في أسبوع واحد، خرجت رسالتان من الخليج إلى إيران، ويبقى الأمل في أن تجيد السلطة الإيرانية قراءة كل رسالة منهما على حدة، ثم تجيد قراءتهما معًا لأن معناهما مشترك، كما أن النغمة فيهما واحدة، بقدر ما أن التوقيت الذي خرجت فيه الرسالتان، على المستوى الدولي بالذات، مهم للغاية!
الرسالة الأولى كانت من الرياض، وكانت على لسان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، الذي قال في أثناء مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، في الرياض، إن المملكة حاولت بناء علاقات جيدة مع طهران، إلا أن النظام الإيراني لم يتخلَ عن عدائه وتدخله في شؤون دول المنطقة منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979. ثم رصد الوزير الجبير حقيقة يجب ألا تغيب عن صانع القرار الإيراني، عندما قال إن المملكة «لم تفجر السفارات الإيرانية، ولم تقم باغتيال دبلوماسييها، لأن ذلك ليس من أخلاقياتنا».
وقال الجبير ما هو أهم، حين أضاف، حسبما نقلت عنه «الشرق الأوسط» في صدر صفحتها الأولى: في نهاية المطاف، إيران دولة مجاورة، وإسلامية، ومن الأفضل للجميع ألا تكون هناك خلافات أو مواجهات، ولكن اليد الواحدة لا تصفق.
كلام كهذا، إذا لم يستوقف الحكومة الإيرانية، فلن يستوقفها شيء ينفعها فيما بعد، وإذا لم تأخذه لتبني عليه، فلن يرتفع لها بناء مع جيرانها!
تلك كانت الرسالة الأولى، وأظن أن المعاني التي تحملها في اتجاه الطرف الآخر أقوى من أن يُشار إليها، كما أظن أن حُسن النية الذي تنطوي عليه في حاجة إلى حُسن نية يقابله على الضفة الأخرى من الخليج العربي!
أما الثانية، فكانت من الكويت التي طار وزير خارجيتها، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إلى طهران، في زيارة وصفتها جريدة «الأخبار» القاهرية بأنها زيارة نادرة، ولا بد أنها كانت كذلك لثلاثة أسباب؛ أولها أن الوزير الكويتي تكلم مع الجانب الإيراني خلال الزيارة عن دول الخليج كلها، وليس عن الكويت وحدها، والسبب الثاني أنه حمل رسالة مكتوبة من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى الرئيس الإيراني الذي استقبل الوزير، والثالث أن وزير الخارجية الكويتي نقل إليهم «رسالة» قريبة جدًا في جوهرها من «الرسالة» التي حملها كلام الوزير الجبير، فقال إن زيارته هي في الأخير دعوة إلى حوار بين إيران وجيرانها الإقليميين، وإن ذلك لا بديل عن أن يتم في أجواء هادئة، وفي فضاء شفاف.
الروح في الحالتين، وفي الرسالتين، إيجابية على طول شاطئ الخليج الغربي، وبامتداد الدول الخليجية الست، وهي روح راغبة في أن يدرك الطرف الإيراني أن ما دأب عليه إزاء الدول الست، وإزاء محيطها، منذ الثورة الخمينية، ليس ذا جدوى في علاقات الجوار، وأنه كطرف متمدد على الشاطئ الشرقي للخليج مدعو إلى أن يتخلى عن عقلية الثورة التي اعتمدها في نظرته للمنطقة منذ نهاية السبعينات، وأن يعتمد بديلاً عنها عقلية الدولة المسؤولة!
