بدأ امس الأحد نتنياهو، رئيس حكومة إسرائيل زيارة رسمية لبريطانيا. ومن المقرر ان يلتقي اليوم الأثنين تيريزا ماي، رئيس الحكومة لمناقشة عدد من الملفات أبرزها تشكيل حلف إسرائيلي أوروبي لمواجهة سياسات الأتحاد الأوروبي الداعمة لخيار السلام وحقوق الفلسطينيين السياسية. ووفق ما أعلن بيبي، فإن حلفه الجديد يفترض ان يضم الأقطاب الأوروبية الكبرى: بريطانيا، فرنسا، المانيا وإيطاليا وهولندا. ولكن لا يرتكز الحلف على الأنظمة السياسية الأوروبية القائمة، بل يراهن رئيس حكومة الإئتلاف الإسرائيلي اليميني المتطرف على إنتصار قوى اليمين الأوروبي، الذين إجتمعوا في أعقاب تولي الرئيس ترامب مهامه الرئاسية بيوم واحد في مدينة كويلنس بالمانيا. وهي قوى معادية لسياسة الأتحاد الأوروبي، وتعمل على تفكيكه، وتعتبر بريطانيا نموذجها ومثلها الأعلى. كما اعلنت رئيسة الجبهة الوطنية الفرنسية، والمرشحة للرئاسة في مايو القادم، ماري لو بان، بأن عام 2017، هو عام "حرية اوروبا"، وهو شعار مؤتمر قوى اليمين، الذي يعني تخلي اوروبا عن العولمة، والعودة للحظيرة القومية، والحمائية المالية والنقدية والإقتصادية السيادية لكل بلد على إنفراد. وهذا التوجه مدعوم بشكل كلي من قبل إدارة الرئيس الأميركي الجديد، حتى انها رشحت سفيرا لها معاد بشكل سافر للإتحاد الأوروبي، فضلا عن ان الرئيس الروسي، بوتين من اشد انصار تفكيك الإتحاد الأوروبي.
بنيامين نتنياهو الرافض لخيار السلام من حيث المبدأ، يدرك أن دول الإتحاد الأوروبي مجتمعة ومنفردة القائمة حاليا لم تتخلى عن دولة إسرائيل. لا بل انها حرصت على مدار تاريخها، على نسج علاقات ودية وقوية معها. إلآ انه في ظل إستشرافه وأقرانه في إسرائيل، بأن اوروبا باتت قاب قوسين او ادنى من التفكك، وأصبح صوت قوى اليمين والشعارات القومية أعلى من صوت العولمة والشراكة، لذا شاء إستباق التحولات والدخول على ملعب هذه القوى، مفترضا انها ستكون نصيره في التصدي لخيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967. مع انه ايضا يعلم ان هذه القوى معادية للسامية، ولا يعترف العديد من مكوناتها بالهولوكوست. غير ان رهانه، يقوم على الدور المركزي، الذي يمكن ان يلعبه الرئيس دونالد ترامب ورئيسة وزراء بريطانيا، تيريزا ماي لإيجاد جسر متين مع تلك القوى المحافظة.
وقبل بلوغ إستشراف ما يحمله المستقبل لهذا الحلف، فإن المنطق يشير، إلى ان الإتحاد الأوروبي القائم أفضل كثيراً لدولة التطهير العرقي الإسرائيلية. لإنه رغم مرور خمسين عاما على حرب الرابع من حزيران يونيو 1967 وسبعين عاما على نكبة الشعب العربي الفلسطيني، إلآ أنه لم يحاول ان يفرض على دولته الإستعمارية إي قيود جدية. ومازال يتعامل بمرونة عالية، ووفق معايير الشرعية الدولية ومرجعيات عملية السلام. ويقدم في ذات الوقت لإسرائيل الدعم في ميادين الحياة المختلفة. اما قوى اليمين الأوروبي، التي على ما يبدو ان الرياح تسير وفق ما تشتهي سفنها، فمازال من المبكر الرهان عليها. لا بل يمكن إستحضار تجربة هتلر الألمانية المعروفة للجميع. أضف إلى ان سياسة ترامب الأميركية تجاه الإستيطان الإستعماري مازالت تتشكل، ولم تحسم تماما، وتشهد تحولا نسبيا لا يصب في مصلحة حكومة الإئتلاف اليميني المتطرف. وبالتالي فإن إستباق نتنياهو الأمور، قد يدفعه ويدفع إسرائيل ثمنا غاليا جداً.
بغض النظر عن ما يسعى إليه نتنياهو، فإن افضل حلفاء إسرائيل، هو الإنخراط في عملية السلام الحقيقية، والإلتزام بإستحقاقات خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران 1967، وضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين على اساس القرار الدولي 194. هذا هو الضمانة الوحيدة والأهم لإسرائيل ولشعوب المنطقة وأوروبا واميركا والعالم أجمع. ام البحث عن حلف مجهول الملامح والخيارات السياسية، فهو اشبه بمن يضرب في الودع او كما يسمونه عندنا في المندل..