حديث منتهى الصلاحية

thumbgen (34)
حجم الخط
 

لا تمر فترة على انتهاء جدال وسجال حول مبادرة للمصالحة بين الدولة المصرية وجماعة الإخوان الإرهابية، حتى تعود من جديد، حيث تطل وجوه قديمة أو جديدة، وتصدر أصوات تدعو إلى المصالحة، ولا يستوعب من يطرح هذه الأحاديث ردود فعل الرأى العام المصرى الذى بات يرفض سماع مثل هذه الأصوات ولا رؤية هذه الوجوه التى شاركت غالبيتها فى خداع الشعب المصرى بعد ٢٥ يناير، وشارك العدد الأكبر منهم فى اجتماع «فيرمونت» الشهير الذى استُخدم لدعم ومساندة محمد مرسى.

حديث المصالحة هو حديث منتهى الصلاحية يسعى كل من يطرحه إلى تحقيق مكاسب شخصية أو للجماعة، ففى الحقيقة لا توجد مصالحة بين جماعة ودولة، لا سيما إذا ما كنا نتحدث عن دولة مركزية عريقة كمصر، وأى حديث من هذا القبيل ينطوى على إهانة للدولة وتاريخها، وينسف كل ما حققه الشعب المصرى من إنجازات خلال الفترة الماضية. لقد حصلت الجماعة على أكثرية مقاعد مجلس الشعب، وحصدت منصب الرئيس، وأخذت الفرصة كاملة فى حكم البلاد، فماذا فعلت؟ بدأت فى تنفيذ مخطط لتفكيك مؤسسات الدولة المصرية، استهدفت مؤسسة القضاء، وسعت إلى إلغاء دور المحكمة الدستورية العليا، استهدفت مؤسسة الشرطة وسعت إلى اختراق الأجهزة الأمنية وزرع عملاء لها، طالبت الجماعة بحصة فى كلية الشرطة والكليات العسكرية، كانت تعقد اجتماعات مكتب الإرشاد فى مقر رئاسة الجمهورية، وكان المرشد يقود الاجتماعات، بينما يتقهقر من انتخبه الشعب رئيساً إلى الصفوف الخلفية حسب موقعه التنظيمى داخل هياكل الجماعة. قام الرئيس المدنى المنتخب بفتح خزائن أسرار البلاد، ومن بينها تقارير أجهزة أمنية سيادية، وخطط تسليح الجيش ومشروعات التسليح فى المستقبل، وقام بتهريب هذه الخطط إلى المخابرات القطرية، فباتت دويلة قطر تمتلك أدق أسرار الدولة المصرية وخطط تسليح جيش مصر، وبما أن هذه الأسرار باتت فى حوزة قطر، فإن توقع تمريرها إلى الولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا أمر قائم، كما أن تسرّب هذه التقارير إلى أيدى جماعات إرهابية تقاتل فى سوريا وليبيا والعراق وتتطلع إلى مصر، أمر متوقع أيضاً.

جماعة يقوم أنصارها بحرق محولات الكهرباء واستهداف أبراج الضغط العالى، والاعتداء على المصريين بهدف الانتقام منهم لخروجهم على حكم المرشد والجماعة، جماعة تقوم كوادرها بسكب الزيوت على الطرق السريعة لإيقاع حوادث على المشاع، وقتل المصريين على الهوية، جماعة لا تؤمن بالوطن ولا قيمة المواطنة، وترى فى الوطن مجرد مصر من أمصار كثر، ترى وطننا مجرد حفنة من التراب العفن، بينما يُقبّلون التراب الأمريكى كما فعل محمد صلاح سلطان، جماعة صلى قادتها ركعات شكر لله، احتفالاً بهزيمة الجيش المصرى فى عدوان يونيو ١٩٦٧، جماعة تبتهل قياداتها وكوادرها إلى الله كى يخسر الفريق القومى لكرة القدم فى نهائيات كأس الأمم الأفريقية، جماعة تفعل كل ذلك هى جماعة إرهابية خارجة على الإجماع الوطنى، جماعة ضد الوطن والشعب، ومن ثمّ فإن أى حديث عن المصالحة هو حديث ينطوى على خيانة للوطن والشعب، فلا مصالحة مع من ارتكب جرائم التحريض، القتل، الخيانة العظمى، بنقل أسرار البلاد إلى أيدى الخصوم والأعداء، وعلى الشعب أن يكشف ويلفظ كل من يتاجر بقصة المصالحة، فلا مصالحة مع قتلة ومجرمين وخونة للوطن.

عن الوطن المصرية