أما الإشارة إلى أن توقيت الرسالتين مهم، فليست من قبيل المبالغة، ولا هي من نوع اللعب بالألفاظ، لأننا في توقيت طرأت فيه إدارة أميركية جديدة ترى من إيران، وفيها، ما لم تكن إدارة أوباما تريد أن تراه، أو كانت تراه ولا تريد أن تُقر بأنه موجود، أو كانت تُقر بأنه موجود ولا تريد أن تعلنه، ثم تعمل وفق مقتضياته... أقول هذا، وأنا أفترض أن الرئيس ترمب سوف يكون فعله تجاه إيران بعد تنصيبه، كقوله عنها وقت ترشحه وفي أعقاب فوزه، لأن كلامه في أثناء استقباله لرئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، الجمعة الماضية، لا يبعث بصراحة على الاطمئنان في هذا الاتجاه، وإلا فما معنى أن يظل طوال شهور ترشحه، وحتى بعد فوزه، يشكك في جدوى بقاء حلف الناتو، ويتغزل في ذكاء الرئيس الروسي بوتين، ثم يعلن فجأة في لقائه مع ماي عن دعمه للحلف، وعن أن الكلام عن رفع العقوبات عن روسيا سابق لأوانه؟! نحن في الحقيقة أمام رجعة عن آراء قيلت منه لا تبعث على التفاؤل في هذا الميدان. ومع ذلك، فقد يكون حديثه الانتخابي عن إيران، وعن أنها لا بد أن تكف عما تمارسه في المنطقة، حديثًا آخر في لحظة الجد لأن وزير دفاعه جيمس ماتيس يؤمن بالتوجهات المعلنة من ترمب نفسها!
يخشى المرء أن يكون متفائلاً أكثر من اللازم إزاء قدرة المرشد الإيراني على الإنصات جيدًا إلى مضمون الرسالتين السعودية، والكويتية من بعدها، لأن التجارب علمتنا أن الطبع يغلب دائمًا التطبع، ولأن طبع إيران منذ ثورتها كان على ما عرفناه، ولأن تطويع الطبع لصالح التطبع، إذا كان ممكنًا، فإنه يظل في حاجة إلى إرادة حقيقية، سواء كان صاحب الطبع فردًا أو دولة! والسؤال هو: هل تملك إيران، هذه الإرادة؟!
ما أعرفه أن القيادة الإيرانية أمامها فرصة لا تسنح كثيرًا، وعلى مستويين؛ مستوى إقليمي من حولها يمد يديه بالحوار، وآخر دولي، أو أميركي بالذات، يضغط عليها، إذا جاءت أفعال ترمب مطابقة، أو حتى قريبة، من أقواله، وقت أن كان مرشحًا رئاسيًا. أما تعويل إيران، فلا بد أن يكون على ما حولها في إقليمها من رسائل وحقائق لأنه الأقرب لها، ولأنه هو الذي يبقى ويدوم!
إن الرسائل مسجلة، كشأن الحال في الرسالتين المشار إليهما، والحقائق على أرض الإقليم أظن أنها من النوع الذي لا يقبل الجدل!
الرسالة الأولى كانت من الرياض، وكانت على لسان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، الذي قال في أثناء مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت، في الرياض، إن المملكة حاولت بناء علاقات جيدة مع طهران، إلا أن النظام الإيراني لم يتخلَ عن عدائه وتدخله في شؤون دول المنطقة منذ قيام الثورة الخمينية عام 1979. ثم رصد الوزير الجبير حقيقة يجب ألا تغيب عن صانع القرار الإيراني، عندما قال إن المملكة «لم تفجر السفارات الإيرانية، ولم تقم باغتيال دبلوماسييها، لأن ذلك ليس من أخلاقياتنا».
وقال الجبير ما هو أهم، حين أضاف، حسبما نقلت عنه «الشرق الأوسط» في صدر صفحتها الأولى: في نهاية المطاف، إيران دولة مجاورة، وإسلامية، ومن الأفضل للجميع ألا تكون هناك خلافات أو مواجهات، ولكن اليد الواحدة لا تصفق.
كلام كهذا، إذا لم يستوقف الحكومة الإيرانية، فلن يستوقفها شيء ينفعها فيما بعد، وإذا لم تأخذه لتبني عليه، فلن يرتفع لها بناء مع جيرانها!
تلك كانت الرسالة الأولى، وأظن أن المعاني التي تحملها في اتجاه الطرف الآخر أقوى من أن يُشار إليها، كما أظن أن حُسن النية الذي تنطوي عليه في حاجة إلى حُسن نية يقابله على الضفة الأخرى من الخليج العربي!
