لقاء نتنياهو - ترامب.. فرصة لـ «شطب» حل الدولتين

911ac21c45506f451e72d2192fe46a15
حجم الخط

هناك حكاية تُروى عن يهودي في إحدى بلدات المنفى جاء ذات يوم إلى بيته وكان غاضباً.
لماذا وجهك مكفهر؟ سألته زوجته. فأجابها: سمعتهم يقولون إن المسيح جاء. والآن سيأخذنا المسيح جميعنا إلى "بلاد إسرائيل"، وماذا سيحل بالبيت الذي بنيناه بعمل جم؟ الحقول التي اشتريناها بعرقنا؟ فأجابته زوجته: لا تخف. مثلما أنقذ الرب تبارك اسمه شعب إسرائيل من فرعون وهامان وكل مضطهدينا، هكذا سينقذنا برحمته من يد المسيح أيضا.
دونالد ترامب لا بد أنه ليس المسيح، ولكن هذه القصة، التي تظهر برواية مختلفة بعض الشيء في الكتاب الشهير لالتر دروينوف، ليست قصة عن المسيح: بل عن الإنسان. عن أن الخوف الاكبر للانسان هو من التغيير ومن المجهول.
فاليهودي ابن البلدة وزوجته لا يريدان الخلاص لأسباب أيديولوجية، فهما ببساطة يفضلان ما هو معروف ومعتاد. كل من يهز عالمهم طاغية، حتى لو كان هذا المسيح المخلص.
إن رد فعل القيادة الاسرائيلية على انتخاب ترامب، والمقصود أساسا رئيس الوزراء نتنياهو عشية سفره إلى الولايات المتحدة، يشبه أكثر من أي شيء آخر رد فعل ذاك اليهودي وعدم رغبته في خلق مستقبل مختلف عن الماضي. من الصعب ألا نأخذ الانطباع بأن الاصوات التي تنطلق في الايام الاخيرة من واشنطن مصدرها البث الذي تتلقاه واشنطن من إسرائيل، بث يفهم منه أغلب الظن أن سياسة اسرائيل لم تتغير، ورؤيا الدولتين لا يزال قابعاً في اساسها.
ينبغي القول بوضوح: انتخاب ترامب فرصة لا تتكرر للقيادة الاسرائيلية لإعادة فتح اللعبة. للخروج من الفكرة التي تثبتت وبموجبها لا مفر من السعي إلى حل الدولتين.
لقد كانت الادارة الجديدة منفتحة على أن تسمع من إسرائيل إلى أين تتطلع، الا انه لا يمكن لاي إدارة أميركية أن تتجاوز حكومة اسرائيل من اليمين.
اذا قال نتنياهو لترامب انه يرى رؤيا الدولتين هو الحل فان ترامب سيتوقع من نتنياهو بشكل طبيعي ان يتصرف بناء على ذلك.
أما اذا كان نتنياهو يريد تغيير الاتجاه فهو ملزم بأن يوضح ذلك للادارة، حتى وإن كان بكتمان، وبالتأكيد الا يقسم مرة اخرى باسم حل الدولتين.
واذا كان تخوف نتنياهو من التغيير سيدفعه ليطلق النغمات ذاتها فان نافذة الفرص ستغلق.
إدارة ترامب ستغلق هي ايضا على حل الدولتين. نافذة الفرص هذه قد تغلق بعد لقاء نتنياهو – ترامب، وبالتالي لن يكون سهلا على نتنياهو اجراء التغيير.
أما اذا كانت اسرائيل محبة للحياة فلا مفر من تغيير الاتجاه رغم المصاعب التي ينطوي عليها.
ويبدو هذا الآن انه لا يزال ممكناً، أما بعد بضعة اسابيع، بل ربما أيام، فمن شأن هذا أن يصبح متأخراً.