أمس السبت تم إقامة عدد من الفعاليات الوطنية بمناسبة اليوم العالمي لدعم حقوق الفلسطينيين في الداخل، الذي صادف الثلاثين من يناير، إستوقفني عدم وجود حشد شعبي فلسطيني في محافظة رام الله والبيرة، العاصمة السياسية المؤقتة للسلطة الفلسطينية يليق بالمناسبة. مع أن قادة معظم الفصائل الوطنية شاركوا في المناسبة، التي أقيمت في الهلال الأحمر بالبيرة. السؤال او الأسئلة، التي تطرح نفسها على الجميع دون إستثناء بما في ذلك المستقلين، أين الجماهير الفلسطينية؟ لماذا لم تشارك؟ هل السبب في عدم الإهتمام ام لم تصل الدعوة لهم؟ ولماذا حين تكون مناسبة لفصيل ما نجد أماكن الإحتفال مليئة بالمواطنين؟ هل الخلل في اللجنة المنظمة ام في الفصائل ومنظمات المجتمع المدني وإستعدادها للمشاركة؟ وهل يكفي حضور قائد من هذا الفصيل او ذاك دون مشاركة محازبيه؟ وهل الدعم لكفاح أبناء شعبنا في ال48، الذين يواجهون أبشع أشكال العنصرية على مدار السبعين عاما الماضية يحتاج دعوة؟ أليس من الواجب ان يكون الفلسطيني العربي دائم الإستعداد للتكافل مع نفسه وأبناء جلدته في كل مكان ودون دعوات؟ وأين سكان المحافظة ومخيماتها وقراها؟ أم الجلوس على المقاهي وفي المكاتب يحول دون مشاركاتهم؟ وكم من مرة في ايام الدوام الرسمي منحت الحكومة الموظفين إجازات للمشاركة في الفعاليات الوطنية، ويتسربوا منها بشكل معيب وغريب عن طباع وسمات شعبنا؟
الأسئلة عديدة وكثيرة، غير ان السؤال المركزي يتمثل بوجود مشكلة حقيقية في محافظة رام الله والبيرة. اين هي هذه المشكلة؟ ما سببها وجوهرها؟ هل تكمن في المواطن ام في القوى والفصائل والأحزاب والشخصيات المستقلة؟ لا أحد يقول لي المشكلة في المواطن. لإنه مستعد ان يفني حياته في الدفاع عن حقوقه وحقوق شعبه اينما كان. وبالتالي المشكلة في القادة والهيئات المركزية للإحزاب والفصائل، التي أخذت تتآكل مكانتها الشعبية. ولم يعد المواطن يثق كثيرا بإطروحاتها. ويعتقد انها خذلت نفسها وخذلته في آن.
ومع ذلك السؤال، الذي أُثير آنفا، لماذا تستطيع هذه القوى كبيرها وصغيرها في مناسباتها الخاصة تحشد المواطنين، وفي المناسبات الوطنية لا تبذل الجهد الكافي لحشدها؟ وحتى لا يبدو المرء، وكأنه يناقض نفسه فيما يتعلق بإبتعاد الجماهير عن الفصائل والقوى، لاسيما وان حشدها لإنصارها وغيرهم، يتم عبر تأمين وسائط نقل لها من مدن وقرى المحافظات المختلفة، ولكن هذا الحشد او ذاك لا يعكس حقيقة الإلتفاف الشعبي حول القوى والفصائل، لإنه لا يعكس الإستمرارية، وهو آني ومؤقت ولإسباب خاصة بكل مواطن. ولو كان عكس ذلك، لكان المواطن إندفع دون حوافز من هذا القبيل او ذاك للمشاركة في هذه الفعالية او تلك. لإن الدعوة نشرت في الصحف المحلية وفي فضائيات فلسطين والفضائيات المحلية والمنابر والمواقع الإليكترونية وفي الإذاعات المحلية، التي تغطي الوطن من أقصاه الى أقصاه. وانا هنا لا أحمل اللجنة الوطنية المعنية بيوم دعم حقوق الفلسطينيين المسؤولية، بغض النظر عن النواقص او الثغرات، التي واكب عملها، لإنها عملت ما يمكن عمله وفق إمكانياتها وقدراتها. وبالتالي تنحصر المشكلة في القوى والفصائل الوطنية والشخصيات المستقلة ومنظمات المجتمع المدني، التي تقوم على مدار العام بعقد سلسلة من الورش الممولة، بهدف الحصول على تمويل الجهات المانحة، ولنجاح ورشها تجري الإتصالات الشخصية وترسل الدعوات مرة واثنتين لتأمين حضور ومشاركة المواطنين. لماذا هذه المنظمات لا تقوم بالحد الأدنى من ذلك؟ ولماذا لا تقوم الأحزاب والفصائل على الأقل في المحافظة المعنية بالفعالية المحددة بحشد كوادرها وأعضاءها وأنصارها؟ لماذا تقبل مشاركة قياداتها وتغيب كوادرها واعضاءها؟ أين هي الحكمة في ذلك؟
نحن اليوم احوج ما نكون اولا لدعم بعضنا البعض قبل ان نطالب من الدول الشقيقة والصديقة وشعوبها من دعم كفاحنا. دون ان نرتقي إلى مستوى المسؤولية تجاه التحديات المنتصبة فوق رؤوسنا ورأس القيادة الشرعية، ودون ان نخلع ثوب اللآمبالاة، والعمل بطريقة ووفق إسلوب وأنا مالي، لن ننجح في التصدي لإسرائيل الإستعمارية. وسنخسر انفسنا وشعبنا. فهل نتعظ من تجربة الأمس؟ وهل نستخلص الدرس؟ الكرة في مرمى الجميع دون إستثناء