الحرب الاسرائيلية الاخيرة كانت كاشفا كبيرا للأزمات الصحية التي يعاني منها قطاع غزة ، فمن اكثر القضايا التي طفت على السطح بعد انتهاء الحرب تكدس اعداد المرضى المحتاجين للعمليات الجراحية.
حيث يشتكي الكثير من المرضى في محافظات غزة من طول انتظار يفصل بينهم وبين إجرائهم العمليات الجراحية في المشافي الحكومية ، فمنهم من ينتظر لأشهر وآخرون لأكثر من عام ، الأمر الذي أصاب المرضى بحالة من التذمر والسخط ، فهم بين نار الخوف من تفاقم الحالة الصحية ، ونار الالم والمعاناة.
فهؤلاء المرضى يلجأون للمشافي الحكومية للتخفيف من التكاليف المالية التي يغطيها التأمين الصحي، ولكن يصطدم المواطن بأن اعداد هائلة امامه في سجل العمليات مما يجبر ان ينتظر عمليته التي قد تكون في السنة المقبلة.
.
يعاني من آلام شديدة في الظهر وعمليته بعد 10 اشهر
ويقول محمود ابو جلهوم من وسط غزة ، انه يعاني من اّلاماً شديدة في الظهر ، حتى انها تجعله لايستطيع الحركة والمشي لمسافات طويلة مما اجبره ترك عمله ، وعندما اجرى الفحوصات الطبية عند اخصائي اكتشف انه مصاب بالغضروف يحتاج الى عملية بأسرع وقت ممكن .
وأضاف: “توجهت إلى مستشفى الشفاء الطبي في مدينة غزة، لإجراء عملية جراحية على التأمين لأرتاح من ألامي، حسب الفحوصات التي أكدت بضرورة الاستعجال في إجراء العملية، لكن مشفى الشفاء حجز الموعد بتاريخ 14/3/2016 ، أي بعد ما يقارب الـ 10 اشهرً” ، معرباً عن استغرابه لهذا الموعد الطويل رغم التقرير الصادر عن ظرورة السرعة في تنفيذ العملية وعند السؤال عن السبب، أشاروا أنه الموعد المناسب حسب الجدول حيث يسبقه المئات لإجراء ذات العملية، ورغم المحاولات لتقريب الموعد إلا أنها باءت بالفشل.
وتابع ابو جلهوم حديثه قائلاً “اعاني من الام شديدة جدا حتى انني لا اتحملها في كتير من الاحيان، وأريد الانتهاء منها بأي طريقة، توجهت لإحدى المشافي الخاصة، ليتبين أن تكلفة العملية تصل إلى 25 ألف شيكل، وهذا ما أعجز عنه، لأستعين بالمسكنات حتى يأتي موعد العملية”.
استدان المال ثمن عملية رضيعه في مشفى خاص
الرضيع رامي ابو طويلة والذي يبلغ من العمر 8 اشهر، أجرى عمليته الجراحية في مشفى خاص ، بعد أن استدان والده المال والذي يعمل موظفاً حكومياً ، يقول والده ، إن ابنه أصيب “بفتق” في بطنه بعد أسبوع من ولادته، تم تحويله إلى العيادات الخارجية في مستشفى الشفاء الحكومي في غزة ، وحاله حال ابو جلهوم فقد قرر له عملية مستعجلة ، وبسبب الأزمة تم تأجيل موعد الزيارة للطبيب إلى السادس عشر من ذات الشهر لتحديد موعد العملية الجراحية حيث حجز له يوم الثالث من شهر مايو من العام الجاري ، بحجة أن الحالة غير طارئة، رغم أن الطفل يبكي باستمرار وتتشنج رجلاه بسبب الفتق ، محاولات عدة لتقريب الموعد، فالطفل لا يهدأ ومستمر في البكاء، إلا أن ذلك مستحيل، فأجريت له العملية في مستشفى الكرامة التخصصي في اليوم التالي بتكلفة 1200 شيكل.
وأضاف والده “أعمل معلماً في إحدى المدارس الحكومية بغزة، وبسبب أزمة الرواتب، استدنت المبلغ من شقيقي لإجراء العملية، وإلا فالطفل سيبقى على بكائه ، لأنه لا يستطيع التعبير عن ألمه إلا بذلك”، متسائلاً: “إذا كانت المشافي الحكومية تعجز عن توفير العلاج في الوقت المناسب فلماذا التأمين الصحي ؟ من حقي كمواطن أن أجد العلاج في أي وقت وفي أي مكان، وقائمة الانتظار الطويلة هذه يشجع “البيزنس” الطبي الخاص المتداول بعمل هذه العمليات وغيرها بمستشفيات خاصة يستفيد منها الطبيب والمستشفى”.
قائمة الانتظار تشجع “البزنس” الطبي
اما ابو احمد فيروي لنا قصته الغريبة حيث قال توجهت الى مشفى الشفاء الحكومي لكي احجز لعملية لحمية فالتقيت بالطبيب ولكنه حجزها لي بعد سنة من اليوم التى توجهت فيه ، وبسبب بعد الموعد اضطررت لاجراءها في مشفى خاص ولكن المفاجاة كانت ان الطيب الذي سيجري لي العملية بعد يوم هو نفسه الذي التقيته واجلها لي بعد سنة .
وفي لقاء مع الدكتور في مشفى الشفاء الطبي محمود احمد قال ان تاجيل العمليات شيئ طبيعي حيث الاكتضاض الكبير في عدد المرضى المتداولون يوما الي المشفى ، واشار نحن دائما في خدمة المريض ولا نسمح بأي تدهور في حالة مريض حيث ان كل مريض يذهب الى طبيب مختص ليفحصه ويرى مدى حاجته لاجراء العملية.
ومشددا اننا لا نترك اية عملية مستعجلة الا ونجريها باسرع وقت ممكن ، ونقوم بحجز مواعيد لاصحاب العمليات البسيطة. واضاف ان الاكتضاض في اعداد المرض في مستشفياتنا انما يكون ناتج عن الثقة والرضى بمستشفياتنا وما توفره لهم وهذا فخر لنا .
مشيرا الى ان سياسة الانتظار موجودة في جميع المشافي وليست فقط في فلسطين . وختم حديثه برسالة الى المواطنين داعيا الى التعاون مع وزارة الصحة وتفهم الامر لان طاقمها بكل مستوياته الادارية وموظفيه والعاملين فيه يسعون جاهدين لتوفير ما يحتاجه المواطن ضمن الامكانيات الموجودة والمتوفرة .
وهنا يجدر التنويه ان قطاع غزة يعاني من نقص في المستشفيات الحكومية الكبيرة القادرة على استيعاب الاعداد الكبيرة من المرضى ، وكانت الحرب الاخيرة شاهدا على العجز الطبي الكبير الذي يعاني منه قطاع غزة.
ويبقى السؤال اين وزراء الصحة على مدار 20 عاما من قطاع غزة و دراسة الحالة والحاجة الصحية لأهله ..؟؟!!