يجري الإعداد لعقد المؤتمر الشعبي لفلسطيني الشتات في مدينة إسطنبول التركية في 25 و26 من فبراير الحالي. وحسب زياد العالول، الناطق بإسم المؤتمر، من المتوقع حضور 3000 مشارك من دول العالم المؤتمر. وهو ليس المحاولة الأولى، إنما سبقتة محاولات على هذا الصعيد. غير ان حركة حماس المدعومة من القيادتين التركية والقطرية تريد لهذا المؤتمر، ان يشكل لحظة فارقة في تعميق خيار الإنقسام والإنقلاب في اوساط الشعب العربي الفلسطيني. لاسيما وانه يهدف لإختراق وتمزيق وحدة الصف الفلسطيني حيثما تواجد الفلسطينيون في دول العالم. وكأن الإنقلاب الحمساوي، القائم منذ عشر سنوات في محافظات الجنوب لا يكفي الشعب الفلسطيني.
ولعل المراقب حين يدقق في اللحظة السياسية، التي يتم عقد المؤتمر فيها، يلاحظ انها لحظة تتكالب فيها القوى المتربصة بوحدة الشعب الفلسطيني، غير عابئة بأي توجهات وطنية. فيأتِي عقده بعد إجتماعات بيروت وموسكو، التي تم فيها الإتفاق المبدئي على خطوات إيجابية لتجسير الهوة بين القوى الفلسطينية المختلفة عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية، مهمتها الإعداد للإنتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، والعمل على التحضير لعقد مجلس وطني. وكأن لسان حال حركة حماس للكل الوطني، وخاصة لتلك القوى، التي تحاول ان تضع حركتي فتح وحماس في نفس الموقع والمسؤولية عن الإنقلاب الحمساوي، لسنا بوارد وحدتكم الوطنية. وخيارنا هو الإنقلاب والإمارة، وتنفيذ اجندة الإخوان المسلمين في فلسطين وحيثما أمكن ذلك.
ولا يتوقف الأمر عند حدود ما تقدم. بل إن المؤتمر ينعقد في لحظة تتصاعد فيها ذرى الهجمة الإستعمارية الإسرائيلية على الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967 وخاصة القدس العاصمة. وتتعالى اصوات قطعان المستعمرين في الإئتلاف اليميني المتطرف الحاكم بمن فيهم الرئيس ريفلين، الذي إنضم بالإمس للجوقة الإستعمارية الداعية لضم الأرض الفلسطينية، وفرض السيادة عليها، وتبييض وتشريع المستعمرات، وتصفية خيار حل الدولتين على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وبالتالي تبديد عملية السلام على المسار الفلسطيني الإسرائيلي. وايضا في اللحظة، التي تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة ترامب مواقف عدمية تتجاوز فيها عتبة الإنحياز الأعمى لصالح إسرائيل، لتصل لمستوى المشاركة معها في العملية الإستعمارية ومعاداة التسوية السياسية. وفي ذات الوقت يعلن ممثل قطر، محمد العمادي عن علاقات مميزة بين بلاده وإسرائيل، ويدعو لبناء مطار وميناء في محافظات الجنوب دون التنسيق مع القيادة الشرعية، بهدف تأبيد الإنقلاب الحمساوي.
إذاً المؤتمر يعتبر خطوة خطيرة في الإتجاه المعاكس للمصالح الوطنية العليا. وبصب بشكل مباشر في قناة إيجاد بديل عن منظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب العربي الفلسطيني. رغم ان زياد العالول أعلن "ان المؤتمر لا يهدف للبحث في البديل." لكنه ناقض نفسه، حينما قال، أن "المؤتمر سياسي بإمتياز، ويأتي إنعقاده بعد "غياب" منظمة التحرير الفلسطينية عن الجاليات الفلسطينية." مما كشف عن توجه المؤتمر ومن يقف خلفه. وهذا ما أعلنه الزهار امس في لقائه مع موقع "دنيا الوطن"، حين هاجم قيادة المنظمة، وقال "نحن بحاجة لقيادة بديلة." لإنه حسب ما اعلن عضو المكتب السياسي لحركة حماس، بأن "قيادة المنظمة "تخلت" عن برنامجها السياسي، وتعمل وفق برنامج التنسيق الأمني مع إسرائيل." ونسي الزهار، ان حركته ما إنفكت تنسق مع إسرائيل من فوق وتحت الطاولة. وان المندوب القطري ايضا يقوم بدور إضافي في عملية التنسيق. النتيجة ان حركة حماس وجماعة الإخوان المسلمين عموما ومن يقف معها من الأنظمة العربية والإسلامية تعمل بشكل حثيث على تبديد وحدة الشعب العربي الفلسطيني، وتعميق خيار الإمارة والإنقلاب، وهي شاءت ام أبت تتساوق مع دولة التطهير العرقي الإسرائيلية فيما ستؤول اليه التداعيات الخطرة على المشروع الوطني برمته. وبالتالي على كل فلسطيني وطني، بغض النظر عن إنتمائه الفصائلي او غيره مقاطعة المؤتمر. وعدم الوقوع في شرك الإخوان المسلمين وقيادة الإنقلاب الحمساوية، والعمل على التصدي له، وإفراغه من محتواه التآمري والإنتصار للقضية والشعب والأهداف الوطنية.