عندما يدعو بنيامين نتنياهو إلى «الحل الإقليمي» للقضية الفلسطينية فإنه ينسى أنَّ إسرائيل بإحتلالها للضفة الغربية هي التي دمرت هذا الحل الأقليمي الذي يطرح الآن، بالإستعانة بالرئيس الأميركي دونالد ترمب، كمؤامرة واضحة وضوح الشمس إلا لأعمى البصر والبصيرة هدفها دفن حل الدولتين الذي بات مطلباً دوليا وحقاًّ فلسطينياًّ وحيث أنه قد أصبح أنْ لا إنهاء لهذا الصراع إلا بقيام دولة للشعب الفلسطيني على حدود الرابع من حزيران «يونيو» عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية التي تضم المسجد الأقصى وقبة الصخرة المشرفة وحائط البراق.
كان الأردن قد إتخذ ذلك القرار الشجاع في عام 1988 بفك الإرتباط بين، المملكة الأردنية الهاشمية، والمقصود هنا هو الإرتباط الإداري وليس العلاقات بأرض عربية محتلة وبشعب شقيق لا يمكن فك الإرتباط به، والضفة الغربية عندما إتخذ المجلس الوطني الفلسطيني في دورته التي إنعقدت في الجزائر قراره بإعلان قيام الدولة الفلسطينية وهذا جاء إستناداً لقرار قمة الرباط العربية في عام 1974 بأن منظمة التحرير هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني وحيث إلتزم الأردن بهذا القرار كما إلتزمت كل الدول العربية ومعظم دول العالم ومن بينها بالطبع الدول الإسلامية .
وهنا فإن ما تجب الإشارة إليه والتأكيد عليه هو أن الأردن، بعدما إختار الأشقاء الفلسطينيون خيارهم هذا الذي أستند إلى قرار قمة الرباط العربية في عام 1974 والذي أتبعوه بإعلان قيام الدولة الفلسطينية في عام 1988 ، قد أصبح موقفه الذي لا يمكن أن يكون هناك موقف غيره، هو التمسك بحل الدولتين ودعم الشعب الفلسطيني الشقيق لإقامة دولته المستقلة على أرضه التي أحتلت في عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية .
إن قيام الدولة الفلسطينية بالإضافة إلى أنه حق للشعب الفلسطيني، الذي له في حقيقة الأمر الحق كله في كل فلسطين، هو مصلحة أردنية قومية ووطنية وذلك لأن الإسرائيليين عندما يتحدثون عن هذا الحل الإقليمي الذي يتحدثون عنه فإنهم يقصدون إعادة الضفة الغربية إلى الأردن، مهشمة ومجزأة ومزروعة بالمستوطنات وبأمن إسرائيلي من النهر إلى البحر، وهذا لفترة زمنية محددة وبإنتظار الظروف الملائمة لإقتلاع باقي ما تبقى من الفلسطينيين في بعض أرضهم ورميهم بالقوة والعنف شرقاً وعلى غرار ما جرى في عام 1948 وعام 1967.
لقد نص إتفاق أريحا في عام 1949، الذي تم الإعلان فيه على وحدة الضفتين ، الضفة الشرقية والضفة الغربية ، في إطار المملكة الأردنية الهاشمية، على أن من حق الأشقاء الفلسطينيين أن يتخلوا عن هذا الإتفاق عندما تستجد الظروف الذي تتطلب ذلك ويقيناً أن هذه الظروف قد أستجدت في عام 1974 عندما إتخذت قمة الرباط العربية ذلك القرار الذي نص على أن :»منظمة التحرير ممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني» وأيضاً عندما إتخذ المجلس الوطني في دورة عام 1988في الجزائر قيام الدولة الفلسطينية ثم وعندما أصبحت هذه الدولة عضواً مراقباً في الأمم المتحدة وفي العديد من الهيئات الدولية وأيضاً عندما إعترفت بها الأمم المتحدة دولة تحت الإحتلال.
وهكذا وبالطبع فإن الأردن، الذي يعرف أن ما لوَّح به بنيامين نتنياهو هو هدية مسمومة وهو مؤامرة على الشعب الفلسطيني وقضيته التي هي قضية أردنية وعربية بل هي القضية الأولى، قد بادر إلى التأكيد على أنه لا خيار إلا خيار حل الدولتين وأنَّ طرح الحل الإقليمي وبخاصة في هذا الوقت بالذات هو مؤامرة مكشوفة ومناورة بائسة لا يمكن أن تمر لا على الأشقاء الفلسطينيين ولا على الأردنيين ولا على العرب ولا على العديد من دول العالم التي تنظر إلى القضية الفلسطينية على أنها قضية شعب مكافح ومناضل وأن لهذا الشعب الحق في أن تكون له دولته المستقلة وإنْ على مجرد نحوعشرين في المائة من وطنه التاريخي .. فلسطين.