هل نحن بحاجة لعيد الحب؟

14202593_1352587754751710_7346922470019169575_n
حجم الخط

كثيرا منا يتمنى عودة الزمان للوراء –مع أن ذلك مستحيلا_ لكن عندما تسأله عن السبب فيجيبك :"أن الناس ‏كانت تحب بعضها البعض" ولم نك نرى الخلافات والنزاعات التي نراها اليوم حتى الزيارات وتبادل الهدايا ‏وغيرها لم نعد نراها اليوم في عالمنا اليوم , مع أن نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم قد دلنا على ذلك حينما قال " تهادوا تحابّوا " ‏لكن العالم الافتراضي الذي نحياه اليوم جعلنا نجلس في بيوتنا خلف شاشة صغيرة لنهنئ فلانا بزواجه وفلانة ‏بمولودها وآخر ببيته الجديد دون رؤيتهم أو حتى الاتصال بهم وسماع صوتهم , حتى وصل بنا الحال أن ‏نعرض طعامنا وشرابنا على مواقع التواصل الاجتماعي ثم ندعو الاخرين لتناوله معنا  بوضع اعجاب أو ترك ‏تعليق!! دون مراعاة لشعور الآخرين ودون الإحساس بالمحرومين اذين باتوا يسألون عن ماذا دهى تلك الناس؟ ‏وأين تبادل الزيارات والهدايا والطعام وغيره الذي كنا نسمعه من امهاتنا وجداتنا؟, بل أين الذين كانوا يسألون ‏عنا وعن حالنا, لقد عاش اجدادنا زمن لم يكونوا فيه بحاجة لعيد حب أو عيد أم أو عيد ...

لقد راعني النسب المهولة الموجودة في المحاكم وحجم وكم القضايا المسجلة لديها , وكذلك الاحصائيات ‏الأخيرة حول نسب الطلاق بين الأزواج , وكذلك حجم القضايا التي تنشرها الشرطة في كل عام والأرقام ‏المرعبة لفض النزاعات والاشتباكات بين الناس , ناهيك عن قضايا النيابة وملفات رجال الإصلاح وغيرهم . ‏وكل ما ذكرت هو ما تم تدوينه فقط ومالم يتم تدوينه هو بالتأكيد أكثر.

ماذا دهانا ؟! وما الذي أوصلنا لهذه الاحصائيات؟ الجواب ببساطة هو انحراف بوصلتنا من حب الآخرين لحب ‏ذواتنا وتقديم مصالحنا الشخصية على المصالح العامة . والحل يكمن في توجيه البوصلة من جديد نحو حب ‏الله عز وجل الرحمن الرحيم الودود, فهو الحبيب الأول والآخر , وفي الحديث القدسي " إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى ‏جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ فَيُحِبُّهُ ‏أَهْلُ السَّمَاءِ ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ", فديننا يأمرنا بالحب , وأي دعوة تتجاهل الحب هي دعوة عرجاء ‏‏"النابلسي". فبحب الناس تستطيع أن تمتلك قلوب الناس , وبدون الحب لا معنىً للحياة , فالحب هو الحياة ‏والحياة هي الحب.

ما أحوجنا في هذه الأيام لعيد الحب وليس ذاك العيد الذي يأتي مرة كل عام لكننا بحاجة لكل يوم حب لكل ‏ساعة حب نعلن فيها حبنا لله ورسوله والناس أجمعين نترجم فيه واقعا حبنا لآبائنا وأبنائنا وزوجاتنا وأرحامنا ‏وجيراننا وأصدقائنا لنبادلهم ويبادلوننا ذلك الحب الطاهر النقي الذي يؤدي بنا حتما نحو طريق السعادة .‏
إن التاريخ لن يعود بنا لذلك الزمن الذي كانت الناس فيه تحب بعضها البعض وتتواضع لبعضها البعض, ‏ولكننا مطالبون نحن بأن نعود لذلك الزمان وتلك القيم النبيلة والأخلاق الرفيعة .حتى نحب بعضنا البعض ‏وحينها سيعود كل شيئ جميلا كما كنا نسمعه وكما نتمنى أن نراه .‏