يحيى السنوار.. الرجل الأقوى في «حماس»

961
حجم الخط

تواجه قيادة «حماس» في قطاع غزة، هذه الاثناء، برنامجا يوميا مكتظا ومليئا بالتناقضات. فبعد سنوات من محاولات ركض «حماس» يبدو أن سلطة الجنرالات في مصر مستعدة، الآن، لتحسين علاقتها مع المنظمة، الامر الذي يجد تعبيره في تخفيف ما للحصار المشدد على القطاع. ومن المفروض أن تنتهي العملية المعقدة للانتخابات في مؤسسات «حماس» في الأشهر القريبة.
تحاول إسرائيل تسريع المفاوضات لإعادة المواطنين الثلاثة المفقودين وجثتي الجنديين الإسرائيليين المحتجزتين في غزة. وفي الخلفية تستمر المنظمات السلفية في إدارة ظهرها لنظام «حماس» من خلال محاولة التحرش باسرائيل، سواء أكان ذلك من اجل تصفية الحسابات حول تعذيب نشطائها في غزة، أم الانتقام من التقرب بين «حماس» ومصر، التي تحارب فرع «داعش» في سيناء.
في كل هذه الخطوات تبرز القوة المتصاعدة للذراع العسكرية لـ»حماس» على حساب الذراع السياسية، التي قادت المنظمة في القطاع في السنوات الاخيرة، حتى لو لم تنجح في فرض سيطرتها بشكل كامل على النشطاء الارهابيين.
حسب الأنباء التي نشرت في صحيفة «الشرق الاوسط» في نهاية الاسبوع الصادرة في لندن، فان الذراع العسكرية تسجل انجازات في الانتخابات الداخلية في غزة على حساب الذراع السياسية.
يناسب هذا الادعاء انطباعات الاستخبارات الاسرائيلية، ويبدو الآن أن اسماعيل هنية، رئيس حكومة «حماس» في القطاع، سيحل مكان خالد مشعل في المنصب الأهم، وهو رئيس المكتب السياسي للمنظمة. واضافة الى هنية، هناك مرشحان آخران هما عماد العلمي وخليل الحية، اللذان يخضعان لتأثير الذراع العسكرية أكثر من مشعل.
زيادة قوة الذراع العسكرية تتم في ظل وجود شخصية جديدة نسبيا في النخبة: يحيى السنوار، الذي أطلق سراحه في صفقة شاليت في تشرين الاول 2011. يوصف السنوار الآن بأنه الرجل الأقوى في الذراع العسكرية، حيث استطاع أن يتجاوز بتأثيره ومكانته الشخصيتين الرفيعتين في الذراع، محمد ضيف ومروان عيسى. الشخصية الرفيعة الاخرى، أحمد الجعبري، الذي وصف في السابق كرئيس اركان «حماس»، اغتيل على أيدي اسرائيل في القطاع في بداية عملية «عمود السحاب» في تشرين الثاني 2012.
منذ ذلك الحين أصبح محمد ضيف هو المسؤول عن العمليات العسكرية، وقد نجا من عدة محاولات اغتيال. السنوار فاعل أكثر من الناحية السياسية الى درجة أن المصادر الأمنية في إسرائيل تصفه كرئيس الجناح الصقري في القيادة في غزة.
السنوار يبلغ (55 سنة) من عمره، ترعرع في مخيم خان يونس للاجئين، المنطقة التي ترعرع فيها محمد دحلان. وكان السنوار من أوائل النشطاء في كتائب عز الدين القسام، الذراع العسكرية لـ»حماس»، التي أقيمت في بداية الانتفاضة الاولى. في العام 1989 حكم السنوار بالمؤبد في اسرائيل بسبب قتله الفلسطينيين الذين اشتبه بانهم متعاونون. شقيقه الاصغر، محمد، كان قائداً لمنطقة خان يونس. وكان محمد على صلة بعملية اختطاف جلعاد شاليت في حزيران 2006، التي أدت بعد خمس سنوات الى اطلاق سراح يحيى.
في سجن نفحة ركّز يحيى السنوار من حوله نشطاء موالين له، اثنان منهم، أطلق سراحهما معه، حظيا بمناصب مركزية في الأجهزة الأمنية لـ»حماس»: روحي مشتهى، مسؤول ملف الأسرى، وتوفيق أبو نعيم، رئيس جهاز الأمن الداخلي في القطاع.
يفرض السنوار الخط المتشدد لـ»حماس» أيضا في المفاوضات حول تبادل الأسرى. وبعد اطلاق سراحه في العام 2011 وعد السنوار في مهرجان في غزة بأنه لن يهدأ الى أن يحرر جميع أسرى «حماس» بالقوة من السجون الاسرائيلية. وحسب التفاصيل التي تسرب بشكل غير مباشر من المفاوضات، يبدو أن السنوار وزملاءه يريدون الحصول على تنازلات كبيرة نسبياً من إسرائيل: في البدء اطلاق سراح 56 من محرري صفقة شاليت في الضفة، والذين أعادت اسرائيل اعتقالهم بعد اختطاف الفتيان الثلاثة في «غوش عصيون» في حزيران 2014، ومن ثم إطلاق سراح أسرى آخرين.
في بداية الشهر تحدثت وسائل الاعلام العربية عن أن «حماس» رفضت اقتراحا اسرائيليا جديدا كان من شأنه أن يحدث تقدما في المحادثات. الفلسطينيون الذين التقوا السنوار قالوا إنه شخص «متطرف» قياسا مع منظمته، وهو يتحدث بمفاهيم نهاية العالم والحرب الأبدية ضد إسرائيل.
يبدو أن إسرائيل تعتبر السنوار مصدراً للمشاكل. في موقع الانترنت الجديد (باللغة العربية) لمنسق شؤون «المناطق»، الذي تم افتتاحه، الاسبوع الماضي، يوجد وصف موسع لقضية محمد شتيوي – اعدام قائد كتائب «حماس» في حي الزيتون في غزة، قبل سنة ـ. وفي السابق انتشرت في القطاع ادعاءات مختلفة حول خلفية موته.
منسق شؤون المناطق يقتبس تغريدة لشقيقة شتيوي نشرتها في الفيسبوك تقول إنه في نيسان 2015، أي بعد اعتقال شقيقها بثلاثة اشهر، وصل السنوار الى بيت العائلة ومعه شتيوي ولوح بالمسدس وهدد العائلة. وفي شباط 2016 تم اعدام شتيوي. وقد بررت قيادة «حماس» هذا الامر بأنه «لاسباب أمنية واخلاقية»، لكن حسب ادعاء منسق شؤون «المناطق» فان السبب الحقيقي هو صراع داخلي في الذراع العسكرية.