ماذا كان سيحصل ليهود اوروبا بعد الكارثة لو كان دونالد ترامب، وليس هاري ترومان، رئيس الولايات المتحدة في حينه، وأمر بمنع دخول اللاجئين والمهاجرين؟ إن مرسوم ترامب لمنع دخول المهاجرين واللاجئين من سبع دول إسلامية الى الولايات المتحدة، هو نوع من العنصرية التي ينتجها مصنع أصدقاء الحركات العاملة من أجل تفوق الانسان الابيض، المتواجدين الى جانبه في البيت الابيض. في هذه الاثناء، وان كان قاض فيدرالي علق المرسوم الرئاسي، الا أن هذا المرسوم هو وصمة تحتاج الولايات المتحدة سنوات عديدة كي تمحوها.
بخلاف ما زعم، ليس لهذا المرسوم أي صلة باعتبارات الأمن. فكل من يطلب تأشيرة الى الولايات المتحدة، حتى لو لم يكن مسلما، يعرف بانه لا توجد دولة لا تتشدد جدا في الفحص الامني قبل منح التأشيرة. والسياسة التي اتخذها ترامب منذ 20 كانون الثاني تثبت بانه يتوجه الى قاعدته اليمينية الافنجيلية. وهو يمس بجمهور السود في تطلعه المعلن ليكون لكل ناخب في الانتخابات التالية بطاقة هوية مع صور (الامر الذي يمس بالسكان الافقر، الذين يصعب عليهم الدفع لقاء اصدار الهوية أو لتوفير الوثائق اللازمة لاصدارها)؛ وهو يمس بالهسبانيين بعدم تقديم المساعدة لمدن اللجوء للمهاجرين؛ وهو يمس بالنساء، بايقافه المساعدة الحكومية للمنظمات الأميركية العاملة في العالم من أجل الاجهاض؛ وهو يمس بالمكسيكيين بقراره بناء سور على الحدود الجنوبية بتمويل مكسيكي.
في غضون وقت قصير نجح ترامب في أن يسير بالولايات المتحدة سنوات ضوئية الى الوراء. يبدو أن العالم كله مصدوم، باستثناء زعيمين: الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس وزراء اسرائيل بنيامين نتنياهو. النقد الاشد الذي أطلقته المستشارة الالمانية، أنجيلا ميركيل، هو الذي يرى في سياسة ترامب في موضوع اللاجئين ضررا أخلاقيا. وهي نفسها، المحافظة في فكرها أيضا، مستعدة لتستوعب عشرات آلاف اللاجئين رغم الثمن السياسي الذي قد تدفعه. يبدو أن العالم انقلب: بينما تطرد القيادة الأميركية اللاجئين، تقوم القيادة الالمانية باستيعابهم.
من السهل على ترامب أن يمتطي الموجة العنصرية ضد المسلمين؛ لانه يربط ذلك بارهاب «داعش» و»القاعدة». غير أنه في حقيقة الامر ليس لهذا أي صلة. فحسب الصحافة الأميركية فإن تسعة أميركيين قتلوا في السنة الماضية من ارهاب اسلامي صرف في الولايات المتحدة، بينما 1.137 قتلوا على أيدي أميركيين آخرين. عمليات 11 ايلول 2001 استغلها الرئيس جورج بوش لحربين زائدتين في افغانستان وفي العراق. ويستغل ترامب هذه الصدمة في حملة عنصرية ضد المسلمين لاعتبارات شعبوية في اوساط ناخبيه اليمينيين. معظم المنفذين لعمليات 11 أيلول كانوا من أصل سعودي، ولكن المملكة السعودية لم تدخل في قائمة مقاطعة ترامب؛ وحقيقة أنه استثمر هناك من أجل شبكة فنادقه قد تشرح ذلك.
كل هذا يبدو بالتأكيد معروفاً للأذن الإسرائيلية. عندنا أيضا يستغل «الارهاب» لحملة عنصرية ضد الفلسطينيين في «المناطق» و»عرب اسرائيل». هذه العنصرية، سواء في الولايات المتحدة أم في إسرائيل، ليس فقط لا تساهم في الأمن بل تمس به. فهي عائق في وجه التسويات السياسية، التي هي الحل الوحيد للمدى البعيد لمسألة الارهاب. من هذه الناحية، فان ترامب ونتنياهو أخوان في السلاح.
"هاتريك" بن يوسف يقود المصري إلى ربع نهائي الكونفيدرالية
20 يناير 2025