"الليكود" في "فخ" المستوطنين

8ff2056d-8825-4d3d-a7b2-6475a804de23
حجم الخط

هذه ليست «حقائق بديلة»، وليست «فايك نيوز». إنه من الصحيح ببساطة أن الصداقة بين رئيس الحكومة ورئيس الولايات المتحدة جيدة لدولة اسرائيل. ومن المهم ايضا أن ترامب يعتبر ايران خطرا حقيقيا على أمن اسرائيل وأمن العالم، وهو يعمل في هذا الامر. ومهم ايضا قراره اقامة طواقم عمل مشتركة في جميع المجالات، من الامن والسايبر وحتى الاقتصاد. إن المظلة الاميركية لاسرائيل مهمة ايضا في المجال التجاري وهي تساهم في نجاح زيارة نتنياهو في سنغافورة واستراليا.
لكن هذه الأنباء الجيدة لا تلغي الفخ الكبير الذي وقع فيه نتنياهو و»الليكود». فهما يوجدان بين المطرقة والسندان، ولا يستطيعان البلع أو التقيؤ. من جهة لا يريد مصوتو «الليكود» ضم المناطق واعطاء حقوق متساوية للفلسطينيين. فهم يعرفون أنه مع 40 في المئة من الفلسطينيين سينتهي الحلم الصهيوني. هم لا يريدون ضم 2.5 مليون فلسطيني لاسرائيل يكون لهم حق الانتخاب للكنيست. ومن جهة اخرى، هم ليسوا مستعدين للفظهم ايضا. وليسوا مستعدين للتنازل عن المناطق والسماح للفلسطينيين باقامة دولة مستقلة. فهذه بالنسبة لهم ستكون دولة ارهاب ستقصفنا بالصواريخ الايرانية.
هم ايضا لا يستطيعون ضم المناطق «ج» لاسرائيل وتركيز الفلسطينيين في مناطق «أ» و»ب» فقط ضمن حكم ذاتي محدود، مقسم وفقير ومحاط بالجيش الاسرائيلي الذي يسيطر على الداخل والخارج. هذا يعني تحويل دولة اسرائيل الى دولة فصل عنصري، والعالم لن يوافق على ذلك، والادارة الاميركية لن توافق على ذلك ايضا. اذا لماذا يعلن اعضاء الكنيست ووزراء «الليكود»، صبح مساء، عن نية ضم «غوش عتصيون» و»معاليه ادوميم» والمناطق «ج»؟.
هذه هي نتيجة الفخ الذي وقع فيه حزب «الليكود». هذا الحزب يتصارع مع «البيت اليهودي» على اصوات الناخبين داخل المعسكر الديني القومي المتطرف. وهم يعرفون أن مصوتي الوسط – يمين لن يتركوا «الليكود» اذا ذهب باتجاه اليمين في اقواله. وفي المقابل، اليمين القومي الديني المتطرف سيترك «الليكود» لصالح نفتالي بينيت اذا لم يكن هناك حديث كاف عن الضم.
توجد لذلك ايضا اعتبارات داخلية. قائمة «الليكود» للكنيست يتم انتخابها في الانتخابات التمهيدية. من بين 110 آلاف عضو مسجلين رسميا في الحزب يصل الى الصناديق الانتخابية 55 في المئة فقط، أي 60 ألف شخص. لذلك فان من يسيطر على المجموعة الصلبة التي فيها 6 آلاف شخص (10 في المئة من المصوتين) هو الذي يحدد الكثير. يوجد للوزير حاييم كاتس مجموعة كهذه التي تتكون من رجال الصناعات الجوية وعمال آخرين في الشركات الحكومية الكبيرة. توجد لدى المستوطنين قوة أكبر. حوالي 8 آلاف منهم تسجلوا لليكود. وعند الحديث عن المناطق يصوتون كرجل واحد.
في الانتخابات التمهيدية الاخيرة تبين أنه بين مكان وآخر في قائمة الكنيست كانت هناك فجوة تصل الى 800 صوت، لذلك في الوقت الذي يكون فيه لديك 8 آلاف «جندي» يكون لديك افضلية لعشرة اماكن على من تتم مقاطعته من نفس المجموعة. وهذا هو الفرق بين أن تنتخب في المكان العاشر في القائمة (مع فرصة جيدة لتصبح وزيرا) وبين المكان العشرين الذي هو عمليا المكان 24، لأنه من المكان الـ 18 في القائمة يتم اعطاء اماكن مضمونة للشرائح والاوساط المختلفة.
هذا هو السبب الذي يجعل اعضاء الكنيست والوزراء من «الليكود» يذهبون يمينا ويمينا. لذلك فهم يؤيدون كل طلب للمستوطنين. ولذلك يتحدثون عن الضم دون أن يقصدوا هذا بشكل جدي.
هنا يدخل نتنياهو الى الصورة. فهو يمثلهم بالشكل الافضل. وهو لا يريد أي تغيير أو ضم أو حل آخر. هو يريد مواصلة الوضع الراهن دون احداث موجات. هو يحافظ على كرسيه بشكل جيد. لذلك سيقوم بتذويب جميع الاقتراحات التي ستأتي من ترامب من اجل الحل، مثلما حطم مبادرة السلام الاقليمية التي عرضت عليه قبل سنة في قمة العقبة. وفي نفس الوقت سيستفيد من صداقته الشجاعة مع ترامب. وهكذا سيمر عامان حتى موعد الانتخابات القادمة.