أما الثانية، فكانت من الكويت التي طار وزير خارجيتها، الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، إلى طهران، في زيارة وصفتها جريدة «الأخبار» القاهرية بأنها زيارة نادرة، ولا بد أنها كانت كذلك لثلاثة أسباب؛ أولها أن الوزير الكويتي تكلم مع الجانب الإيراني خلال الزيارة عن دول الخليج كلها، وليس عن الكويت وحدها، والسبب الثاني أنه حمل رسالة مكتوبة من أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى الرئيس الإيراني الذي استقبل الوزير، والثالث أن وزير الخارجية الكويتي نقل إليهم «رسالة» قريبة جدًا في جوهرها من «الرسالة» التي حملها كلام الوزير الجبير، فقال إن زيارته هي في الأخير دعوة إلى حوار بين إيران وجيرانها الإقليميين، وإن ذلك لا بديل عن أن يتم في أجواء هادئة، وفي فضاء شفاف.
الروح في الحالتين، وفي الرسالتين، إيجابية على طول شاطئ الخليج الغربي، وبامتداد الدول الخليجية الست، وهي روح راغبة في أن يدرك الطرف الإيراني أن ما دأب عليه إزاء الدول الست، وإزاء محيطها، منذ الثورة الخمينية، ليس ذا جدوى في علاقات الجوار، وأنه كطرف متمدد على الشاطئ الشرقي للخليج مدعو إلى أن يتخلى عن عقلية الثورة التي اعتمدها في نظرته للمنطقة منذ نهاية السبعينات، وأن يعتمد بديلاً عنها عقلية الدولة المسؤولة!
أما الإشارة إلى أن توقيت الرسالتين مهم، فليست من قبيل المبالغة، ولا هي من نوع اللعب بالألفاظ، لأننا في توقيت طرأت فيه إدارة أميركية جديدة ترى من إيران، وفيها، ما لم تكن إدارة أوباما تريد أن تراه، أو كانت تراه ولا تريد أن تُقر بأنه موجود، أو كانت تُقر بأنه موجود ولا تريد أن تعلنه، ثم تعمل وفق مقتضياته... أقول هذا، وأنا أفترض أن الرئيس ترمب سوف يكون فعله تجاه إيران بعد تنصيبه، كقوله عنها وقت ترشحه وفي أعقاب فوزه، لأن كلامه في أثناء استقباله لرئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، الجمعة الماضية، لا يبعث بصراحة على الاطمئنان في هذا الاتجاه، وإلا فما معنى أن يظل طوال شهور ترشحه، وحتى بعد فوزه، يشكك في جدوى بقاء حلف الناتو، ويتغزل في ذكاء الرئيس الروسي بوتين، ثم يعلن فجأة في لقائه مع ماي عن دعمه للحلف، وعن أن الكلام عن رفع العقوبات عن روسيا سابق لأوانه؟! نحن في الحقيقة أمام رجعة عن آراء قيلت منه لا تبعث على التفاؤل في هذا الميدان. ومع ذلك، فقد يكون حديثه الانتخابي عن إيران، وعن أنها لا بد أن تكف عما تمارسه في المنطقة، حديثًا آخر في لحظة الجد لأن وزير دفاعه جيمس ماتيس يؤمن بالتوجهات المعلنة من ترمب نفسها!
يخشى المرء أن يكون متفائلاً أكثر من اللازم إزاء قدرة المرشد الإيراني على الإنصات جيدًا إلى مضمون الرسالتين السعودية، والكويتية من بعدها، لأن التجارب علمتنا أن الطبع يغلب دائمًا التطبع، ولأن طبع إيران منذ ثورتها كان على ما عرفناه، ولأن تطويع الطبع لصالح التطبع، إذا كان ممكنًا، فإنه يظل في حاجة إلى إرادة حقيقية، سواء كان صاحب الطبع فردًا أو دولة! والسؤال هو: هل تملك إيران، هذه الإرادة؟!
ما أعرفه أن القيادة الإيرانية أمامها فرصة لا تسنح كثيرًا، وعلى مستويين؛ مستوى إقليمي من حولها يمد يديه بالحوار، وآخر دولي، أو أميركي بالذات، يضغط عليها، إذا جاءت أفعال ترمب مطابقة، أو حتى قريبة، من أقواله، وقت أن كان مرشحًا رئاسيًا. أما تعويل إيران، فلا بد أن يكون على ما حولها في إقليمها من رسائل وحقائق لأنه الأقرب لها، ولأنه هو الذي يبقى ويدوم!
إن الرسائل مسجلة، كشأن الحال في الرسالتين المشار إليهما، والحقائق على أرض الإقليم أظن أنها من النوع الذي لا يقبل الجدل!
عن الشرق الوسط