديدة، القوة العظمى في العالم وحليفتها ستقودان خطاً لا هوادة فيه في وجه من يريد الحاق الضرر بإسرائيل وبالعالم الحر. وفي الوقت ذاته لن تكون السيطرة اليهودية في القدس وفي «يهودا» و»السامرة» كلمة نابية في نظر الأميركيين.
بدأ اوباما ولايته بـ «خطاب القاهرة»، سيئ السمعة، الذي حاول من خلاله مد يده لـ «الاخوان المسلمين». أما ترامب فيبدأ ولايته بالالتقاء مع رئيس الحكومة الاسرائيلية، وهنا الفرق كبير.
تعبير عن غزة .. تاريخ غزة النضالي وأهم المعالم الآثرية
28 ديسمبر 2024