"ناتو مصرى".. بالطعم "العربى"

التقاط
حجم الخط
 

تقرير لافت نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» كشفت فيه عن مباحثات تدور بين إدارة الرئيس دونالد ترامب وإدارات عدد من الدول العربية لحشد حلف عسكرى -على غرار حلف الناتو- معادٍ لإيران يُزود إسرائيل بالمعلومات الاستخباراتية. وأشارت الصحيفة الأمريكية، نقلاً عن مصادر حكومية عربية، إلى أن التحالف المحتمل سيضم بلداناً بينها السعودية والإمارات ومصر والأردن، على أن تلتحق به دول عربية أخرى فى وقت لاحق من تشكيله. لعلك تابعت الدعوة التى تبنّتها مصر فى ما سبق لتكوين قوة عربية مشتركة، وهى الدعوة التى لم يستجب إليها أحد من العرب، وكان الهدف المعلن لهذه القوة مواجهة الإرهاب والجماعات الإرهابية التى نشبت مخالبها فى أراضٍ عربية متنوعة. الدعوة إلى إنشاء قوة عربية مشتركة هذه المرة مصدرها «واشنطن» و«تل أبيب»، وأهدافها مختلفة، وهو أمر يدعو إلى التأمل من من زاويتين.

الزاوية الأولى تتعلق بحكاية «المواجهة بالوكالة» التى يتبناها صانع القرار الأمريكي - الإسرائيلى. فثمة تفكير من جانب هاتين الدولتين فى توظيف أيدٍ عربية فى حل ما يواجههما من مشكلات. لا خلاف على أن القدرة العسكرية المتنامية لدولة إيران، خصوصاً ما يتعلق بالملف النووى والصواريخ بعيدة المدى يثير قلق كل من أمريكا وإسرائيل، ويدفعهما إلى محاولة محاصرة إيران بكل الطرق الممكنة، وفى الوقت نفسه فإن التمدّد الإيرانى فى المنطقة، سواء داخل سوريا أو لبنان أو اليمن، يثير قلقاً لدى دول الخليج. بالنسبة إلى مصر يبدو الأمر مختلفاً، فإيران لا تشكل بالنسبة لنا تهديداً من أى نوع أو على أى مستوى، بل ثمة نوع من الهدوء فى العلاقات بين البلدين، ظهر صداه فى القرار العراقى بتزويد مصر بالبترول، بمباركة إيرانية بالطبع. فما الداعى لأن يكون مقر الحلف المقترح هو القاهرة؟!.

هذه واحدة.. الزاوية الثانية تتعلق بهيكل وبنية القوة المشتركة أو «حلف الناتو العربى». ذكر تقرير «وول ستريت» أن الحلف سيبدأ بأربع دول هى السعودية والإمارات ومصر والأردن. مسألة مضحكة أن يتحدث البعض عن حلف «عسكرى»، يضم أربع دول، لا يوجد فيها سوى دولة واحدة، لديها جيش قوى ومنظم قادر على القتال وخوض المعارك، وهو الجيش المصرى. كلام الأمريكان والإسرائيليين يعنى ببساطة أنهم يريدون أن تقف القوة العسكرية المصرية فى مواجهة إيران، وأى حديث عن مشاركات عربية أخرى فى هذا السياق، لا تعدو أن تكون نوعاً من «الغسيل»، لتمرير الفكرة أو المقترح، وإضفاء نوع من الشرعية الإقليمية عليه. وفى ظل عدم وجود مبرر موضوعى -على الأقل فى اللحظة الحالية- يدفعنا إلى مواجهة مع إيران، يقفز سؤال: ما الداعى لمجازفة عسكرية من هذا النوع؟، مضطر لأن أقول إنها تتم لحساب كل من الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل من ناحية، ولحساب المملكة العربية السعودية التى قررت وقف ضخ البترول إلى مصر -طبقاً لاتفاقية السنوات الخمس- بسبب غضبها من وقف تنفيذ اتفاقية ترسيم الحدود معها. فى الختام نقول إن أفكاراً وأخباراً عديدة، أغلبها يخص مصر، كانت مطروحة خلال لقاء «نتنياهو - ترامب»، لم نسمع لمسئول مصرى واحد إزاءها صوتاً ولا صدى.. لعل المانع خير!.

عن الوطن المصرية