ماهر عرار مواطن كندي من أصول سورية كانت الشرطة الكندية قد سربت معلومات للسلطات الأمريكية بأنه من المتشددين الاسلاميين، وهو ما دفع السلطات الأمريكية لاعتقاله اثناء تواجده في نيويورك في طريق عودته من تونس إلى كندا عام 2002، وتم ترحيله إلى سوريا حيث اعتقل لمدة عام في السجون السورية وقيل يومها أنه تعرض للتعذيب، المهم أن قضية المواطن الكندي ذو السوري الأصل تحولت إلى قضية راي عام داخل كندا على اعتبار ان السلطات الكندية تتحمل مسؤولية التعذيب والاهانة التي تعرض لها، بذلت وزارة الخارجية الكندية جهوداً حثيثة لدى أطراف عدة من أجل تأمين الافراج عنه وتأمين عودته إلى كندا، بعد عودته نشطت المؤسسات الحقوقية في الدفاع عنه عبر مقاضاة الحكومة الكندية، حيث برأته المحكمة عام 2006 وقضت له بتعويض عن الضرر الذي لحق به بقيمة 9 مليون دولار بالإضافة إلى نفقات القضية، وقيل يومها أن الصفقة التي عقدها محاميه مع الحكومة حول التعويض المالي لم تكن عادلة وكان على الحكومة أن تدفع له أكثر من ذلك.
المهم أن قائد الشرطة اضطر لتقديم استقالته على خلفية القضية، وقدم رئيس وزراء كندا "ستيفن هاربر" اعتذاره للمواطن الكندي السوري الأصل عن أي دور لعبه المسؤولون الكنديون في المحنة التي عاشها، مشيراً إلى الخلاف الذي نشأ بين حكومته والولايات المتحدة لرفض الاخيرة شطب اسم عرار من لائحة الاشخاص الذين تضعهم تحت المراقبة، بغض النظر عن بعض التفاصيل المتعلقة بحكاية ماهر عرار والتي تقترب من تفاصيل ألف ليلة وليلة، فالمؤكد أن الحكومة التي تحترم مواطنيها تحترم ذاتها، ويقيناً أن من عدم الانصاف في شيء أن نعقد مقارنات بين حكومة وجودها مرهون بقدرتها على الدفاع عن مواطنيها ومصالحهم وبين حكومة تتكسب من وراء معاناة مواطنيها وآلامهم.
نعم نحن بحاجة إلى وزارة خارجية ناشطة وفاعلة على المسرح السياسي الدولي، ونحتاج إلى عمل دؤوب من قبل طواقمنا الدبلوماسية المتواجدة في أصقاع المعمورة لشرح حقيقة القضية الفلسطينية ونقل معاناة شعبنا إلى كل مدينة بعيدة عنا أم قريبة منا، وتنشرح صدورنا عند تشييد سفارة لنا يرفرف عليها العلم الفلسطيني في هذه الدولة أو تلك حتى وإن كانت الدولة المذكورة مجرد نكرة في السياسة الدولية، ونسعد بأنه بات لدينا 90 سفارة ملكاً خالصاً لنا وهو ما لم تحققه العديد من الدول المستقلة.
ما يعنينا هنا لا يتعلق بالنجاحات والاخفاقات التي سجلتها الدبلوماسية الفلسطينية على مدار السنوات السابقة، ولا بذلك الضجيج المصاحب لقرار يبقى حبراً على ورق، بل بعلاقة وزارة الخارجية ومعها سفاراتنا حول العالم بالمواطن الفلسطيني، هل حقاً السفارة الفلسطينية تشكل بيتاً للمواطن الفلسطيني في غربته وترحاله؟، وهل تنشط الدبلوماسية الفلسطينية في متابعة هموم وشجون المواطن الفلسطيني في دول العالم؟، وهل الإذلال الذي يتعرض له المواطن الفلسطيني على الحدود يقع ضمن دائرة اهتمامات وزارة الخارجية وأنها تعكف على معالجته مع الدول ذات العلاقة؟، وهل تعلم وزارة الخارجية أن معاملة المواطن الفلسطيني تختلف حسب مكان ميلاده؟، كيف يمكن لنا أن نقتنع بحرصنا على وحدة الجغرافيا في الدولة الفلسطينية المنشودة إن كنا نرى بأنه يتم تصنيف المواطن الفلسطيني بين درجة أولى وثانية وعاشرة حسب الجغرافيا التي يقيم فيها على تراب الوطن؟.
لا نريد لوزير الخارجية أن يتخلى عن الامتيازات التي ترافقه على الحدود وأن يعيش ليوم واحد معاناة المواطن الفلسطيني، كل ما نتمناه أن تلتفت الدبلوماسية الفلسطينية قليلاً الى معاناة المواطن وأن تستشعر حالة الإذلال بتفاصيلها المؤلمة التي يعيشها على الحدود والتي يفقد معها ما تبقى من آدميته، فكل ما يشعر به المواطن أنها تعمل بإذن من طين واخرى من عجين حيال معاناته.